لا تبدي غالية أي شعور بالندم على تخليها عن حياتها كطالبة في تونس للانضمام لتنظيم داعش في 2014 حتى وهي تتجه إلى مخيم للنازحين بعد أن أوشك النظيم على الزوال.
وكانت الشابة التونسية - الفرنسية ضمن أعداد غفيرة من المدنيين الذين استقلوا شاحنات لمغادرة آخر جيب للتنظيم في الباغوز شرق سورية.
ومثل غالية، كان كثيرون منهم من أقارب مسلحي داعش الذين انضموا للتنظيم وتمسكوا بالبقاء معه خلال سنوات شهدت سلسلة من الانتكاسات حتى تقلصت المنطقة الخاضعة لسيطرته في قرية الباغوز التي يحاصرها الأكراد المهيمنون على قوات سوريا الديموقراطية «قسد» المدعومة من الولايات المتحدة.
وقالت غالية لرويترز: «أرض الله واسعة. أهم شيء أني لن أعود لفرنسا ولا تونس» مشيرة إلى أن حياتها كانت «مستحيلة» في البلدين بسبب قرارها ارتداء النقاب.
وأضافت غالية، التي لم يكن يرافقها سوى طفليها لدى عبورها من نقطة تفتيش على مشارف الباغوز أمس الأول، أنها لا تعرف ما حدث لزوجها، وهو سوري من اللاذقية وينتمي لداعش، بعد أن سافر معها للقرية الواقعة قرب الحدود العراقية.
وقالت وهي تضحك بصوت خفيض من تحت النقاب «إنه في مكان ما... حقيقة لا أعرف أين هو الآن».
وتتجه غالية وطفلاها، وهما طفلة في الثالثة وطفل عمره 18 شهرا، إلى مخيم الهول في شمال شرق سورية الخاضع لسيطرة «قسد».
دخلت غالية إلى سورية من تركيا وعاشت تحت حكم التنظيم في عدة مدن وبلدات من بينها جرابلس التي سيطرت عليها قوات تركية وحلفاء سوريين لها في 2016 والرقة التي كانت المعقل الرئيسي للتنظيم والتي سيطرت عليها قسد في 2017.
وتحدثت بإعجاب عن المجموعة الأخيرة التي تعيش في محنة داخل الجيب الأخير لداعش وقالت: «في الباغوز.. تعلمت كل مبادئ الحياة تقريبا، خاصة في الفترة الأخيرة».
وكانت تلك هي المحطة الأخيرة في رحلة بدأت في تونس بعد ثورة 2011 التي أطلقت شرارة الربيع العربي الذي أطاح بزعماء ليبيا ومصر واليمن وبدأت الحرب السورية الدائرة منذ ما يقرب من ثماني سنوات.
وقالت غالية إن «قيودا صارمة جدا فرضت على المسلمين» في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. ولم تكن هي شديدة التدين آنذاك لكن كل شيء تغير عندما التقت بامرأة منتقبة جاءت إلى تونس من ليبيا بعد الانتفاضة هناك.
وأضافت: «رأيت امرأة ترتدي النقاب.. كنت خائفة إذ أنه كان أمرا غريبا على تونس». وبعد ارتدائها النقاب واجهت غالية صعوبات في مواصلة دراستها في المعهد الفرنسي في تونس ثم في تولوز بفرنسا، التي تحظر النقاب أيضا.
وذهبت غالية إلى سورية مع والدتها ثم انضمت إلى داعش متأثرة بمقطع فيديو دعائي للتنظيم. وتبرأ شقيقها الذي يخدم في الجيش الفرنسي منها. وتشارك فرنسا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يدعم قسد.
وقالت إنها ستلتقي بوالدتها في المخيم والتي كانت قد تركت الباغوز بالفعل وأضافت «سيدبر الله لي أمري».