أميرة عزام
في مفارقة كبيرة بين أوبريتات الماضي والحاضر، وصراع بين الشكل والمضمون، ما هو الأوبريت المستحق للبقاء في قلوب الجماهير؟ هل هو الأجمل بديكوراته ومصروفاته وأزياء فنانيه؟ أم الأبسط الذي يبحث عن رسالة الكلمة وطربية اللحن وإحساس المطرب ويركز على عدم انشغال المشاهد بغير ذلك من إضاءات وإعدادات مبالغ فيها؟
«الأنباء» رصدت آراء بعض صانعي الأوبريتات القديمة والحديثة، فجاءت كالتالي:
٭ البداية كانت مع الملحن القدير غنام الديكان الذي يرى ان التركيز في أوبريتات الماضي كان على المضمون، إذ انه مع عبدالرؤوف إسماعيل وسعيد البنا وبعد انضمام سليمان الملا ويوسف ناصر، بدأوا من الصفر في الأفكار، لأنه لم يكن أحد يسبقهم، وهذه الأفكار كانت تربوية ووطنية او قصصية او للأطفال، لافتا الى تركيزهم على المهن آنذاك مثل «القلاليف» والبنائين والحدادين، موضحا ان كل مهنة يراها المشاهد مع اكسسواراتها الخاصة، باحثين عن مواضيع تخص الملابس القديمة والفنون القديمة لكل مهنة، فهناك الفنون البدوية والحضرية وهناك الخليط بينهما.
من جانبه، أوضح الملحن عبدالله القعود ان الأوبريتات الحديثة تعمل بشكل يمثل الواقع اكثر من التراث، وقال: التراث موجود في اللوحات المقدمة ولكن لا يتم تسليط الضوء عليه والسبب مواكبة العصر، كما ان الإيقاعات التراثية يتم تطويرها وليس الهدف منها التقليد، إضافة الى ان الكويت لازالت هي القائدة خليجيا ومراقبة من كافة دول الخليج في الأوبريتات، لافتا الى ان الأوبريتات القديمة كانت ناجحة وجميلة وعمل عليها أساتذة كبار والى الآن خالدة، لانها تمثل فترة جميلة في الكويت، وكل الظروف كانت مناسبة، ولم يوجد لهم منافسون، بخلاف الآن، فالمنافسة أصعب والظروف تغيرت، ورغم ذلك فهو لا يحب المقارنات بل يرفضها، داعيا بطول عمر الأشخاص المشتركين في تقديم أوبريتات الماضي والحاضر، مستدركا: هم تقريبا نفس الأشخاص وان كانت الأوبريتات ليست بنفس المستوى، فمن يغني الآن هو نفسه من غنى قديما، ولكن الحياة مختلفة بسبب التكنولوجيا والتوزيع والميزانية والرقصات والجرافكس والأزياء، مشيرا الى عدم إمكانية تقديم التراث في كل لوحات الأوبريت، كما يلاحظ توافر الشاشات في الحاضر عن الماضي مختصرا بجملة واحدة: «نحن نحب الماضي لأنه رحل ولو عاد لكرهناه، فنحن نحبه فقط من أجل الذكريات».
أما الشاعر عبدالعزيز العبكل فيعتقد ان لكل وقت زمانه وناسه، وان أوبريتات الحاضر تمثل التراث الكويتي، والكلمات لا تختلف كثيرا، ولكن مع ذلك يبقى أصحاب أوبريتات الماضي اساتذة لهم باعهم واحترامهم، مفضلا عدم المقارنة.
بدوره، يؤكد الشاعر الكبير عبداللطيف البناي اختلاف الكلمة واللحن والموضوع، مبينا ان القديم افضل بكثير، معللا ذلك بوحدة المؤلف والمطرب في حين كثر المؤلفون والمطربون مما أضاع الأساس، وان كان في الجديد ما يمثل التراث الا انه مطور بسبب الآلات الدخيلة على التوزيع، خاصة تلك الممتزجة بالأصوات الغربية، مقرا بوجود مطربين جيدين على الساحة ولكن العمل الغنائي ليس على المستوى، موضحا انه هو شخصيا معرض لذلك، فأحيانا يقدم عملا ناجحا وآخر لا ينجح، ويعود ذلك الى دخول العوامل التجارية في الأعمال الفنية والتي تتطلب شروطا معينة، أما عن أوبريتات المستقبل فيتوقع ان تكون اكثر إحساسا وصدقا وتوفيقا.