-
باقر: قانون الـ b.o.t ليس فاشلاً.. وإذا لم نواجه الحقائق فلن نستطيع الإصلاح
استضاف الصالون الإعلامي في ندوته مساء امس الاول كلا من الوزير والنائب السابق أحمد باقر ورئيس مجلس إدارة شركة بيان الاستثمارية فيصل المطوع، حيث رسم الضيفان صورة للواقع الاقتصادي الكويتي خاصة أن هناك الكثير من التساؤلات التي تدور في بال الشارع الكويتي حول خطة التنمية ومشاريعها وما تم انجازه منها وكذلك المعوقات التي تعوق المضي قدما في هذه الخطة، كما تناول الضيفان بالعين الخبيرة مسائل اقتصادية عديدة منها الخصخصة وتحرير الاقتصاد وإفساح المجال أكثر أمام القطاع الخاص.
وقد بدأت الندوة بسؤال من الأمين العام لهيئة الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس الذي أدار الندوة حول رؤية الضيفين للواقع الاقتصادي الكويتي في الوقت الحالي وكيف ينظران للبيئة الاقتصادية الحالية خاصة أنه قد تم طرح خطة تنموية كبيرة وبميزانية ضخمة.
فمن جانبه تساءل فيصل المطوع في بداية حديثه عن كيفية أن تكون هناك تنمية في ظل وجود قصور في العديد من القطاعات، واستطرد قائلا «عندما تتأمل الوضع الاقتصادي الكويتي فإنك بالطبع تتحسر، لأن قوة الدول تقاس بقوة اقتصادها والدليل على ذلك أن الإمبراطورية الشيوعية انهارت عندما انهار اقتصادها، ولا تقاس قوة اقتصاد بلد ما بحجم الفوائض المالية لديه أو بغزارة الإنتاج النفطي».
وأضاف المطوع أننا نتكلم عن دولة تدر عائدات مالية كبيرة ولكن اقتصادها في نفس الوقت متدهور وتعاني من تكدس وظيفي غير منتج، معللا سبب ذلك بأن الدولة لا تعير الاقتصاد الاهتمام اللازم «والدولة التي لا تعير اقتصادها أهمية هي دولة متخلفة»، مضيفا «إننا نتعامل مع القطاعات الحكومية المختلفة بشكل يومي وليس هناك معاملات تسير بالأصول الاحترافية اللازمة لإنجاز المعاملات».
الأداء الحكومي
وحول الأداء الحكومي أشار المطوع إلى أن الكويت تمتلك أكبر حكومة في العالم من حيث العدد والهيمنة، فقد أكد قائلا انه كلما زادت هيمنة الحكومة أكثر تدهور الإنتاج وزاد الفساد، والدولة التي لا تؤمن بالفرد المنتج هي دولة غير قادرة على خدمة المجتمع بالشكل المطلوب «فالحكومة في الكويت هي سيدة الناس وليست خادمة الناس فالأمور معكوسة في الكويت، والبيئة الاقتصادية الكويتية غير رحبة وذلك لأن التشريعات الاقتصادية في حقيقتها غير رحبة».
واضاف أننا رغم كل التطور والتسارع الذي يعيشه العالم مازلنا في الكويت نعمل بقانون من حقبة الستينيات، مشيرا إلى أن الشركات العائلية في معظمها شركات ذات مسؤولية محدودة، وإذا أردت التغيير فإن ذلك أمر صعب للغاية لأن التغيير بالنسبة لهذه الشركات وطبقا للقانون يحتاج إلى إجماع وذلك أمر يصعب حدوثه.
أما فيما يخص قانون الخصخصة فقد أكد المطوع أن القانون «قانون مشوه»، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي فالقانون الخاص بذلك قانون غير ذي جدوى.
كذلك أشار المطوع إلى المنطقة الحرة واصفا إياها بأنها أصبحت أماكن لتدخين الشيشة وتجميع القمامة بدلا من أن تساهم في الرواج الاقتصادي في إشارة منه إلى الإهمال الواقع على جانب مهم من جوانب الاقتصاد والذي كان من الممكن أن يساهم إلى حد كبير في إنعاش الاقتصاد الكويتي وجلب المزيد من الاستثمار الأجنبي إليه.
خطة التنمية
وأجمل المطوع نظرته للوضع قائلا: «إما أن يكون التشريع قديما لا يتغير ولا يواكب المتغيرات أو أنه تشريع يغيرونه فيشوهونه، والفوائض المالية لا تخلق فرص عمل، ويجب إفساح المجال أمام تكافؤ الفرص وزيادة المساحة الإنتاجية، ويجب أن تتخلى الدولة عن استحواذها على كل شيء»، وحول خطة التنمية أبدى المطوع تعاطفا كبيرا مع الشيح أحمد الفهد وتمنى أن يوفق في مساعيه، فمازالت هناك الكثير من المعوقات.
قوة الاقتصاد
من جانبه أبدى وزير التجارة السابق أحمد باقر اتفاقا مع ما تقدم به المطوع في نقاط كثيرة لاسيما فيما يتعلق بقوة الاقتصاد، مؤكدا أن وجود فوائض مالية كبيرة لا يعني بالضرورة وجود اقتصاد قوي ومتين معللا ذلك باعتماد الكويت على مورد واحد ناضب، ولا يجوز أن نعتمد على مصدر واحد للدخل كذلك، مشيرا إلى أن المرشحين النيابيين في الثمانينيات كانوا يرفعون شعار عدم الاعتماد على مصدر واحد للدخل وهو الأمر الذي يجب أن نتداركه ونعمل على تخطيه بسرعة، لافتا إلى أن ذلك هو ما اتفقت عليه العديدة من الخبراء الاقتصاديين داخل وخارج الكويت.
هذا وقد أشار باقر إلى نقطة أخرى اعتبرها مهمة جدا وهي «آلية سوق العمل» معتبرا أن الخلل الأساسي راجع إلى أن معظم الكويتيين موظفون في القطاع الحكومي وذلك سوف يمثل أزمة كبرى في المستقبل، مؤكدا على ضرورة انخراط المواطن الكويتي في العمل لدى المؤسسات الخاصة لأن ذلك يساعد على إيجاد المواطن المنتج.
وأضاف باقر أنه يتوقع أن تصل الرواتب الحكومية في المستقبل القريب إلى 20 مليار دينار بينما تبلغ الآن 7 مليارات دينار، مشيرا إلى أن الميزانية العامة كانت 4.200 مليارات دينار في سنة 2000 ووصلت بعد عشر سنوات إلى 16.400 مليار دينار ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من ذلك بكثير في السنوات القادمة، مؤكدا على أن ذلك يتطلب إنتاج 4 ملايين برميل نفط يوميا بسعر 136 دولارا للبرميل وذلك أمر يصعب حدوثه ثم من يضمن حدوث ذلك؟
ثم أشار باقر إلى أنه هناك أكثر من نصف مليون كويتي في مراحل التعليم المختلفة وهم بالطبع ينتظرون المنح الدراسية ثم بعد ذلك الوظيفة ثم منزل الزواج ثم التأمين الصحي وغيرها من الأعباء المالية التي تتحملها الدولة.
الخصخصة وقانون الـ b.o.t
أما بشأن الخصخصة فقد أكد باقر على أنه هناك العديد من المشاريع التي تمت خصخصتها ولكنه تساءل في الوقت نفسه عن عدد الكويتيين الذين يعملون في تلك المشاريع التي تم خصخصتها، مضيفا قوله: «نحن لا نبحث عن الخصخصة التي يأتي بها المستثمرون على الشركات وبعد فترة يسرحون المواطن من العمل، تلك الخصخصة لا نريدها وليست هي التي نتحدث عنها، فيجب دائما مراعاة أن تكون نسبة الكويتيين قبل الخصخصة هي نفس النسبة بعد الخصخصة بحيث نستطيع أن نؤمن نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص»، مؤكدا على الرغبة في وجود قطاع خاص قوي يستطيع أن يعمل ويربح من أجل تشغيل الكويتيين، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن تحقيق ذلك مرتبط بالشفافية والعدالة، كما أشار إلى أنه من ضمن العقبات اتخاذ بعض القرارات السياسية «بحسن نية» تتعلق بالمغريات التي تتم إضافتها على كادر القطاع الحكومي مما يجعل المواطن يفضل العمل الحكومي على القطاع الخاص وأنه يجب أن يتمتع القطاع الخاص بمثل هذه المغريات من أجل أن يتجه المواطن إلى العمل فيه.
من ناحية أخرى أثنى باقر على قانون الـ b.o.t مؤكدا على استعداده للرد على أي ملاحظات تتعلق بالقانون حيث ان هذا القانون تم وضعه لمصلحة الكويت، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 40 مشروعا من المشاريع التي تخضع لهذا القانون، وقد شهد القانون ثناء كبيرا من جهات عالمية مختلفة، مضيفا «قد أتيحت لي فرصة الاطلاع على قانون الـ b.o.t البريطاني فوجدت تشابها كبيرا بين القانونين الكويتي والبريطاني».
وتمنى باقر أن يحظى السوق الكويتي بالمنافسة المطلوبة التي تحقق الأفضل للاقتصاد وتستطيع في الوقت ذاته تخفيض الأسعار وتحسين جودة المنتج، فالمنافسة دائما لصالح المواطن، لافتا إلى حجم المسؤولية الاجتماعية التي تقع على رؤوس الأموال والتي نصت عليها المادة 16 من الدستور الكويتي، واختتم باقر بقوله «إذا لم نواجه الحقائق فلن نستطيع الإصلاح».
وعقب المطوع مؤكدا على أنه يجب أن تكون هناك حرية اقتصادية لكل الدول التي تبحث عن التنمية الحقيقية لأنها أساس من أسس تحقيق النمو مع وجود المنافسة، مشيرا إلى أهمية وجود القطاع الخاص بقوة على الساحة الاقتصادية لأنه من دون قطاع خاص قوي لن تكون هناك تنمية أو فرص عمل. مضيفا أن الحكومة تلحق الضرر بالقوى العاملة للبلاد بتحويلها إلى بطالة مقنعة.
بينما رأى المطوع أن من أخطر عيوب قانون الخصخصة أنه غير محدد بجدول زمني معين في حال أنه إذا لم يرتبط البرنامج الاقتصادي بفترة زمنية محددة وواضحة المراحل فإنه يتدهور ويصعب تحقيقه.
مداخلات
شهدت الندوة العديد من المداخلات التي حرصت على استغلال وجود الضيفين من أجل توضيح بعض النقاط التي تعتبر محل تساؤل لدى العديد من المواطنين، فكانت المداخلة الأولى حول امتلاك إستراتيجية للتحول الهيكلي وأنه ليس هناك تصور محدد ولا جدول زمني لتحقيق أي إستراتيجية، وإذا لم يتمتع القطاع الخاص بالمميزات التي تتيح له أن يجذب العمالة الوطنية فلن نستطيع أبدا أن نمتلك اقتصادا منتجا، كما أنه يوجد غياب واضح للاستثمار الأجنبي، فالاقتصاد الكويتي اقتصاد طارد للاستثمارات الخارجية.
أما المداخلة الثانية فقد نقلت قلق الشارع الكويتي حول خطة التنمية، فكيف توضع الخطة ويتم بدء العمل بها ولم تتم مناقشة الآلية الخاصة بتمويلها؟ كما تساءل المداخل عن آلية معرفة ما تم انجازه فعليا من مشاريع الخطة خاصة في ظل ما يثار في الصحف حول نسب انجاز مشاريع التنمية.
وتناولت المداخلة الثالثة مسألة قانون الـ b.o.t فمثله مثل مشاريع خطة التنمية لم تظهر له نتائج حتى الآن وذلك بسبب التعسف وغياب الرقابة والمتابعة، ثم تساءل المداخل حول عدد المشاريع التنموية وأين نواب الأمة من التصريحات المختلفة حول عدد المشاريع؟