قال بنك الكويت الوطني في تقريره الاقتصادي حول تطورات أسواق النقد العالمية، ان موجة من الأخبار والتطورات السلبية في بداية الأسبوع غمرت الأسواق، حيث شهدت اليونان احتجاجات ضخمة، وسجل الاقتصاد الفرنسي نتائج أكثر ضعفا وقرر البرلمان اليوناني التصويت على خطة التقشف بينما تزايدت الشكوك حول خطة تجديد الدين السيادي في فرنسا، وجاءت تصريحات وزير المالية الهولندي لتضيف مزيدا من الضبابية على الوضع، حيث قال انه «ليس من المؤكد أن تحل المسائل المتعقلة بالدعم الإضافي لليونان قبل الثالث من يوليو».
ولفت «الوطني» إلى انه في مقابل جميع عناصر عدم اليقين هذه، كان هناك العديد من التطورات والأخبار الإيجابية، فقد صرح المسؤول الصيني، وين جياباو بأن بلاده مهتمة بشراء مستوى مناسب من ديون الدول الأوروبية إذا دعت الحاجة، وقالت المستشارة الألمانية، ميركل، إن الصين قد أعلنت أن لها مصلحة كبيرة في استقرار اليورو، وأخيرا، كرر رئيس البنك المركزي الأوروبي، تريشيه، تعليقات ستارك بأنه متيقظ للغاية وأن البنوك الألمانية قد وافقت من حيث المبدأ على استخدام المقترح الفرنسي كأساس للتفاوض حول مشاركة القطاع الخاص في أي تغطية لتجديد الديون اليونانية.
كما أنه وبعد موافقة البرلمان اليوناني على الإجراءات التقشفية، سجلت الأسواق صعودا حادا، وتعزز هذا التوجه نتيجة لانتخاب وزيرة المالية الفرنسية، كريستين لاغارد رئيسا لصندوق النقد الدولي. وأشار «الوطني» الى انه في ضوء هذه التطورات الايجابية، فقد استفاد اليورو أيضا من انخفاض العائد على سندات اليورو ليرتفع سعر العملة الأوروبية إلى 1.4552 مقابل الدولار يوم الجمعة قبل أن يقفل في نهاية التداول للأسبوع عند مستوى الـ 1.4526 دولار، واخترق سعر اليورو مقابل الفرنك الفرنسي حاجز التشاؤم راكبا موجة البيع التي تعرضت لها العملة السويسرية، الأمر الذي أوجد مزيدا من الضغوط على الفرنك السويسري لينخفض إلى 1.2316 مقابل اليورو.
أما الجنيه الاسترليني فقد شهد تداولات ضمن نطاقه العادي مقابل الدولار على أساس التوقعات بألا يلجأ بنك إنجلترا إلى رفع أسعار الفائدة في اجتماعه القادم، بينما انخفض سعره إلى 0.9083 مقابل اليورو، وهو أدنى مستوياته منذ 15 شهرا، قبل أن يقفل في نهاية الأسبوع على 0.9038 يورو.
أما على صعيد تطورات الاقتصاد الأميركي، فقد ارتفعت مبيعات المنازل القائمة في شهر مايو بنسبة 8.2% ـ بعد انخفاض بلغ 11.6% في شهر أبريل ـ وهي نسبة تعادل حوالي 3 أضعاف الارتفاع المتوقع، حيث أدى انخفاض أسعار المنازل إلى جعلها أكثر توافقا مع الإمكانيات المالية للمشترين، وربما تكون العوامل الموسمية قد لعبت دورا في التأثير على أعداد العائلات التي كانت تفكر في الانتقال إلى منازل جديدة في بداية فصل الصيف، ومع أن الأداء في شهر مايو كان بمثابة قفزة كبيرة مقارنة بالمبيعات في شهر أبريل، إلا أن المراقبين الاقتصاديين لايزالون يؤكدون على ضعف سوق المنازل القائمة في الولايات المتحدة والتي لاتزال أسعارها دون المستويات التي كانت عليها في 2001.
وارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة إلى 55.3 نقطة مقارنة بـ 53.5 نقطة في الشهر السابق في إشارة إلى أن قطاع الصناعة قد بدأ يصحح اتجاهه بعد فترة شهد خلالها نقص القطع والأجزاء الصناعية من اليابان، وصرح مسؤولو مجلس الاحتياط الفيدرالي الأسبوع الماضي بأن القيود «المؤقتة» التي يتعرض لها الإنتاج الأميركي ستتراجع لتفتح المجال أمام تحسن وضع الصناعة والاقتصاد ككل إلى ما بعد نهاية العام الحالي.
في هذه الاثناء، أعلن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، هاري ريد، أن المجلس سيلغي عطلته السنوية في يوم الرابع من يوليو لإرغام المفاوضين على التوصل إلى صفقة حول الحد الأقصى للدين القومي والذي بات يلوح في الأفق، وقالت بعض التقارير أيضا إن الرئيس باراك أوباما والأعضاء الديموقراطيين في مجلس الشيوخ يدرسون إمكانية خفض قيمة الموازنة الحكومية بشكل يجعل بإمكان الحكومة تلافي التجاوز الذي بات وشيكا جدا، على أن تمارس الحكومة لاحقا ضغوطا على الكونغرس للتصدي لهذه المسألة قبل انتخابات سنة 2012، وستغطي الصفقة احتياجات البلاد للاقتراض لمدة 7 أشهر.
وكان زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل قد دعم قبل عدة أسابيع فكرة إبرام صفقة قصيرة الأجل، إلا أن جمهوريين آخرين في المجلس ليسوا متحمسين لخطوة كهذه، علما بأن ستاندرد آند بورز صرحت بأنها ستخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى درجة «التعثر الاختياري» إذا لم يتم تسديد الدفعات التي ستستحق بتاريخ الرابع من شهر أغسطس المقبل».
اقتصاديات اليورو
أشار «الوطني» الى ان أنظار العالم تركزت في بداية الأسبوع على تصويت البرلمان اليوناني على خطة التقشف، وقد وافق البرلمان على إجراءات تقشف متوسطة الأجل بأغلبية 155 صوتا مقابل 138 صوتا وامتناع 5 أعضاء عن التصويت، الأمر الذي أدى إلى تجنب أزمة أشد خطورة بكثير من تلك التي نتجت عن انهيار بنك ليمان براذرز. وكرر وزير المالية اليوناني يوم الجمعة ثقته بأن بلاده ستحقق أهداف الخصخصة لهذه السنة والسنة المقبلة، ورحب باستعداد البنوك للمشاركة في عملية تجديد إصدارات سندات الدين السيادي لليونان، وأخيرا، كرر أن الاقتصاد سوف يتقلص بنسبة 3.9% في سنة 2011 بينما سترتفع البطالة إلى 16 ـ 17%.
وفور الانتهاء من موضوع اليونان، حول المستثمرون اهتمامهم إلى القرار المتوقع اتخاذه الأسبوع المقبل من قبل البنك المركزي الأوروبي، متوقعين أن يلجأ البنك إلى رفع سعر الفائدة بـ 25 نقطة أساس ليصل إلى 1.50% يوم 7 يوليو، مع الإبقاء على أسعار الفائدة العادية وعمليات السيولة دون تغيير، وفي حين أن رفع أسعار الفائدة يبدو أمرا مفروغا منه، سوف تركز الأسواق على أي تلميح قد يصدر عن تريشيه بشأن توقيت الخطوة التالية.
ورجح «الوطني» ان يكون الهبوط الحاد للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية يدل على أن التغييرات المستقبلية على صعيد السياسة النقدية سيتوقف بدرجة أكبر على الحصول على المزيد من البيانات الاقتصادية، علما بان هناك مسألة أخرى تستقطب اهتمام السوق وهي تتعلق بتقييم البنك المركزي الأوروبي لأي مبادرة محتملة لإشراك القطاع الخاص في تنفيذ أي خطة إنقاذ ثانية لليونان، علما بأن جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، كرر تصريحات سابقة له بأن البنك لا يتوقع مثل هذه المشاركة.
وفي سياق ذي صلة، اقترحت فرنسا حلا تقوم بموجبه البنوك بتجديد الدين اليوناني لمدة 30 سنة، وبموجب المقترح الفرنسي، تقوم البنوك بإعادة تجديد سنداتها وتحويلها لخطة تمويل مدتها 30 سنة، بحيث يستثمر المشاركون ما لا يقل عن 90% (ويفضل أن تكون النسبة 100%) من المبلغ الذي يحصلون عليه في سندات جديدة صادرة عن الحكومة اليونانية وتستحق في البداية بعد 5 سنوات وبفائدة تبلغ 5.5%، وذلك حسب الوثيقة المؤرخة في 24 يونيو، وقالت مسودة الوثيقة ان الخطة تشترط الإعفاء غير الرسمي من وكالات التصنيف بمعنى أنها لن تتسبب في خفض التصنيف إلى «وضع التعثر» أو أي وضع آخر بالنسبة للسندات الحكومية اليونانية الحالية أو تلك التي قد تصدر في المستقبل.