- بوتين يعتذر عن عدم لقاء نتنياهو وإسرائيل تهدد بقصف الـ «اس-300»
الأزمة الناشئة في العلاقات بين إسرائيل وروسيا، منذ أواسط يوليو الماضي، بسبب سقوط طائرة التجسس «إليوشن ٢٠» هي، في نظر مصادر إسرائيلية عسكرية، أكبر وأشد مما ينعكس في العلاقات الظاهرية، وأنها في الأسابيع الأخيرة تفاقمت، حيث وجهت موسكو رسالة تحذير إلى إسرائيل، تطالبها فيها بالتوقف عن الأعمال الاستفزازية في سورية.
وذكرت المصادر أن وزارة الدفاع الروسية قطعت الاتصالات مع نظيرتها الإسرائيلية تماما، منذ تلك الحادثة، على الرغم من العلاقات الممتازة التي أقامها الوزير الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وأن ديوان الرئيس فلاديمير بوتين يرفض تحديد موعد للقاء بنيامين نتنياهو، مع أنهما تحدثا في مكالمتين هاتفيتين واتفقا على اللقاء، منذ ٥ أسابيع.
وعندما أعلن مكتب نتنياهو أنه سيلتقي مع بوتين في باريس في الحادي عشر من الشهر الجاري، حيث سيشاركان في مؤتمر دولي للاحتفال بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، قال الناطق بلسان الرئاسة الروسية في موسكو ديمتري بسكوف، أول من أمس، إن «اللقاء الوحيد المقرر لبوتين هو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب».
ومع أن مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية ادعى أن إلغاء اللقاء جاء بموجب طلب فرنسي بعدم إجراء لقاءات جانبية على هامش المناسبة الاحتفالية، فإن مصادر سياسية مطلعة أكدت أن الروس هم الذين ألغوا اللقاء، في خطوة فسرت على أنها «تعبير فظ عن الغضب الشديد» في موسكو من السياسة الإسرائيلية الرسمية، وبشكل خاص إزاء التصريحات حول قصف أهداف في سورية والتهديدات بتدمير صواريخ «إس ٣٠٠» التي سلمها الروس إلى دمشق.
وذكرت المصادر أن الصورة التي حاول نتنياهو إظهارها وكأن العلاقات مع الروس تعود إلى طبيعتها هي صورة مشوهة جاءت لتغطي على الواقع. فالروس غاضبون جدا على إسرائيل ويعتبرون تصرفها طعنا لها في الظهر. وفي الآونة الأخيرة يتفاقم هذا الغضب، خصوصا بعدما قامت إسرائيل بقصف جديد على موقع إيراني آخر في سورية. ومع أن إسرائيل أبلغت الروس بهذا القصف فلم تعترض عليه موسكو، إلا أنها اعتبرته وقاحة زائدة، بشكل خاص عندما قام مسؤول إسرائيلي بالكشف عن هذا القصف قبل أيام. وحسب المحرر العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» ألكس فيشمان، فإن موسكو فهمت أن إسرائيل تحاول فحص رد روسيا على القصف، فقررت توجيه عدة رسائل تظهر فيها موقفها الغاضب. وجاء هذا الرد على عدة أشكال، فقد عاد الخبراء الإيرانيون إلى الانخراط في الجيش السوري المرابط في الجهة الشرقية من الجولان قبالة الجيش الإسرائيلي. كما أن الروس خفضوا من مستوى التنسيق الأمني مع إسرائيل في سورية. إضافة إلى قيام روسيا بتزويد النظام السوري ببطاريات «إس ٣٠٠»، وإعلانهم أنهم يدربون قوات النظام على تفعيلها.
شكل موقف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مفاجأة للإسرائيليين عندما اعتبر أن «تجدد القصف الإسرائيلي على أهداف سورية ليس فقط سيعرض الأمن للخطر، بل سيؤدي إلى عدم استقرار المنطقة». وتنبع أهمية هذا الموقف تحديدا، والرسائل التي تنطوي عليه، أنه يتعارض مع الرهان الإسرائيلي بأن مواصلة الضربات العسكرية، واللعب على حافة التدحرج نحو مواجهة واسعة سيدفع الروسي للضغط على الجانب الإيراني وعلى النظام السوري، من أجل عدم إعادة بناء وتطوير القدرات الصاروخية والعسكرية في سورية، تجنبا لصدام واسع مع إسرائيل انطلاقا من أن ذلك قد يطيح بالإنجازات الروسية. لكن الذي حصل في هذه المرحلة، أن النتائج كانت معاكسة لما راهنت عليه إسرائيل، فبدلا من أن تكون وجهة الضغوط الروسية، نتيجة التلويح بالتصعيد الإسرائيلي، طهران، انقلبت رياح الضغوط واتجهت نحو إسرائيل بحسب محللين روس.
السقف الروسي المرتفع تقول عنه تل أبيب: إنه سيساهم في تقييد حركة سلاح الجو. لذلك قابلته مواقف تصعيدية على ألسنة وزراء من أعضاء المجلس الوزاري المصغر «الكابينت»، والتي أظهرت منسوب القلق لدى مؤسسة القرار في تل أبيب.
وفي هذا السياق، أتى تحذير وزير البيئة زئيف إلكين، من أنه في حال استخدم السوريون صواريخهم الدفاعية الروسية المتطورة، «اس ٣٠٠» التي تم تسليمها مؤخرا لإسقاط طائرات سلاح الجو في الأجواء الإسرائيلية، فسيتم استهداف المنصات، حتى لو أدى ذلك إلى تهديد حياة العسكريين الروس الموجودين في مواقع الإطلاق.
وأقر إلكين بالتهديد الكبير الذي تشكله منظومات «اس ٣٠٠» على القوة الجوية، لافتا إلى أن تزود الجيش السوري بها «قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع».
هذا مع الإشارة إلى أن أهمية مواقف إلكين تنبع أيضا، من كونه رئيسا مشاركا للجنة الحكومية الروسية ـ الإسرائيلية المشتركة، وكان مترجما خلال لقاءات بين نتنياهو وبوتين.
وذهب زميله وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان إلى الدعوة إلى «ضرورة مواصلة استهداف الوجود الإيراني في سورية، حتى لو أدى ذلك بثمن نشوب مواجهة على الجبهة الشمالية».
وأكد أن إسرائيل ستواصل هذا الخيار «لأن التمركز الإيراني في سورية يشكل خطرا وجوديا مستقبليا على دولة إسرائيل».