عبدالحميد الخطيب
لنخرج بنتيجة مرضية في أي مسلسل كوميدي لابد من توافر عدة عناصر تصنع الفارق وتشغل المشاهد وتجعله في حالة ترقب، ومنها الابتعاد عن السطحية والتهريج والسخافة، وكذلك التجسيد الجميل للشخصيات من دون انفعالات وعواطف إنسانية زائدة، مع جرعة كوميديا متوازنة، مترابطة، ذات مغزى واضح.
المسلسل الكوميدي الاجتماعي «شليوي ناش» الذي يعرض هذا الموسم، استطاع أن يقدم لنا نموذجاً ناجحاً جمع عددا من عناصر النجاح أبرزها الثنائي المنسجم عبدالله السدحان ويعقوب عبدالله، اللذان يديران «مباراة تمثيلية» مليئة بالحرفية والإبداع، معتمدين على خبرات سنين طويلة في العمل الفني، بجانب تواجد عدد مميز من النجوم الذين أعطوا للمسلسل زخما تمثيليا.
ظروف شليويح
قصة العمل تبدأ من صميم المعاناة التي يعيشها حارس المدرسة الفقير شليويح (عبدالله السدحان) والذي لم يختر مهنته بملء إرادته ولكن فرضتها عليه الظروف المادية، فقد اضطر للقبول بهذا العمل كونه مصدر الرزق الوحيد الذي أتيح له، وتقتضي وظيفته الإشراف على دخول وخروج الطالبات من وإلى المدرسة، لذا فعليه أن يكون أهلا للثقة وأن يتحلى بالأمانة والشرف، ويقع «شليويح» في حب إحدى المعلمات وهي عبلة (غدير زايد)، وتريد أمه (لطيفة المجرن) أن تزوجه بها، لكنه يرفض الإقدام على هذه الخطوة ما دام غير قادر على منح زوجته مستوى حياة لائقا يوازي على الأقل مستوى معيشتها في بيت أهلها.
الأخلاق والمال
وفي الجانب الآخر، نتابع حكاية ناشي (يعقوب عبدالله) الذي يرتبط بعلاقة صداقة قوية بـ «شليويح»، وهو شخص بسيط فقير، لكنه يعتبر أن الفقر الحقيقي هو فقر الأخلاق لا المال، وأن الثراء يكمن في امتلاك عزة النفس والكرامة، لذا نجده يعمل بجد واجتهاد على شاحنة نقل صغيرة، ويتعامل مع مختلف الأصناف من البشر بكل أريحية وتصالح مع النفس، حتى تأتيه فرصة العمل في احدى الشركات، فكيتشف أنها تابعة لعمه ناصر (محمد العجيمي) الذي سيطر على أموال والده ولم يعطه حقه، وهناك يجد «ناشي» مشكلات خاصة بالعمال والمديرين ويحاول حلها، وفي أثناء ذلك، يعيش «ناشي» قصة حب مع ابنة عمه حصة (حصة النبهان) المطلقة من مساعد (عبدالمحسن القفاص)، لكن عمه «ناصر» يرفض ارتباطهما.
ويشهد العمل خطوطا درامية موازية مثل دفاع أماني (مرام) زوجة «ناصر» عن حقوقها بكل قوة، ومحاولة يعقوب (عبدالعزيز النصار) الاستفادة ماديا بطريقة ملتوية من المناقصات في شركات «ناصر»، بجانب المدرسة التي يعمل فيها «شليويح» وما يدور بين الطالبات وأولياء أمورهن من تفاعل انساني واجتماعي متناغم يذكرنا بأجواء الماضي الجميل وما فيها من حب ومعانٍ انسانية سامية كالوفاء والكرامة والأمانة والشهامة وغيرها من الصفات.
مواقف إنسانية
تميز نص الكاتب عبدالله السعد بأنه يقدم الكوميديا التي تنبع من رحم المعاناة بطريقة غير تقليدية، فقد اعتمد بصفة أساسية على المواقف الانسانية التي يتعرض لها «شليويح» و«ناشي» وأسلوبهما في مجاراة صعوبات ومواقف الحياة، ويحسب للسعد انه رسم الشخصيات بوضوح سهل على الممثلين الدخول إلى روح النص وتجسيد الشخصيات المكتوبة بكل أريحية وتناغم.
أما المخرج عيسى ذياب - المعروف باجتهاده في أعماله الدرامية وبرؤيته الإخراجية المتجددة - فيترجم النص إلى صورة واقعية، مستخدما زوايا تصوير متنوعة، كما نجح في إعادتنا إلى حقبة السبعينيات وما تميزت به من علاقات اجتماعية وعادات وتقاليد أصيلة.
أداء تمثيلي قوي
يبقى أن نشير إلى أن مسلسل «شليوي ناش» يشهد أداء تمثيليا قويا من جميع النجوم المشاركين فيه، وفي مقدمتهم عبدالله السدحان الذي يمتلك خبرة مهمة في الأعمال الكوميدية، ويعقوب عبدالله بأدائه السهل الممتنع، ومرام التي تبهرنا في كل دور بتجسيدها الشخصية ببراعة، ومحمد العجيمي وعبدالامام عبدالله ولطيفة المجرن الذين اعطوا العمل ثقلا فنيا، وبجانبهم عبدالمحسن القفاص وعبدالعزيز النصار وغدير زايد وحصة النبهان وغرور وشهد سلمان وجميعهم يجيد تقديم الشخصية التي يجسدها.
اقرأ أيضاً