لم تفلح العقوبات الاميركية الجيدة التي اعلنتها الإدارة الأميركية، في وقف عملية «نبع السلام» التي تشنها تركيا ضد المسلحي الاكراد المهيمنين على قوات سوريا الديموقراطية (قسد) شرق نهر الفرات، في وقت تضاربت المعلومات حول مصير مدينة منبج ومحيطها بريف حلب غربا.
وفيما أعلنت روسيا أمس أن الجيش السوري سيطر «بشكل كامل» على المدينة، قالت مصادر ميدانية بأن القوات التي دخلت منبج هي وحدات تابعة للمسلحين الأكراد.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن «الجيش الحكومي السوري سيطر بالكامل على مدينة منبج ومحيطها»، إلا أن «رويترز» نقلت عن مقاتلين من المعارضة تأكيدهم أنهم، سيواصلون تقدمهم صوب منبج وإن القوات التي دخلت وقيل انها قوات سورية، أغلبها من المسلحين الأكراد المتحالفين حاليا مع الحكومة.
وقال يوسف حمود المتحدث باسم الجيش الوطني الذي تدعمه تركيا، إن بعض القوات الحكومية دخلت المدينة لكن غالبية القوات التي دخلت من المسلحين الأكراد الذين جاءوا من مدينة حلب التي تسيطر عليها الحكومة السورية.
ونقل موقع «الجزيرة.نت» أن القوات السورية تقدمت في محيط المدينة وتسلمت نقاطا عسكرية، وقامت باستقدام قوات ومدرعات ودبابات في ظل تحليق طيران استطلاع تركي.
وأضاف إن الغموض يلف الوضع الميداني هناك، خصوصا بعد الاتفاق الذي وقع على عجل بين القوات الكردية ودمشق.
وفي السياق، قال مصدر عسكري كردي في منبج لـ«الجزيرة.نت» إنهم اتفقوا مع دمشق على تسليم نقاط المواجهة في محيط المدينة، لتشارك السيطرة على تلك النقاط بهدف وقف الهجمات من قبل تركيا.
وأوضح المصدر أن قوات سورية تمركزت في ثلاثة مواقع رئيسة في بلدة عين عيسى بريف الرقة الغربي وفي شمال منبج وفي نقاط مختلفة شرق وغرب مدينة عين العرب كوباني.
وسبق ذلك، إعلان الجيش التركي وقوات المعارضة السورية المدعومة من قبله، سيطرتهم على ثلاث قرى في محيط منبج.
وقد أكد التحالف الدولي بقيادة واشنطن، أمس الخروج المنظم من المنطقة.
وكتب المتحدث باسم التحالف الدولي مايلز كاينغنز على حسابه على موقع تويتر «تقوم قوات التحالف بتنفيذ انسحاب مدروس من شمال شرق سورية. لقد غادرنا منبج».
ويأتي تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليزيد من غموض المشهد، حيث أكد بأن العملية التي تشنها قواته لن تتوقف حتى «تتحقق أهدافنا».
وقال في خطاب متلفز من باكو «إن شاء الله، سنسيطر سريعا على المنطقة الممتدة من منبج إلى حدودنا مع العراق ونضمن في المرحلة الأولى عودة مليون ومن ثم مليوني لاجئ سوري وبكامل إرادتهم» الى بلادهم.
واثر هذه التطورات تسعى روسيا لمنع الاصطدام بين حليفيها السوري والروسي، حيث أعلن الموفد الروسي الخاص الى سورية ألكسندر لافرنتييف أن روسيا لن تسمح بمواجهات بين الجيشين.
في هذه الأثناء يستمر تخبط السياسة الاميركية تجاه الملف السوري، وبعد أسبوع من تغيير الرئيس الاميركي دونالد ترامب المفاجئ في السياسة الأميركية المتبعة منذ خمس سنوات، وإعلان سحب قواته من منطقة شمال شرق سورية لتمكين تركيا من الهجوم، فرضت واشنطن مجموعة من العقوبات على أنقرة تجاهلتها الاسواق التركية.
وقال منتقدو ترامب إن الخطوات أضعف من أن يكون لها أثر.
منظمات إغاثة دولية توقف عملها وتسحب موظفيها من شمال شرق سورية
أعلنت ما تسمى «الإدارة الذاتية» التي اسسها الأكراد في مناطق سيطرتهم شمال شرق سورية، أن منظمات إغاثة دولية أوقفت عملها وسحبت موظفيها، محذرة من التداعيات الإنسانية لذلك، بعد أسبوع من بدء تركيا وفصائل سورية موالية لها هجوما ضد المسلحين الأكراد.
وقالت الإدارة الذاتية التي تسيطر عليها قوات سورية الديموقراطية «قسد» في بيان «ازدادت الأوضاع الانسانية سوءا، وسط انقطاع تام للمساعدات الإنسانية وقيام جميع المنظمات الدولية بإيقاف عملها وسحب موظفيها من مناطق الإدارة الذاتية».
وأعلنت منظمة «ميرسي كور» أمس الأول «تعليق عملياتها في شمال شرق سورية وإجلاء موظفيها الدوليين» في منطقة تواجدت فيها منذ العام 2014 لتقديم المساعدات الإنسانية.
ووصف نائب مدير المنظمة لشؤون سورية مايد فيرغسون ما يحدث بأنه «السيناريو الكابوس».
وقال «هناك عشرات آلاف الفارين ولا يمكننا الوصول إليهم».
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ليلا أنه «نتيجة التطورات الأخيرة، فإن المزيد من طواقم المنظمات الدولية اضطرت للانسحاب وتعليق العمليات».
وقال إنه بدءا من الاثنين، «بدأ العاملون الدوليون في عمليات المنظمات الدولية غير الحكومية العابرة للحدود» الانتقال إلى أربيل أو دهوك في إقليم كردستان العراق.
ولا يشمل قرار تعليق البرامج وكالات الأمم المتحدة، وفق ما أكد متحدثون باسمها.
وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ماريكسي مركادو «نواصل تقديم المساعدة في مخيمات النازحين في الحسكة. لم يتوقف شيء».
وأكد المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي هيرفيه فيرهوسل «لم تتوقف عمليات البرنامج في المنطقة» مقرا في الوقت ذاته بوجود «حالات اضطراب أحيانا».
مجلس الأمن الدولي سيجتمع اليوم بشأن سورية
قال ديبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعا اليوم على الأرجح لبحث آخر التطورات في سورية.
وأضافوا أن الدول الأوروبية الخمس بالمجلس، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وپولندا، طلبت عقد جلسة مغلقة.
وسيكون ذلك ثاني اجتماع لمجلس الأمن منذ أن بدأت تركيا هجوما عسكريا عبر حدودها الجنوبية مع سورية ضد المسلحين الأكراد وبعد أيام من سحب الولايات المتحدة قواتها من المنطقة.