قال تقرير «الشال» الأسبوعي ان الفارق ما بين اقتصاد أحادي مصدر الدخل وآخر متعدد المصادر، فارق شاسع، والفارق أكثر خطورة إذا كان مصدر الدخل الواحد مادة أولية، الطلب عليها وحركة أسعارها تمليها متغيرات خارجية لا تحكمها الدولة المنتجة.
ويزداد الوضع خطورة مع كل ارتفاع في مساهمة تلك السلعة في الاقتصاد، ومع اعتماد المالية العامة شبه الكلي عليها، خصوصا إذا كانت تلك السلعة ناضبة، أو مستهدفة لإضعافها بالتقادم العلمي، وتلك هي حال الكويت وحال سوق النفط حاليا.
وأضاف التقرير انه حتى لو أردنا التواضع، وتوقفنا عن مقارنة اقتصاد الكويت باقتصادات متفوقة، مثل الاقتصاد النرويجي، أو اقتصادات بلا موارد طبيعية مثل سنغافورة وفنلندا، وقصرنا المقارنة على اقتصادات نفطية في الجوار الجغرافي، نلحظ مدى تفوق الكويت في إدمانها على النفط، مشيرا إلى أن النفط والغاز يساهمان في صناعة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35.9% لقطر، وبنسبة 31.2% للمملكة العربية السعودية، و26% للإمارات العربية المتحدة، بينما تبلغ تلك النسبة للكويت 44.9%، والكويت بدأت نهضتها قبل تلك الدول الثلاث.
وما ينطبق على النفط ينطبق على الموازنة العامة، صحيح أن الموازنة العامة لا تعكس وضع المالية العامة، ولكن النتائج السلبية لارتفاع اعتمادها على إيرادات النفط أقرب للتحقق.
وتعتمد قطر على النفط والغاز في تمويل نفقاتها العامة بنسبة 81%، والسعودية 56.1%، والإمارات 25.1% لموازنتها الاتحادية وأقل لكل إمارة ربما باستثناء أبوظبي، وللكويت نحو 90%.
وفي تصريح لوزير المالية خليفة حمادة الأسبوع قبل الفائت، يذكر أن الارتفاع الحالي لأسعار النفط لن يكفي لمعادلة الموازنة العامة حتى لو بلغت أسعاره 90 دولار للبرميل، وان الوضع المالي لا يحتمل الاستدامة من دون إصلاح مالي جراحي وجوهري.
والتصريح صحيح في محتواه، والواقع أنه مكرر على مدى عقود من الزمن، والمطلوب ترجمته إلى مشروع محترم وملتزم به، فكل التصريحات القديمة والمماثلة، وحتى تلك التي تضمنتها أهداف خطط التنمية، تم العمل بعكسها تماما، وزيادة رقم النفقات العامة من 21.5 مليار دينار للموازنة الحالية إلى نحو 23 مليار دينار للموازنة القادمة، مؤشر على استمرار المسار العكسي للمصرح به.
وتناول «الشال» تقريرا لوكالة «بلومبرغ» بقلم الكاتبة «كارين يونغ» التي ذكرت في مقالة بتاريخ 12 مارس الجاري أن على دول الخليج النفطية الاستفادة القصوى من الارتفاع الحالي لأسعار النفط لأنه الارتفاع الأخير، فالكاتبة تذكر بأن الفضل بانتعاش سوق النفط يعود إلى خفض المعروض منه نتيجة اتفاق «أوپيك+»، وبدء انتعاش اقتصادي مع بداية السيطرة على جائحة «كوفيد-19»، وتوقف انتاج وانخفاض في المخزونات على مدى عام وهو أمر لن يستمر.
ويعتقد أنه من الخطأ فهم الارتفاع الحالي في الأسعار على أنه تكرار للعقد السحري لرواج سوق النفط للفترة 2003-2014 وربما بسببه أدمنت دول النفط انفلات السياسات المالية، وبات معها سعر 70 دولار للبرميل الحالي غير كاف لتوازن الموازنات العامة، وهو ما ذكره وزير المالية عن حالة الكويت الأسبوع قبل الفائت وكان تقديرا صحيحا.
فالفجوة المالية التي طالت موازنات دول الخليج النفطية منذ عام 2015 لن يغيرها واقع سوق النفط، وعليه، فالحاجة باتت ملحة لتنويع مصادر الدخل.
فالطلب على النفط سوف يصل أقصاه قريبا، والمنافسة مع الطاقة النظيفة سوف تشتد، وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، سوف تفشل إيرادات النفط عن تحقيق أهداف النمو، وخطورتها في انعكاسها على توقعات خلق الوظائف لمواطنيها، أي أزمة بطالة سافرة.
وتضيف الكاتبة أنه في الزمن القصير إن استمر الالتزام بخفض انتاج دول «أوپيك +»، ربما تستقر أسعار النفط لعام 2021 حول 70 دولار، وذلك سوف يحسن كثيرا من أداء اقتصادات دول المجلس وإن بشكل غير متساو.
فالدول خارج «أوپيك»، مثل قطر وعمان والبحرين، قد تستفيد أكثر بسبب عدم تقيدها بخفض الإنتاج، ولكن عمان والبحرين ستظلان تعانيان من العجز المالي.
بينما الدول الثلاث الأخرى، الاستثناء الوحيد هو للإمارات، بينما سيظل كل من السعودية والكويت تعانيان من العجز المالي.
ومنذ عام 2015، باتت دول المجلس عميلة في سوق الاقتراض لتمويل عجوزاتها، وفي عام 2020 وحده زاد مستوى اقتراضها بنحو 35% عن مستوى 2019.