قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني ان زيادة الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة سلطت الأضواء على مدى تشدد أوضاع سوق العمل، إذ ارتفع مؤشر الوظائف الشاغرة بشكل غير متوقع إلى 11.24 مليون في يوليو مقابل 11.04 مليون في يونيو.
وأضاف أرباب العمل وظائف بوتيرة قوية، لكنها كانت أكثر اعتدالا في أغسطس، بينما تباطأت وتيرة نمو الأجور هامشيا، وارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار 315 ألف وظيفة الشهر الماضي، كما ارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 0.3% في أغسطس مقابل 0.5% في يوليو.
وارتفع معدل البطالة بشكل غير متوقع إلى 3.7% مقابل 3.5% الشهر الماضي مع ارتفاع معدل المشاركة في القوى العاملة، الذي بلغ 62.4%، ليسجل أعلى مستوى منذ بداية الجائحة في عام 2020.
من جهة أخرى، ارتفع مؤشر كونفرنس بورد لثقة المستهلك إلى أعلى مستوياته المسجلة في ثلاثة أشهر خلال أغسطس ليصل إلى 103.2 نقاط، ما يعكس قوة خطط شراء الأجهزة الكهربائية والسيارات.
كما كان نشاط قطاع التصنيع أفضل من المتوقع خلال أغسطس بفضل انخفاض أسعار البنزين في الولايات المتحدة وارتفاع الطلبات. وبلغت قراءة مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي لمعهد إدارة الموارد الأميركي 52.8 في أغسطس، دون تغيير عن مستويات يوليو، لكنه كان أفضل من التوقعات التي اشارت إلى وصوله إلى 51.9.
ويشير التحسن المفاجئ لأحدث المؤشرات إلى أنه على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة فإن الطلب على معدلات التوظيف والطلب الاستهلاكي ما يزال قويا، ما يزيد من مخاطر استمرار الضغوط التضخمية.
وفي ظل أهمية كبح جماح الأسعار التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 40 عاما وبروزها كإحدى أهم الأولويات الجوهرية التي يتصدى لها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قد تستمر وتيرة تشديد السياسات النقدية ورفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، حيث أظهرت أحدث موجة من البيانات مدى مرونة ثقة المستهلك وارتفاع الطلب على العمالة.
وتعتمد آمال الاحتياطي الفيدرالي في تحقيق «الهبوط الناعم» على ظاهرة نادرة الحدوث، ألا وهي أن تزايد معدلات البطالة ليس بدافع من فقد العاملين لوظائفهم، بل لأن المزيد من العاطلين عن العمل بدأوا في البحث عن وظائف شاغرة.
اشتعال التضخم الأوروبي
تواصل أسعار الطاقة والمواد الغذائية اشعال فتيل التضخم بمنطقة اليورو، حيث تسارعت وتيرة ارتفاع الأسعار بالمنطقة التي تضم 19 دولة لتصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في أغسطس عند 9.1% مقارنة بالعام الماضي.
وباستبعاد المواد الغذائية والطاقة، ارتفع معدل التضخم الأساسي إلى مستوى قياسي جديد عند 4.3%، ما يسلط الضوء على ضغوط الأسعار التي أصبحت واسعة النطاق.
وعلى مستوى المنطقة، تسارعت وتيرة التضخم الألماني إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ 40 عاما، إذ وصلت إلى 8.8% في أغسطس مقابل 7.5% في يوليو، كما ارتفع معدل التضخم السويسري في أغسطس، إذ وصل لأعلى مستوياته المسجلة في 30 عاما عند 3.5% مقابل 3.4% في يوليو.
وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار في إسبانيا وفرنسا هامشيا في أغسطس لكنها ما تزال عند مستويات مرتفعة ولاتزال مرتبطة بارتفاع أسعار الطاقة.
من جهة أخرى، تراجع معدل التضخم الإسباني للمرة الأولى منذ أربعة أشهر، إذ بلغ 10.4% مقارنة بمستويات العام الماضي مقابل 10.8% في يوليو، وارتفع معدل التضخم الفرنسي إلى 6.5% مقارنة بمستويات العام الماضي مقابل 6.8% في يوليو.
ناقوس الخطر
في ظل ارتفاع معدل التضخم الكلي إلى أكثر من أربعة أضعاف المستوى المستهدف البالغ 2%، وتأكيد المؤشرات اتساع نطاق ارتفاع الأسعار ليشمل أكثر من مجرد المواد الغذائية والطاقة، يؤدي ضعف اليورو إلى تفاقم المشكلة من خلال زيادة تكلفة الواردات.
ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة مرة أخرى بما لا يقل عن 50 نقطة أساس هذا الأسبوع بعد أن أعرب العديد من المسؤولين عن مخاوفهم عقب البيانات الأخيرة، التي اكدت ضرورة اتخاذ تدابير قوية، حيث صرح عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي ورئيس البنك المركزي في ألمانيا «يواكيم ناجل» إن الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة أصبح أمرا واضحا، ولكن ما زال يتعين تحديد مدى ارتفاعها.
ويضغط عضو مجلس الإدارة مارتينز كازاك لرفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس على الأقل وانضم إلى الأصوات التي تؤيد رفعها بمقدار 75 نقطة أساس. واتفق عضوا مجلس الإدارة روبرت هولزمان وكلاس نوت على ضرورة النظر في تلك الخطوة على الأقل.
ومن المقرر أيضا أن يناقش البنك الوطني السويسري رفع سعر الفائدة مرة أخرى في اجتماع السياسات المقرر عقده في وقت لاحق من الشهر الجاري بعد أن قام برفعها بالفعل بمقدار 50 نقطة أساس في يونيو.
اقتصاد الصين يلوح بالتباطؤ
أدى المزيج الخطير ما بين الالتزام الثابت بسياسات «صفر كوفيد» وعمليات الإغلاق الإقليمية، ونقص الطاقة، والأزمة العقارية المستمرة في كافة أنحاء البلاد إلى التأثير سلبا على الإنفاق الاستهلاكي والتجاري وتباطؤ التعافي الاقتصادي في الصين، حيث ظل نشاط المصانع في حالة انكماش للشهر الثاني على التوالي في أغسطس.
وعلى الرغم من الأداء الجيد لمؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي، الذي يقيس أداء الشركات الكبرى التابعة للحكومة، الذي ارتفع إلى 49.4 مقابل 49.0 في يوليو، إلا ان القراءة ما زالت في منطقة الانكماش. وأدى تراجع مؤشر مديري المشتريات الصناعي الصيني الصادر عن Caixin، الذي يتتبع الشركات الصغيرة والخاصة والتي تتجه نحو التصدير، مواصلة مساره نحو الانكماش وصولا إلى 49.5 في أغسطس، ما يضيف إلى المؤشرات الدالة على فقد تعافي قطاع التصنيع للزخم.
كما انخفض المؤشر الرسمي غير التصنيعي إلى 52.6 مقابل 53.8 في يوليو. وسيصدر مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات من Caixin الأسبوع المقبل.
تحطيم الطلب
مع تضييق الخناق على ميزانيات المستهلكين بشكل متزايد وتباطؤ وتيرة نمو الاقتصادات بكافة أنحاء العالم، تباطأت وتيرة ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ولا تزال اساسيات سوق النفط من مشرق الأرض إلى مغربها غير مؤكدة في ظل إصدار بيانات ضعيفة من الصين، وأزمة طاقة تعصف بأوروبا، وتشديد الفيدرالي الأميركي سياساته النقدية وقوة الدولار.
وقد تراجعت أسعار النفط إلى حد ما قبل اجتماع الأوپيك وحلفائها الأسبوع المقبل، الذي من المقرر التخطيط خلاله التخطيط لسياسة الإنتاج والمحادثات بشأن استمرار المناقشات النووية الإيرانية، إلا انه على الرغم من ذلك أنهي النفط تداولات الأسبوع دون مستوى 100 دولار للبرميل.
وانخفضت أسعار الذهب بعد أن بدد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أية آمال متعلقة ببدء الفيدرالي الأميركي تيسير سياساته النقدية في وقت قريب، وأشار بدلا من ذلك إلى مواصلة رفع سعر الفائدة والتأكيد على بقائها مرتفعة لكبح جماح التضخم.
كما ساهم الأداء القوي للدولار في التأثير سلبا على الذهب، الذي أنهى تداولات الأسبوع عند مستوى 1712.19 دولارا للأوقية.
من جهة أخرى، فإن التراجع الذي شهدته أسعار العديد من السلع الأساسية مؤخرا نتيجة ضعف وتيرة الطلب من شأنه المساهمة في خفض الأسعار عبر الاقتصاد العالمي.
هذا إلى جانب تحول المستهلكين بعيدا عن عادات التسوق غير الاعتيادية التي ظهرت أثناء تدابير الإغلاق والتي تم خلالها إنفاق المزيد على السلع والتحول إلى الخدمات.