عمر راشد
هبوط الدولار مؤخرا أمام العملات الرئيسية وعلى رأسها اليورو لأدنى مستوياته له خلال عشرين شهرا مضت، ادى الى تزايد القلق بالنسبة لنمو الاقتصـــاد الاميركي بصفة خاصة والاقتصـــاد العالمــي عامــة.
ووفقا للتحليلات الاقتصادية المتخصصة والمتاحة، فقد كان لهبوط الدولار اثر كبير على اسعار الاسهم في اسواق المال العالمية، ومنها دول الشرق الاوسط ومنطقة الخليج، وهو ما أثر في اسواق رأس المال والعقار بصورة سلبية بالاضافة الى قطاعات اخرى.
كما كان لانخفاض سعر صرف الدولار اثره البالغ في تضخم اسعار السلع الاستهلاكية واسعار العقارات بشكل غير مبرر ومغالى فيه في كثير من دول الخليج التي ترتبط عملاتها بالــدولار ارتفاعـــا وانخفاضــا.
وكان من اكثر المتضررين من تداعي سعر الدولار امام العملات الاخرى الاستثمارات الخارجية للصناديق السيادية لدول الخليج وعلى رأسها الهيئة العامة للاستثمار الكويتية التي قدر البعض حجم استثماراتها الخارجية بحدود 300 مليار دولار خلال 2006، موضحين ان اعادة تقييم تلك الاستثمارات بعد انخفاض الدولار قد جعلها تفقد كثيرا من قيمتها على الرغم من تنوع المحفظة التي تضمها تلك الاستثمارات.
والقطاع الثاني الاكثر تضررا هو البورصة، وعلى الرغم من بلوغ المؤشر حاجز الـ 13 الف نقطة الا انها تضررت كثيرا بفعل الخفض في سعر الدولار خاصة الشركات المدرجة في اسواق مالية اخرى ترتبط عملة بلدانها بالدولار.
اما القطاع العقاري فقد اشارت معظم التحليلات الرصينة الى انه اكثر القطاعات التي تأثرت بذلك واثرت بشكل واضح على الاداء الاقتصادي بدول الخليج، حيث ان تداعي الدولار دفع الاحتياطي الفيدرالي الى خفض الفائدة، مما اثر على الفوائد الخاصة بالتسليف العقاري ومن ثم ارتفاع اسعار التضخم لأعلى، الامر الذي دعا بعض المحللين للقول ان ارتفاع اسعار التضخم يقف وراءه ارتفاع الايجارات والانفاق الاستهلاكي الترفي او غير المبرر فوصلت نسبته في الكويت الى 5.34% واقترب من حاجز 9% بالامارات وقاربت نسبته اعلى حدوده في قطر بحدود 12% وفقا لبيانات شهر مايو 2007.
ولكن، ما السبب وراء هبوط الدولار الاميركي؟ وما النتائج المترتبة على ذلك بالنسبة للاقتصادين الاميركي والعالمي؟
عجز الموازنة
في البداية يرى المحللون والخبراء ان من اهم اسباب هبوط الدولار العجز التجاري الكبير الذي تشهده الولايات المتحدة الاميركية، الى جانب العجز المالي في الميزانية الفيدرالية الاميركية، وترتب على تدني سعر الدولار تأثيرات سلبية اثرت بصورة بالغة على اقتصاد الدول الآسيوية التي تحتفظ باحتياطي كبير من عملتها بالدولار. ومنذ عام 2003 تقريبا، ظل المراقبون يبدون الكثير من القلق من تزايد حجم العجز في الميزان التجاري الاميركي الذي يعني في صورته البسيطة الفارق بين ما تصدره الولايات المتحدة وما تستورده من منتجات.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي فإن العجز يتجه لبلوغ 800 مليار دولار بنهاية 2006 اي ما يقارب 7% من اجمالي الاقتصاد الاميركي، ولا توجد دلائل على تناقصه في المدى القصير او المتوسط.
وفي الوقت نفسه، ادت الاستقطاعات الضريبية في الولايات المتحدة الى جانب الحرب على العراق الى احداث نقص كبير في الميزانية الاميركية بلغ عدة مئات المليارات من الدولارات، برغم ما اكدته تقارير عديدة عن ازدهار الاقتصاد الاميركي.
عملاق آسيوي
وعلى الجانب الآخر، هناك فجوة متزايدة شهدها الاقتصاد الاميركي تنبع من تعاملات الولايات المتحدة مع دول جنوب شرق آسيا مثل الصين واليابان وكوريا وكلها تبيع منتجات الى السوق الاميركي تفوق ما تستورده منه. وقد تمكنت هذه الدول مجتمعة من ادخار فائض من العملة بلغ تريليون دولار اميركي، كلها على شكل سندات تصدرها الخزانة الاميركية.
وهكذا فإن هذه الدول تمول العجز في المجالين التجاري والميزانية الاميركية، بطريق غير مباشر، وقد ادى وجود هذا الخلل في التوازنات الاقتصادية العالمية الى ان حذر صندوق النقد الدولي وهيئات دولية اخرى من نشوء خطر يهدد بوقوع كارثة اقتصادية عالمية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )