أحمد الوسمي
شهد الاعلام الكويتي خلال السنوات الاخيرة وتحديدا بعد اقرار قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع انتشار الفضائيات الخاصة بمختلف توجهاتها ومجالاتها، وبلا شك توجد بعض الفضائيات لم تستطع مواصلة المشوار ومنها من رفع الراية البيضاء وتوقفت في منتصف الطريق لاسباب عدة في مقدمتها غياب الدعم المادي الذي يعتبر عصب كل مشروع، ومن الامور التي تلفت الانتباه، ان غالبية هذه الفضائيات او نسبة كبيرة منها قامت بمواكبة الحالة العامة للبلد في مختلف القضايا، لاسيما السياسية منها الى درجة دفعت غالبية المحطات لأخذ منحى آخر على خلاف هويتها والتفرع لاستحداث برامج سياسية تباينت في قوتها بحسب قدرة من يقدمها من المذيعين، حيث تميزت بعض القنوات الفضائية ببرنامج سياسي اصبح هو واجهتها امام المشاهدين.
واعتبر الكثير ان انتشار البرامج السياسية بصورة كبيرة بات اشبه بالمارد الذي التهم البرامج المنوعة وفرض سطوته عليها حيث تميزت مجموعة من البرامج السياسية واصبحت اكثر مشاهدة منها: «ليل الكويت» في قناة الصباح يقدمه المذيع عيسى سلامة، «لقاء الراي» قناة الراي تقديم عبدالله بوفتين، «اللوبي» العدالة تقديم جعفر محمد، «مع التقدير» سكوب تقديم أحمد الفضلي، الفقرة السياسية في برنامج «تو الليل» مع عبدالوهاب العيسى، «اليوم السابع» تقديم احمد الفهد في قناة الوطن واستطاعت هذه البرامج ان تحظى بنسبة مشاهدة عالية على الرغم من بعض السلبيات فيها الا انها تتطرق للواقع السياسي الذي نعيشه في الكويت حتى تعدى الامر الى بعض القضايا العربية وخصوصا «احداث مصر» التي تم تغطيتها من خلال هذه البرامج.
لكن ما يثير الاستغراب هو بعض الاصوات التي تعالت اخيرا تهاجم ظاهرة انتشار الفضائيات علما انها تعتبر ظاهرة صحية من شأنها ان تفتح أمام المشاهدين آفاقا واسعة للبحث عن كل ما يلامس خطوط التماس في واقعهم الحياتي، كما ان انتشار المحطات الفضائية يقيس بصورة إيجابية حجم الحرية والصحوة الثقافية فيما يتعلق بالجانب السياسي ويساهم الى حد كبير في جعل المشاهد شريكا استراتيجيا في القضية المطروحة من خلال ما يقدم وطرح جميع وجهات النظر المختلفة مع بعض المشاركات الهاتفية بهدف تحقيق المصلحة العامة والمشتركة، وأصبحت هذه البرامج تمثل ثقلا إعلاميا وسببا رئيسيا في استقطاب الجمهور، لكن في المقابل لن ننكر ان بعض الفضائيات انحرفت عن مسارها بالمبالغة والخروج عن المألوف بطريقة الطرح أحيانا عندما أثارت الشارع الذي قاطعها حيث ابتعدت عن الخطاب الإعلامي الذي يجب ان يكون متوافقا فكريا وثقافيا بطرح عقلاني بعيد عن التجريح والإسفاف والهمز واللمز والإساءة غير المباشرة، كما ان انتشار ظاهرة الفضائيات ساهم بصورة غير مباشرة في تخفيف العبء عن الجهاز الرسمي (تلفزيون الكويت) والذي عادة ما يتعرض للكثير من الانتقادات بسبب «أخذ دور المتفرج» وتتوقعه في إطار معين لا يحيد عنه وعلى الرغم من قناعتنا التامة بان سياسة التلفزيون الحكومي تسير في إطار معين لكن التجديد والتطوير مطلوبان في أي جهة إعلامية ولعل هذا ما يجعل الفضائيات الخاصة أكثر تميزا بسبب سقف الحرية الإعلامية الذي تتمتع به بحسب قانوني المرئي والمسموع وبعد تعيين الإعلامي يوسف مصطفى كوكيل مساعد لقطاع الأخبار والإعلامي علي الريس كوكيل مساعد لقطاع التلفزيون نتمنى ان يواكب التلفزيون التطور السريع ومواكبة الركب.
أخيرا تظل رسالة لابد من ذكرها حتى تصل للمعنيين خصوصا أصحاب القنوات الفضائية الخاصة بعد تنازل وزارة الإعلام عن القضايا المرفوعة ضد القنوات والإعلاميين وهي ان تصحح مسارها كما يجب على المسؤولين ان يحظى الإعلام الكويتي بالدعم المطلوب ماديا ومعنويا من أجل الاستمرار في عكس الحالة الصحية للإعلام وتعريف الآخرين بأننا نملك جميع المقومات التي تؤهلنا لمقارعة الإعلام العربي سواء على صعيد الإمكانيات الغنية أو مقدمي البرامج المحترفين.