على الرغم من أن العروض الدعائية المليئة بالتلميحات والإشارات حول الثقافة الشعبية الدارجة «Pop Culture» كانت تشير إلى أنه مجرد مهرجان من الإشارات حول قطاع ألعاب الفيديو، إلا أن فيلم ستيفن سبيلبرغ الجديد المبني على رواية الخيال العلمي المحبوبة «Ready Player One» هو أكثر بكثير من ذلك، إنه فيلم آكشن في المقام الأول، سواء في العالم الحقيقي الباهت نسبيا أو في العالم الافتراضي الرائع والمليء بالألوان، وهو يحمل لمسة سبيلبرغ التي تمتاز بالتوقيت المدروس والمشاهد المليئة بالإثارة.
تجري نصف أحداث الفيلم في كولومبوس، أوهايو، في حين يجري النصف الثاني بمكان افتراضي يعرف باسم «The Oasis»، ويروي قصة الفتى وايد واتس (يلعب دوره تاي شيريدان) الذي يبحث عن الـ «Easter Egg» التي قام جيمس هاليداي، مبتكر «The Oasis»، بإخفائها (يلعب دوره مارك رايلانس)، ويسعى جميع الأشخاص المهووسين بالواقع الافتراضي من العالم الحقيقي للعثور على هذه الـ «Easter Egg»، وذلك لأن الشخص الذي سيعثر عليها سيمتلك السيطرة على «The Oasis» إلى جانب حصوله على ثروة كبيرة، إنه تحد مثير يجري في عالم افتراضي يبدو وكأنه حقيقي في غضون عقد أو ثلاث.
بالنسبة إلى وايد والأشرار الذين يلاحقونه، فإن الفوز في البحث عن الـ «Easter Egg» هو هدف أساسي إلى حد ما، والذي كان يمكن أن يتم تجسيده بشكل أفضل مع إضافة تعليق أكثر إثارة للاهتمام، وخاصة عبر تقديم أكثر من مجرد ذكر لـ «مقاومة» تحارب من أجل حرية «The Oasis»، لكن لحسن الحظ فإن الآكشن ذا الوتيرة السريعة يعوض عن ذلك ويحافظ على الإثارة في الفيلم، أما الأشرار بقيادة نول سورينتو (يلعب دوره ببراعة بين ميندلسون)، فهم جزء من شركة تكنولوجيا منافسة والذين يسعون إلى السيطرة على «The Oasis» من أجل المال، في حين أن وايد، في البداية على الأقل، يشارك بالمنافسة ببساطة بسبب حبه للعبة وإعجابه بهاليداي، ومعرفة وايد الكبيرة بهاليدي هي أكبر نقاط قوته والتي تساعده في العثور على المفاتيح، وهذا يجعل من هاليداي أحد أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام في «Ready Player One» على الرغم من أنه ميت بالفعل.
يقدم جميع الممثلين أداء رائعا بشكل عام، باستثناء بعض اللقطات المقربة العاطفية الغريبة لشيريدان وهانا جون- كامين (التي تلعب دور إف نايل زاندور) والتي تقوم بأعمال سورينتو القذرة وتبدو تعابير وجهها شديدة القسوة لدرجة أنها تبدو أقرب إلى الروبوت منه إلى الإنسان، أما من ناحية «The Oasis»، فإن الرسومات المتحركة للشخصيات والتمثيل الصوتي فيها رائع للغاية، ولا يعكره سوى بعض الميكساج الصوتي المشوش أحيانا والذي يتسبب في ضياع بعض العبارات وراء الموسيقى التصويرية الرائعة والتي تشعل الحنين في قلوب المشاهدين.
تتضمن مشاهد الآكشن الكبيرة في «Ready Player One» مطاردات سيارات متفجرة وعمليات إطلاق نار هائلة، ما يجعل بعض اللحظات لا تنسى، والتي تقدم عذرا مثاليا لإطلاق العنان للمؤثرات البصرية، فهناك لعب بالأحجام الضخمة والحركة والجاذبية والزمن بسلاسة كبيرة، ويستغل سبيلبرغ النطاق الكامل للإبداع الذي لا يمكن أن يتوافر سوى في أفلام الرسوم المتحركة إلى حد كبير، حيث تتغير البيئات وتلتف حول الشخصيات مع استخدام زوايا الكاميرات الملائمة بعناية، كما يتم توصيل كل جزء نحتاج إلى فهمه من«The Oasis» لأغراض القصة بطريقة واضحة وفعالة، مثل المخزونات أو ما يحصل للاعبين عندما يموتون، لدرجة أن «The Oasis» تبدو شخصية مجسدة بشكل متكامل بحد ذاتها.
بالطبع فإن هذا الجزء المرعب مبني على ظهور قصير لشخصية شهيرة والذي ينجح بشكل خاص لأنه ذو أهمية كبيرة للحبكة، على عكس اللقطات التي تهدف للإضحاك فحسب، حيث ان معظم الشخصيات الأخرى لا تخدم هدفا سوى الحصول على بعض الضحكات السهلة، أو ربما إشارات فخورة لشخص ما قد يميزهم عندما لا يتعرف عليهم آخرون، في بعض الأحيان قد تكون تلك الإشارات هي شخصية هارلي كوين من باتمان تمثل دور شخصية رمزية للاعب ما، أو سلاح خيالي يستخدم خلال معركة أو مجرد جملة عابرة خلال حوار، وفي حين أن الكثير من الإشارات الخفية في «Ready Player One» تسحر كل من يحضره.
يستثمر فيلم «Ready Player One» في عالم «The Oasis» كثيرا لدرجة أنه لا يمضي الكثير من الوقت في بناء عالم أوهايو المدمر عام 2045، فهو لم يفسر كيف أصبح الجميع مدمنا على عالم «The Oasis» ومتى؟ هل يجنون مالا حقيقيا داخل هذا العالم الافتراضي يمكن أن يساعدهم على دفع مصروفاتهم الحياتية؟ هل يشعر الناس بالسعادة بأسلوب الحياة هذا؟ وما تأثيرات هذا الهوس التكنولوجي المفرط؟ يمكننا أن نطرح 50 سؤالا آخر هنا ولكن بالطبع يمكن أن تكون هناك إجابات عنها في الرواية، لكنها للأسف مهملة في الفيلم، فقد كان الفضول يعترينا في كل مرة تعود فيها الحبكة إلى العالم الحقيقي، خاصة لأن التصميم الفني والتوجه الفني مثيران للإعجاب بشكل خاص، لكننا غالبا ما أصبنا بخيبة الأمل.