قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن معدل التضخم بالكويت استقر عند مستوى 4.4%، على أساس سنوي في يونيو الماضي، وذلك دون تغيير يذكر عن نهاية الربع الأول من 2022، إلا انه تراجع هامشيا مقارنة بالمستويات المسجلة في شهري أبريل ومايو.
وعلى الرغم من استمرار تخطيه لمستوياته التاريخية، إلا ان وتيرة التضخم قد تتباطأ في النصف الثاني من 2022 في ظل تراجع بعض الضغوط التضخمية عالميا، واتباع تدابير تشديد السياسة النقدية على نطاق أوسع، واستبعاد الزيادات الكبيرة في الأسعار التي شهدناها العام الماضي من المقارنة السنوية.
وتشمل المخاطر التي تهدد بتزايد معدلات التضخم إمكانية تراجع الدولار الأميركي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات الكويتية، أو ارتفاع الإيجارات السكنية التي ظلت راكدة هذا العام. وفي المقابل، هناك إمكانية لتراجع الأسعار العالمية للمواد الغذائية، وتخفيف ضغوط سلاسل التوريد، وتباطؤ نمو الاقتصاد المحلي في حالة انخفاض أسعار النفط.
وما تزال مجموعة الأغذية والمشروبات المحرك الرئيسي للتضخم، إذ تسارعت وتيرة الارتفاع المسجلة ضمن هذه الفئة إلى 8.0%، على أساس سنوي، في يونيو مقابل 7.2% في مارس الماضي، وذلك على الرغم من تراجعها مجددا خلال الربع الثاني من العام.
كما ارتفعت أسعار معظم المجموعة الفرعية للأغذية والمشروبات، ولكن بمعدلات أبطأ مقارنة بالربع الأول من العام (باستثناء الأسماك والمأكولات البحرية). وفي المستقبل، هناك مؤشرات تدل على ان هناك اخبارا جيدة على الصعيد الدولي، إذ انخفضت أسعار المواد الغذائية عالميا في شهر يونيو على أساس شهري، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، بأسرع وتيرة تشهدها منذ أكتوبر 2008، لتصل إلى -8.7% بدعم من ضعف آفاق نمو الاقتصاد العالمي، مما قد يساهم في إبطاء وتيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية محليا في المستقبل.
في المقابل، لم يشهد مؤشر خدمات المسكن (تمثل الإيجارات الجزء الرئيسي)، أي تغيير للربع الثاني على التوالي، مما أدى إلى تراجع معدل النمو على أساس سنوي هامشيا إلى 2.2%. وكنا قد قمنا سابقا بتعريف هذا المكون باعتباره عنصرا محوريا لتوقعات التضخم لعام 2022، وذلك لارتفاع وزنه في سلة مؤشر أسعار المستهلكين لنحو 33%، هذا إلى جانب النمو الملحوظ الذي شهده في النصف الثاني من 2021. إلا ان البيانات تشير حتى الآن إلى أن هذا الزخم لم يستمر في عام 2022، وبالتالي فإن مساهمته في رفع معدلات التضخم جاءت أقل مما كان متوقعا في السابق.
وبقي معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني الأغذية والمشروبات والمسكن، مرتفعا ليسجل أحد أعلى مستوياته تاريخيا، لكنه تباطأ قليلا إلى 4.5% على أساس سنوي في يونيو مقابل 4.7% في مارس. ونلاحظ أن التضخم في معظم المجموعات التسع الأساسية يقع ضمن نطاق مقبول يتراوح ما بين 2 و4%، مع تخطي أسعار مجموعتين فقط - الملابس والتعليم - ذلك النطاق بشكل كبير. ويعزى ذلك لإلغاء قرار خفض الرسوم المدرسية في سبتمبر الماضي، والذي تم تطبيقه أثناء الجائحة، وبالتالي من المقرر أن ينخفض بشكل حاد في وقت لاحق من العام الحالي، بافتراض عدم إعادة فرض تلك الزيادات.
كما نرى أن ارتفاع قيمة الدينار الكويتي، بالاتساق مع قوة الدولار الأميركي، ساعد في احتواء الضغوط التضخمية نظرا لمساهمته في خفض أسعار الواردات. فعلى سبيل المثال، منذ بداية العام الحالي، ارتفع الدينار الكويتي بنسبة 4% مقابل اليوان الصيني، وبنسبة 10% مقابل اليورو، و16% مقابل الين الياباني.
وتعزى قوة الدولار الأميركي كنتيجة طبيعية لتشديد السياسات النقدية في الولايات المتحدة هذا العام، سواء بالنسبة للتدابير التي تم تطبيقها بالفعل أو المتوقعة، هذا إلى جانب بعض التدفقات التي شهدها الدولار كملاذ آمن نظرا للمخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وبصورة إجمالية، بلغ معدل التضخم 4.5% في النصف الأول من عام 2022، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ عدة سنوات. إلا أنه ما يزال أقل بكثير من المستويات السائدة حاليا في الأسواق العالمية الرئيسية بما في ذلك الولايات المتحدة (8.5%) ومنطقة اليورو (8.9%)، وذلك بفضل التحكم في الأسعار واستمرار الدعوم المتعلقة بالوقود والطاقة.
وكما أسلفنا الذكر، نتوقع أن يتراجع معدل التضخم بالنصف الثاني من عام 2022 مقارنة بالنصف الأول ليصل في المتوسط إلى 4.3% لعام 2022 بالكامل، مقابل 3.4% لعام 2021، كما قد ينهي العام بالقرب من مستوى 3%.