أدانت الأمم المتحدة ومنظماتها الاوضاع «المروعة» التي تنذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة قد تطول نحو 900 ألف نازح مدني فروا من العمليات العسكرية في شمال غرب سورية، في وقت واصل الجيش السوري هجومه الأعنف بدعم روسي مسيطرا على المزيد من المواقع.
ونددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بما يتعرض له الأطفال في شمال غربي سورية المشمول باتفاقات خفض التصعيد، وأكدت أنهم «محاصرون بين العنف والبرد القارس ونقص الغذاء».
وقالت المنظمة، في بيان أمس، إن «أعمال العنف الشديدة في شمال غرب سورية أدت إلى تشرد ما يزيد على 500 ألف طفل منذ الأول من ديسمبر من عام 2019».
ونقل البيان عن هنريتا فور، المديرة التنفيذية لليونيسف، القول ان «الأطفال والعائلات محاصرون بين العنف والبرد القارس ونقص الغذاء والظروف المعيشية البائسة، في آن معا»، وشددت على أن «مثل هذا التجاهل الشديد لسلامة ورفاهية الأطفال والعائلات هو خارج حدود السلوك المقبول، ويجب ألا يستمر».
وتوفي سبعة أطفال، بينهم طفل رضيع لم يتجاوز عمره السبعة أشهر، جراء درجات الحرارة المتدنية في المخيمات، وفق ما أفادت منظمة «سايف ذي شيلدرن».
وقال سونيا كوش من المنظمة «نخشى أن ترتفع حصيلة القتلى نتيجة الأوضاع غير الإنسانية تماما التي يجد النساء والأطفال أنفسهم فيها، وسط درجات حرارة تحت الصفر، ومن دون سقف فوق رؤوسهم أو ثياب» شتوية تدفئهم.
من ناحيتها، قالت ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس، إن ما يقرب من 300 مدني قتلوا في هجمات في شمال غرب سورية هذا العام، مشيرة إلى 93% من هؤلاء راحوا ضحية ضربات نفذتها الحكومة السورية وحليفتها روسيا.
ووصفت تداعيات هجوم القوات الحكومية المدعومة من روسيا بـ «المروعة». وأدانت في بيان الضربات المباشرة أو قرب مخيمات النازحين والمنشآت الطبية والتعليمية بما في ذلك مستشفيان أمس الأول. وقالت من قبل إن ضربات كتلك قد تصل إلى حد جرائم الحرب.
وفي إفادة صحافية في جنيف، قال روبرت كولفيل المتحدث باسم باشليه ردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة السورية وروسيا تتعمدان استهداف المدنيين ومنشآت محمية بموجب القانون الدولي «كثافة الهجمات على المستشفيات والمنشآت الطبية والمدارس تشير لاستحالة أن تكون جميعها عرضية».
ونقل البيان عن باشليه قولها «لم يعد هناك وجود لملاذ آمن. ومع تواصل هجوم الحكومة والزج بالناس باتجاه جيوب أصغر وأصغر، أخشى من أن مزيدا من الناس سيقتلون».
ودعت باشليه جميع الأطراف إلى فتح ممرات إنسانية تسمح بمرور آمن للمدنيين، الذين هرب العديد منهم الى مناطق خاضعة لسيطرة فصائل من المعارضة وعلقوا هناك تحت القصف.
بدوره، وصف مارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، الأزمة في شمال غربي سورية بأنها «بلغت مستويات جديدة تثير الرعب»، ودعا مجلس الأمن إلى تسوية خلافاته ووضع مصلحة «الإنسانية» أولا.
وأضاف، في بيان على موقع الأمم المتحدة الإلكتروني «أن عدد النازحين منذ الأول من ديسمبر بلغ 900 ألف معظمهم نساء وأطفال»، موضحا أن «هؤلاء يجبرون على النوم في العراء بسبب اكتظاظ المخيمات جميعها، ويضطرون لتحمل درجات الحرارة المنخفضة إلى حد التجمد».
وخلال أسابيع، سيطرت قوات حكومة دمشق على مناطق واسعة جنوب إدلب وغرب حلب، وتمكنت من تحقيق هدف طال انتظاره بسيطرتها على كامل الطريق الدولي «إم 5» الذي يصل مدينة حلب بدمشق، وصولا إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
وباتت المعارضة تسيطر على 52% فقط من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقية.
وقبل يومين، حققت قوات النظام هدفا آخر باستعادتها كل المناطق القريبة بمدينة حلب، ثاني أبرز المدن السورية وتمكنت بذلك من إبعاد الفصائل عنها لضمان أمنها من القذائف التي طالما استهدفتها. لكن مدنا كبيرة في ريف حلب مثل منبج وجرابلس واعزاز وعفرين ماتزال تحت سيطرة المعارضة.
وتركز الحكومة عملياتها حاليا في ريف حلب الغربي، الذي تستهدفه غارات عنيفة تشنها الطائرات الحربية الروسية، و«تتقدم باتجاه جبل الشيخ بركات» الذي يطل على ما تبقى من مناطق تحت سيطرة المعارضة في غرب حلب، كما على مناطق واسعة قرب الحدود التركية في شمال إدلب تنتشر فيها مخيمات النازحين.