زكي عثمان
تتنامى المنافسة بين دبي والبحرين على أي منهما ستكون مركز الصيرفة الاسلامية الرئيسي في العالم بعد أن بدأ دور لندن في الانحسار كمركز لهيكلة المنتجات الاسلامية.
وتقود هذا النمو في المنطقة اصدارات الصكوك الاسلامية التي بدأت تفضلها المؤسسات والحكومات في المنطقة منذ سنوات قليلة على ادوات الدين التقليدية.
وينسحب الأمر على اسواق اخرى غير اسلامية، فالحكومة البريطانية ستكون اول حكومة غربية تطلب صكوكا اسلامية العام المقبل في محاولة على ما يبدو لجعل لندن مركزا للصيرفة الاسلامية وهي محاولة جاءت متأخرة مع تنامي الجهود في منطقة الخليج لبناء مراكز صيرفة اسلامية ضخمة.
ولم تكشف الحكومة البريطانية عن حجم الإصدار، إلا أن وزير المالية البريطاني قال إن السوق المالية الإسلامية تتمتع بسيولة كبيرة تصل إلى 250 مليار دولار، علاوة على أن الهيكل المتعارف عليه لإصدار الصكوك يحقق مزايا كثيرة للخزانة البريطانية.
وتظهر دراسة حديثة لمؤسسة «تاورز اند هاملنز» القانونية الدولية ان 2% فقط من صناديق الاستثمار الاسلامية توجد في بريطانيا، بينما 75% تتخذ من منطقة الخليج مقرا لها.
وقد تنامى عدد وحجم الصكوك الاسلامية بصورة سريعة في السنوات الاخيرة، ففي العام الماضي تم بيع ما قيمته 7 مليارات دولار من الاصدارات الجديدة للصكوك، فيما تشير التقديرات الى ان حجم اصدارات الصكوك سيتجاوز100 مليار دولار بحلول 2010.
وبلغت قيمة اصدارات الصكوك في الأشهر التسعة الاولى من العام الحالي 22.4 مليار دولار حيث ساعدت دول الخليج بصورة رئيسية على التخفيف من حدة الازمة التي عصفت بسوق الديون العالمية وفقا لبيانات زوايا داو جونز.
وبلغت قيمة الصكوك التي نشأت في منطقة الخليج 14.5 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى منذ هذا العام لتمثل ثلثي السوق العالمية لهذه الاصدارات.
وتظهر البيانات ايضا ان البحرين لاتزال مركز الصيرفة الاسلامية في منطقة الشرق الأوسط حيث تمثل نحو ربع الاصدارات العالمية، فيما استقطبت منافستها الرئيسية دبي اكبر اصدار لصكوك يمثل 31% من اجمالي قيمة الاصدارات في الاشهر التسعة الاولى من العام.
ولم تكن سوق الصكوك الاسلامية منيعة امام ازمة الائتمان العالمي التي عصفت بالأسواق صيف العام الحالي حيث تم تأجيل العديد من الاصدارات الكبيرة، الا ان معظم المحللين يتوقعون تعافي السوق قبل نهاية الربع الاول من عام 2008. واظهر استبيان أخير للمصرفيين والمحللين اتفاق رأي الغالبية على ان قيمة الصكوك التي ستطرح في الأسواق نهاية يونيو من العام المقبل ستبلغ 10 مليارات دولار على الاقل.
اما سوق الصكوك العالمية فقد ارتفعت بشكل قياسي إلى 24.5 مليار دولار خلال النصف الأول بزيادة كبيرة تبلغ 75% مقارنة بالعام الماضي.
واظهر تقرير أصدرته مؤسسة «آي إف آي إس» ان عائدات «الصكوك السيادية» ارتفعت بنسبة 521% لتصل إلى 4.4 مليارات دولار، بينما احتلت سوق الصكوك الماليزية 70% من اجمالي سوق الصكوك ككل. وتصدرت البورصة الماليزية «سي آي إم بي اسلاميك» الصدارة في جدول اصدارات الصكوك الاسلامية على المستوى العالمي حيث بلغت 3.15 مليارات دولار، وكذلك الصكوك المحلية حيث بلغت 2.87 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه احتل مصرف «دويتشه بنك» الألماني الترتيب الثاني على المستوى الدولي بحجم اصدارات بلغ 952 مليون دولار.
في حين حلت بالمركز الثالث مؤسسة باركليز كابيتال المالية البريطانية بحجم اصدارات بلغ 883 مليون دولار، بينما جاء بنك بي ان بي باريبا الفرنسي في التصنيف الرابع بحجم اصدارات وصلت الى 650 مليون دولار.
وبين التقرير ان صكوك مركز دبي المالي العالمي استقطبت أكثر من ملياري دولار في الطلبات، بينما استقطبت اصداراتها لخمس سنوات أكثر من ملياري دولار، وجاء أكثر من ثلثي المساهمين من خارج الشرق الاوسط، حيث شكلت البنوك نسبة 54% و35% من مديري الصناديق المالية.
وقال صندوق النقد الدولي انه ومع وفرة السيولة وتزايد الطلب على تمويل المشاريع الاستثمارية، حدثت طفرة في إصدار الصكوك الإسلامية، وخصوصا في مجلس التعاون الخليجي.
وقال الصندوق ان سوق الصكوك الاسلامية ينمو بمعدل 45% سنويا حيث بلغ في العام الماضي41 مليار دولار. وأشار الصندوق إلى ان دول الخليج تستهدف اصدار صكوك اسلامية بقيمة 50 مليار دولار على مدى الـ 2 - 3 سنوات المقبلة لتمويل مشاريع في البنية التحتية.
من ناحيتها تتوقع مؤسسة ستاندرد اند بورز للتصنيفات الائتمانية ان تتجاوز المبيعات العالمية من الصكوك الاسلامية 100 مليار دولار بحلول عام 2010. وبينت المؤسسة اشتداد حمى المنافسة بين أسواق المال الدولية، خصوصا في الرياض ودبي وكوالالمبور والمنامة وسنغافورة ولندن لاستقطاع شريحة من الحصص الحالية الناجمة عن الطفرة الاقتصادية التي تشهدها المالية الإسلامية.
وأكد صندوق النقد الدولي أن ادوات الصيرفة الإسلامية تشهد نموا متسارعا في الوقت الحاضر ليس بسبب تنامي السيولة المالية في دول المنطقة فحسب، بل بسبب توسع رقعة الحلول والمنتجات المالية الإسلامية التي تواكب احتياجات قطاعات واسعة من المستثمرين سواء الحكومات أو الشركات أو المؤسسات المالية الإسلامية نفسها.
ولاحظت دراسة للصندوق حدوث تحول كبير للمستثمرين الذين كانوا في السابق يلجأون إلى صناديق التحوط وأدوات الدين التقليدية إلى إصدارات الصكوك الإسلامية، حيث تضاعف حجم هذه الإصدارات 4 مرات بين عامي 2004 و2006 من 7.2 مليارات دولار إلى 27 مليار دولار.
وحظيت إصدارات الصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي بدعم قوي من الحكومات الخليجية نفسها، حيث قام العديد منها مع بنوك مركزية خليجية باستبدال جزء من إصدارات الخزانة بالصكوك الإسلامية، حيث يقوم مصرف البحرين المركزي على سبيل المثال بإصدار صكوك السلم بواقع 40 مليون دولار أسبوعيا.
وسبق لدراسة نشرت على موقع البنك الدولي أن قالت إن خبراء الصيرفة الإسلامية يتوقعون أن يبلغ حجم إصدارات الصكوك الإسلامية 3 تريليونات دولار بحلول عام 2015.
ومن دلائل تنامي اهمية الصكوك على المستوى العالمي تأسيس مؤشر داو جونزسيتي غروب للصكوك الذي اطلق في ذروة نمو هذه السوق في 2006 حيث يقيس اداء الصكوك العالمية المتوافقة مع الشريعة.
ويتكون المؤشر من سندات اسلامية مقيمة بالدولار الأميركي يجب لإدراجها في المؤشر ان تستحق في عام على الأقل وحجم اصدار لا يقل عن 250 مليون دولار وتصنيف لا يقل عن 3bbb-/baa من وكالات تصنيف ائتماني رائدة.
وتم ايجاد هذا المؤشر ليكون مرجعية للمستثمرين الباحثين عن استثمارات ذات دخل ثابت متوافقة مع الشريعة، كما انه يعمل على زيادة التداول في السوق الثانوية في سوق التعاملات المتقاطعة المتنامية للاصول والتسهيلات.
وعلى سبيل المثال يشتمل المؤشر على الصكوك التي اصدرها المصرف الإسلامي للتنمية في البحرين وحكومة دبي ومصرف التنمية الإسلامي ودولة قطر ومصرف أبوظبي الإسلامي وبنك الإمارات في دبي ومركز دبي المالي العالمي وموانئ دبي العالمية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )