خلود أبوالمجد
ضمن عروض المهرجان العربي لمسرح الطفل، شاهد الحضور ولجنة التحكيم أمس الأول عرضين مسرحيين، الاول «نور والبئر المسحور» لمؤسسة كلاسيكال للانتاج الفني وأخرجه ابراهيم نيروز، وقدم على خشبة مسرح التحرير بكيفان، والثاني مسرحية «الساحرات» من تونس الشقيقة وتصدى لإخراجه حاتم المرعوب وعرض على خشبة مسرح الدسمة.
حمل العرض الاول «نور والبئر المسحور»، تأليف محمود ابو العباس، العديد من القيم التربوية التي يجب على الاطفال اتباعها، ودعت الى أهمية محافظتهم على وطنهم من الفتن حتى يعيشوا بأمان فيه وعليهم ان يبنوه ليبقى اجمل وطن في عيونهم.
والمسرحية من تمثيل مشعل فرحان، فهد الخياط، جراح مال الله، سارة القبندي، ايمان فيصل، احمد الرفاعي، عبدالله الدرزي، عامر بوكبير، دلال، يعقوب، حيات، غنايم، وتصدى للألحان وتوزيع الاغاني حسن رئيسي أما ديكور المسرحية فكان من تصميم يوسف مضر والأزياء لاحمد الديحاني والاضاءة كانت من تنفيذ علي الفضلي.
أما العرض التونسي «الساحرات» فكانت فكرته جميلة، حيث انه مأخوذ من قصص الأدب العالمي «الجميلة النائمة» التي تحكي قصة ثلاث شقيقات ساحرات «سماطا وشماتا وبطاطا»، لا يقمن بأي أذى لأي شخص، لكنهن على العكس تماما، طيبات ويحببن المزاح، ولكن تتعرض «سماطا» للأذى من الأمير الذي تقع في حبه وهو أيضا، لكن لظروف الحكم والإمارة يمتنع عن الزواج بها، ويتزوج من أخرى وينجب طفلة جميلة يحبها الجميع، ويقيم الأمير حفلا كبيرا يدعو اليه الجميع إلا «سماطا» فتغضب، وحينما يحاول الأمير إعادة علاقته بالساحرة «سماطا» تخبره بأنها ستنتقم منه لكل الأذى الذي ألحقه بها، لأنه لم يقم بدعوتها على حفل ابنته، بأنها ستجعل ابنته تغط في نوم عميق لمدة 100 عام، ليلة عيد مولدها السادس عشر، عندما تخز إصبعها بإبرة، فيقوم والدها بمنع استخدام كافة الإبر وتواجدها في الإمارة، وفي اليوم الموعود يسمح الأمير لابنته بأن تخرج من القصر للتنزه، فتصادف الساحرة «سماطا» في إحدى الحدائق وتجدها تحيك بالإبرة أحد المفارش، فتطلب منها الأميرة أن تعلمها وتأخذ منها الإبرة لتبدأ في الحياكة، لتخزها وبالفعل تخلد في ثبات عميق ويصبح المطلوب فقط أن يأتي لها أمير يحبها من قلبه حتى يقبلها فتعود للحياة من جديد، وتظل الساحرة «سماطا» وشقيقاتها يبحثن عن هذا الأمير لإحساسهن بالذنب تجاه الأميرة النائمة حتى يجدنه ويصطحبنه ليقبل أميرته.
قصة جميلة وممتعة حاولت في فحواها أن تظهر الساحرات بشكل مغاير عما اعتاده عليه الجمهور من حبها للشر والأذى، لكنها في هذا النص تحاول أن تعكس الخير الذي بداخلها، وتؤكد أن الإنسان لا يلجأ إلى الشر إلا أن كان هناك من جرح كرامته أو خدش كبرياءه، لذا يضطر لاستخدام الجانب الشرير المتواجد في شخصيته.
حاول المخرج حاتم المرعوب العمل بأقصى جهده على هذا العرض الذي يقدمه لثالث مرة على خشبة مسرح، وكانت الممثلات يقدمن أدوارهن بالعربية الفصحى التي خرجت من أفواههن بمنتهى السلاسة، وكأنهن يتحدثن العامية، فكانت مخارج الألفاظ في منتهى الوضوح والجمل موزونة بشكل رائع، فكان العرض المسرحي «الساحرات» وجبة جميلة من اللغة العربية التي تشوهت بسبب الابتعاد عنها في الفترة الأخيرة.
ولكن ما يؤخذ على العرض هو الإطالة في عدد من المشاهد، وخاصة مشهد البداية الذي كان استعراضيا ما جعل البعض يعتقد أن العرض الذي سنراه استعراضيا تعبيريا غير ناطق، لحين بدأت الساحرة «سماطا» بالحديث، وأيضا كان هناك مشهد دخول الأميرة الصغيرة يوم مولدها ورقصها الذي طال قبل دخول الأمير والدها وحديثه معها والسماح لها بالخروج من القصر، ففكرة أن الأميرة سعيدة بيوم مولدها وصلت منذ دخلت الأميرة على خشبة المسرح وهي ترقص، فكان من الممكن أن يدخل والدها سريعا في أعقابها ليكملا المشهد بعيدا عن الإطالة.
ان «الساحرات» عرض مسل، قدم قصة جميلة حاولت إيصال معلومة أن الخير والشر صفتان تتوافران داخل كل البشر، ولكن على الإنسان أن يعلم متى يستخدمهما ومع من، وليس هناك مواصفات محددة لمن هو شرير أو من يحمل بداخله الخير.