ينقسم مقاتلو تنظيم داعش المحاصرون داخل بلدة الباغوز، موقعهم الأخير شرق سورية، بين راغبين بالقتال حتى الموت، وآخرين يميلون إلى خيار الاستسلام أو محاولة الفرار من مصير محتوم.
وترجح قوات سوريا الديموقراطية «قسد» التي يسيطر عليها الأكراد، وجود المئات من المقاتلين المحاصرين في نصف كيلومتر مربع داخل بلدة الباغوز، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المدنيين، على رغم إجلاء أكثر من 40 ألف شخص حتى الآن.
في نقطة الفرز المخصصة لتفتيش الخارجين من الباغوز، يشكك أحمد الجورة (32 عاما)، وهو من بين قلة من الرجال سمحت قسد لوسائل الإعلام بالتحدث إليهم، في قدرة مقاتلي التنظيم على الصمود لفترة طويلة.
ويقول، وهو يجلس على الأرض مرتديا عباءة من الجوخ ويلف رأسه بشال بني اللون لوكالة فرانس برس: «هناك من يريد القتال، وآخرون لا يريدون، ومنهم من يريد الفرار».
ولم يعد لدى مقاتلي التنظيم وفق أحمد، «مقومات للقتال». ويسأل «لم يعد هناك من طعام فكيف تقاتل؟ السلاح يحتاج إلى قوة لحمله».
على غرار العديد من الخارجين مؤخرا، يشير أحمد إلى الظروف المعيشية الصعبة في الباغوز مع ندرة المواد الغذائية ومياه الشرب وسواها. ويقول إنه قرر الخروج مع عائلته لأنه: «لم يبق لدي عمل في الداخل، فالوضع سيئ جدا وكنا نشرب مياها متسخة».
وتروي عدد من النساء المنتقبات ويرتدين قفازات سوداء لفرانس برس أن سيارة تابعة لـ «الحسبة»، أي شرطة التنظيم، تجولت في المنطقة المحاصرة وأبلغت تحديدا العائلات والجرحى أن لهم حرية الخيار بالبقاء أم الخروج الى نقاط قسد.
وتقول نور غروش (20 عاما) لفرانس برس: بينما تفترش الأرض مع زوجة شقيقها وإلى جانبها طفل تكفلت بتربيته بعد مقتل والديه مؤخرا، «المقاتلون موجودون في كل مكان».
وتضيف الشابة المتحدرة من محافظ الحسكة (شمال شرق) لفرانس برس: «يمشون في الشوارع بأسلحتهم وجعبهم وأحزمتهم الناسفة».
ولا يزال الكثير من العراقيين والأجانب موجودين داخل الجيب المحاصر وفق شهادات الخارجين حديثا. ويبدو أن الأجانب منهم أو «المهاجرين» كما يسميهم التنظيم، يتمتعون بحظ أوفر من سواهم بسبب قدراتهم المادية.
وتوضح نور «هناك أنصار ومهاجرون.. يشترون ما يريدون، لكن نحن ويا لحسرتنا، لا شيء لدينا» مضيفة: «ثمة أشخاص لم يتغير عليهم شيء في الحصار بينما آخرون ماتوا» جرائه.
وتتحدث عائشة عبد العظيم، زوجة أخ نور، في الثلاثينيات من عمرها، بينما تصرخ ابنتها قربها «ثمة الكثير من العائلات في الداخل، أنشأت خيما من البطانيات وأقامت فيها».
ومع عدم توافر «الكثير من الحاجيات»، توضح عائشة «فقط من لديه الأموال قادر على الشراء، أما نحن، فيوم نأكل وآخر لا».
وفي السياق، قال مسؤول في قسد إن حوالي 40 ألف مدني غادروا الباغوز بما يفوق التقديرات الأولية ويؤجل هجوما أخيرا على الجيب.
وقال مصطفى بالي المتحدث باسم قسد إن الرقم يضم نازحين من بلدة هجين التي تقع على نهر الفرات وسيطرت عليها قوات كردية مدعومة من واشنطن في ديسمبر ومن قرية الباغوز المجاورة التي حاصرتها القوات بالكامل.
وذكرت «قسد» أن معظم مقاتلي التنظيم الذين ما زالوا متحصنين في الباغوز أجانب وأنهم حفروا أنفاقا للاحتماء بها.