- ارتفاع أكبر محتمل في الأسعار إذا جاءت إمدادات «أوپيك» دون التوقعات
أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير حول أسواق النفط وتطورات الميزانية العامة للدولة إلى أن أسعار النفط ارتفعت بشكل حاد في شهر فبراير وذلك إثر تصاعد الاضطرابات السياسية في بعض أنحاء شمال أفريقيا واحتمال امتدادها إلى مناطق أخرى.
وقفز سعر مزيج خام برنت، وهو المزيج الإسنادي الأوروبي الرئيسي، من حوالي 100 دولار للبرميل في منتصف شهر فبراير إلى 117 دولارا في الثاني من مارس الجاري، حيث توقع بعض المحللين أن يشهد السعر ارتفاعا إضافيا إذا ما تدهورت الأوضاع الأمنية في المنطقة بشكل أكبر.
أما الخام العالمي الإسنادي الممتاز الآخر، وهو خام غرب تكساس الوسيط الذي واجهته سابقا مشاكل تتعلق بفائض في العرض عند نقطة تسليمه في الولايات المتحدة، فقد ارتفع بشكل ملحوظ بمقدار 22 دولارا ليصل إلى 105 دولارات للبرميل في الأسابيع الثلاثة المنتهية حتى أوائل شهر مارس، في حين ارتفع سعر النفط الخام الكويتي بنحو 15 دولارا للبرميل ليصل إلى 110 دولارات للبرميل.
الوضع في ليبيا
ولاحظ «الوطني» أن الاضطرابات في ليبيا قد تسببت في خسارة نحو مليون برميل يوميا من إنتاج النفط الليبي، أي ما يمثل ثلثي إنتاج ليبيا ومعظم صادراتها، إن لم يكن كلها، لافتا الى ما تردد عن ان باقي أعضاء أوپيك، وخصوصا السعودية، قد عوضت عن تلك الخسارة بزيادة إنتاجها، مبينا انه رغم أن الخسارة الصافية في الإنتاج العالمي قد تكون محدودة، إلا انها قد تكون لاتزال تلقي بعبء ثقيل على أسواق النفط العالمية، فقد أدى فقدان النفط الليبي ذي الجودة المرتفعة ـ أي الخفيف نسبيا ـ إلى تعديل في النمط الجغرافي لإمدادات النفط.
وأشار «الوطني» الى ان الأهم من ذلك أن هذه الخسارة في الإنتاج قد استهلكت بعضا من القدرة الإنتاجية الاحتياطية لأوپيك، وقلصت قدرتها على استيعاب هزات مستقبلية وسد احتياجات الطلب العالمي المتنامي.
وأشار «الوطني» إلى أن نمو الطلب العالمي على النفط يتوقع أن يتباطأ هذا العام بعد الارتفاع الكبير الذي شهده الإنتاج في العام الماضي والمقدر بنحو 2.8 مليون برميل يوميا (3.3%)، والذي صنفه بعض المحللين على أنه «صدمة طلب»، ويرى مركز دراسات الطاقة الدولية والوكالة الدولية للطاقة، مثلا، أن نمو الطلب على النفط سيكون بمقدار 1.3 مليون برميل و1.5 مليون برميل يوميا (1.5% -1.7%) على التوالي في العام 2011، ويعكس هذا التباطؤ تراجعا في النمو الاقتصادي، ويعزى ذلك جزئيا إلى سياسات مالية ونقدية أكثر تشديدا.
أسعار نفط مرتفعة
يضاف الى ذلك ان أسعار النفط المرتفعة قد تبدأ بنفسها، وبشكل متزايد، بترشيد الطلب العالمي على النفط، مع تقليل المستهلكين من استهلاكهم للطاقة أو مع تحولهم إلى أنواع بديلة من الوقود، وسيكون أقوى نمو في الطلب على النفط في خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث ينمو الاقتصاد بوتيرة أسرع وحيث يسمح النمو القوي في إيرادات قطاع الأعمال باستيعاب التكاليف المرتفعة للطاقة بشكل أسهل، ويتوقع بعض المحللين (بما فيهم الوكالة الدولية للطاقة) أن يتراجع الطلب على النفط هذا العام في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ولاحظ «الوطني» أن ترددات الأزمة في ليبيا لم تدخل بعد في البيانات الأخيرة لإنتاج النفط التي أصدرتها أوپيك، وبالفعل، فقد شهد شهر يناير ثاني أكبر ارتفاع شهري على التوالي لإنتاج أوپيك (باستثناء العراق)، مرتفعا بمقدار 137 ألف برميل يوميا ليصل إلى 27.01 مليون برميل يوميا.
وكان هذا الارتفاع قد أعقب الارتفاع الذي شهده شهر ديسمبر والذي بلغ 198 ألف برميل يوميا حينها، وبلغ الإنتاج الليبي 1.57 مليون برميل يوميا، ويبدو الارتفاع في إنتاج أوپيك بشكل متزايد كجهد موحد لتزويد السوق بالمزيد من النفط، رغم عدم وجود تغيير رسمي في الحصص ورغم رأي المنظمة المعلن أن الأسواق النفطية قد تم تزويدها بالنفط بشكل واف.
يذكر أيضا أن إنتاج النفط العراقي، والذي لا يخضع لحصص أوپيك، قد ارتفع بحدة بمقدار 258 ألف برميل يوميا في شهر يناير ليصل إلى 2.71 مليون برميل يوميا بسبب الإنتاج الجديد من الحقول الجنوبية في الرميلة والزبير، ويعتبر ذلك أعلى مستوى من الإنتاج العراقي منذ أكثر من 20 عاما، ويعزز الآمال الطموحة في أن يحصل «تهافت كبير على النفط العراقي» على مدى السنوات القليلة القادمة، مع ارتفاع الإنتاج بما يصل إلى 10 ملايين برميل يوميا، ولكن المحللين الأكثر تحفظا يتوقعون أن يرتفع الإنتاج العراقي بمقدار أقل قدره 3.5 ملايين برميل يوميا بنهاية العام 2014، ويسلطون الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه الإنتاج.
توقعات أسعار النفط
وتفترض توقعات «الوطني» الوسطية لأسعار النفط على الفترات ربع السنوية المقبلة ارتفاعا في الطلب على النفط بمقدار 1.3 مليون برميل هذا العام، تماشيا مع توقعات مركز دراسات الطاقة الدولي.
ومن ناحية العرض، يتوقع أن يرتفع إنتاج النفط من الدول غير الأعضاء في أوپيك بالمقدار ذاته، بافتراض ارتفاع إمدادات الغاز الطبيعي المسال من دول أوپيك بواقع 0.5 مليون برميل يوميا، لاسيما من قطر، وتعني هذه الحسابات أن توازن السوق النفطي لن يختلف عن العام الماضي. ولكن بعض المحللين يعتقدون أن أوپيك ستتحرك لتجنب السحب المتواصل من المخزون العالمي، ما قد يولد الحاجة لأن ترفع إنتاجها بما يصل إلى مليون برميل يوميا. وإذا ما تحقق ذلك، فقد يكون كافيا لتثبيت أسعار النفط الخام حتى منتصف العام، وسيبقى سعر النفط الكويتي أقل بقليل من 100 دولار للبرميل في الربعين الثاني والثالث من العام 2011، قبل أن يعود إلى 93 دولارا مع حلول الربع الأول من العام 2012 حين تلحظ الأسواق تأثير الإنتاج الإضافي لأوپيك بشكل أكبر.
وبالإضافة إلى الهلع الذي ينتاب الأسواق بسبب عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، قد ترتفع أسعار النفط نتيجة عدم رغبة أو قدرة أوپيك على تزويد الأسواق بإمدادات إضافية، ربما بسبب رغبة بعض الأعضاء برفع الأسعار، أو بسبب مشاكل تتعلق بالمحافظة على إنتاج أعلى في دول يتعرض أمنها للتهديد، وإذا ما رفعت أوپيك العرض بمقدار 0.6 مليون برميل يوميا فقط هذا العام، فقد يواصل سعر النفط الخام الكويتي ارتفاعه ليصل إلى 120 دولارا للبرميل بحلول أوائل العام 2012.
من ناحية أخرى، أشار «الوطني» إلى أن الطلب العالمي على النفط قد يرتفع بمقدار 1.1 مليون برميل فقط هذا العام بسبب السياسات الاقتصادية الأكثر تشددا أو فقدان الزخم بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي أكثر مما هو متوقع، وفي هذه الحال، قد ينخفض سعر النفط الكويتي إلى 74 دولارا للبرميل مع نهاية العام. وحتى إذا تدخلت أوپيك للحد من العرض في الربع الأخير من العام 2011، فإنها لن تتمكن على الأرجح من تحقيق أي ارتفاع كبير في الأسعار في المدى القريب.
ورأى «الوطني» أنه ليس لهذه السيناريوهات تأثير يذكر على أسعار النفط في السنة المالية الحالية، والتي يبدو أن متوسط سعر البرميل فيها سيكون قريبا من 81 دولارا، ما سيحقق إيرادت نفطية بمقدار 19– 20 مليار دينار، أي أعلى بنسبة 17% إلى 19% من مستواها في البيانات الختامية للسنة الماضية.
المصروفات الحكومية
وإذا جاءت المصروفات الحكومية الفعلية، كما هو متوقع، دون تلك المقدرة في الميزانية بنسبة 5% إلى 10%، فسيصل الفائض في الميزانية هذا العام إلى ما بين 3.9 و5.1 مليارات دينار، وذلك قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة. ويشمل ذلك المصروفات البالغة 1.1 مليار دينار للمنحة الأميرية للمواطنين التي تزامنت مع العيد الوطني وعيد التحرير هذا العام.
ورغم أن قدرا كبيرا من عدم اليقين لايزال يحيط بما ستسفر عنه ميزانية السنة المالية 2011/2012، أشار «الوطني» إلى أن السيناريوهات الثلاثة التي يتوقعها، والتي يتراوح بموجبها سعر برميل الخام الكويتي بين 80 و112 دولارا، ستنتج على الأرجح فائضا كبيرا آخر في الميزانية.
وبناء على البيانات الحكومية الأولية، قد تبلغ المصروفات الإجمالية المقدرة في الميزانية 17.9 مليار دينار في السنة المقبلة.
وبناء على توقعات «الوطني»، سينتج عن ذلك فائض يتراوح ما بين 2.6 و12.2 مليار دينار، وذلك قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، فيما تتوقع الحكومة عجزا بمقدار 4.5 مليارات دينار.