سجلت العملة السورية انهيارا تاريخيا بعد أسبوع من التذبذب، قبل أيام من دخول قانون العقوبات الأميركي الجديد المعروف بـ «قانون قيصر» على دمشق، حيز التنفيذ الفعلي.
وللمرة الأولى في تاريخها كسرت الليرة حاجز الـ 2000 مقابل الدولار. وبحسب موقع الليرة اليوم المتخصص بأسعار العملات الأجنبية، فقد وصل سعر الصرف في دمشق أمس الى 2070 للبيع و2020 للشراء مقابل الدولار الواحد. وفي حلب بلغ سعر الصرف حاجز الـ2050 للبيع. أما في ادلب فقد استقر لفترة تحت الـ 2000 وسجل 1965 للبيع.
وتراجعت قيمة الليرة السورية خلال الاسبوع الماضي، بأكثر من 200 ليرة حيث كانت انخفضت الى نحو 1850 في مطلع الاسبوع.
ويأتي هذا الانهيار رغم سلسلة من الإجراءات التي قام بها المصرف المركزي السوري للحد من هذا التدهور، لكن تلك الإجراءات لم تستطع كبح شهية المتداولين عن عدم شراء الدولار الأميركي.
وكان البنك المركزي قام في بداية تداول الأسبوع بدعم منشآت الصرافة بكمية معينة من القطع الأجنبي بسعر 1450 ليرة سورية لكل دولار أميركي، وقام المركزي أيضا بتحديد المبالغ التي يمكن للمواطنين أن ينقلوها باليد بين المحافظات السورية بـ 5 ملايين ليرة لا أكثر، لضبط حركة وكميات الحوالات المالية، في سبيل الحد من انخفاض قيمة الليرة، وفي وقت سابق قامت «الهيئة الناظمة للاتصالات» بإغلاق ست شركات للصرافة بسبب مخالفتها للقوانين بناء على كتاب من المصرف المركزي. وقد شهدت الليرة السورية سلسلة من التذبذبات العنيفة بين ارتفاع وانخفاض منذ منتصف الشهر الماضي، لتفقد الليرة السورية ما يقارب 120% من قيمتها منذ مطلع السنة الحالية 2020.
وبحسب مطلعين فإن الليرة السورية وصلت إلى هذا الحد من الانهيار في قيمتها بسبب عدة عوامل، منها تمديد العقوبات الأوروبية على حكومة دمشق لسنة إضافية. إلى جانب الفيديوهات والمنشورات والتهديدات الأخيرة التي قام بها رجل الأعمال وابن خال الرئيس، رامي مخلوف، وحذر فيها من أن الاقتصاد السوري يمكن أن ينهار إذا أصرت الحكومة على مطالبته بالمستحقات المترتبة على شركة سيريتل للاتصالات الخليوية، وما تبعها من قرارات بالحجز على أملاكه وأملاك عائلته المنقولة وتوقيف أسهم شركة «سيرياتل» عن التداول في سوق دمشق للأسواق المالية.
وتتزامن جميع تلك العوامل، بحسب مراقبين مع العامل الأهم وهو قانون سيزر «قيصر»، والذي بموجبه تم فرض عقوبات دولية على البنك المركزي السوري وعلى شخصيات في الحكومة السوري، وعلى كل من يقدم للحكومة السورية دعما مباشرا، وقد تم الإعلان أن هذه العقوبات ستسري ابتداء من منتصف الشهر الجاري.
وتسود الشارع السوري حالة من الترقب والخوف من الآثار الاقتصادية المحتملة مع بدء تطبيق قانون العقوبات الأميركي الجديد.
ورغم أن عقوبات قيصر تستهدف في مضمونها النظام السوري ومسؤوليه ومؤسساته، إلا أن السوريين بمناطق سيطرة النظام والمعارضة على حد سواء يخشون من أن تعمق العقوبات تردي حالتهم المعيشية.
وتأمل المعارضة السورية، بأن تشكل هذه العقوبات ضربة موجعة لحكومة دمشق وداعميها تدفعها إلى الرضوخ للقيام بتغيير حقيقي في سورية.
في المقابل، أدانت وزارة الخارجية السورية، في بيان نقلته وكالة الأنباء «سانا»، ما وصفته بقيام «الإدارة الأميركية بتشديد الإجراءات القسرية المفروضة على سورية عبر ما يسمى قانون قيصر» معتبرة أنه «يستند إلى جملة من الأكاذيب والادعاءات المفبركة».