تدخل اوروبا العام الجديد في غمرة حالة من الشكوك الاقتصادية التي نشأت نتيجة لأزمة الائتمان العالمية والتوقعات بشأن تباطؤ النمو.
وفي الوقت الذي خفض فيه اقتصاديون توقعاتهم لنمو اقتصاد منطقة اليورو، حذرت بنوك من انها تحتاج الى وقت الى ان يتضح حجم تداعيات أزمة قروض التمويل العقارية الاميركية عالية المخاطر وأزمة الائتمان الناتجة عنها.
ويكمن الخطر الحقيقي بالنسبة لمنطقة اليورو المؤلفة من 13 دولة في حدوث ركود بسبب ارتفاع اسعار النفط واسعار الاغذية التي دفعت التضخم للارتفاع في الوقت الذي يهدد فيه ارتفاع قيمة اليورو وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بتقليص معدلات النمو الاقتصادي.
وقال كبير الاقتصاديين في مصرف «كومرتسبنك» يورج كرمر ان «مؤشرات الثقة قد تراجعت بشكل كبير خلال الاشهر الماضية» وتوقع انخفاض معدلات الفائدة العام المقبل.
وقال اقتصاديون ان منطقة اليورو بعد ان خرجت العام الماضي من فترة ركود طويلة، فإن نموها الاقتصادي قد يعود مرة اخرى للتراجع من نحو 2.6% هذا العام ليقترب من نسبة 2% في العام المقبل.
وبالمثل، فإن من المتوقع ان ينخفض النمو في ألمانيا صاحبة اكبر اقتصاد في اوروبا الى 2% العام المقبل مقابل نحو 2.6% هذا العام، وبعد ان بلغ ذروته عند 2.9% في العام الماضي.
ويشير ما أظهرته مؤشرات اقتصادية استطلاعية من حدوث هبوط في كل من ثقة المستثمرين والمستهلكين في انحاء منطقة اليورو الى ان المنطقة ستشهد مزيدا من الفترات الاقتصادية العصيبة.
وفي الوقت نفسه، تظهر بيانات ان التضخم يرتفع بأكثر من المتوقع عقب حدوث قفزة في اسعار الاغذية والارتفاع القياسي الاخير في اسعار النفط على خلفية تجدد التوترات في منطقة الشرق الاوسط.
وبعد ان قفز معدل التضخم بأكثر من المتوقع في سبتمبر الماضي الى 2.6% أصبح يتحدث خبراء الاقتصاد حاليا عن ان المعدل سيرتفع الى 3% في منطقة اليورو خلال الاشهر المقبلة.
وما يلقي بظلاله على التوقعات بشأن التضخم هو وجود مؤشرات على ان ضغوط تكلفة الاجور قد تنشأ في ظل ادلة على انكماش سوق العمل وحدوث نقص في العمالة الماهرة في بعض القطاعات الاقتصادية المهمة.
وكشفت بيانات مكتب الاحصاء الاوروبي (يوروستات) ان معدل البطالة في منطقة اليورو تراجع في سبتمبر الى 7.3% مقابل 7.4% في اغسطس.
وفي الوقت نفسه، أصبحت سوق العمل الالمانية حاليا - بعد 17 عاما من توحيد شطري ألمانيا - في افضل احوالها بعدما شهدت سلسلة من الانخفاضات الشهرية في عدد العاطلين.
لكن تزايد معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي قد شكلا ايضا ضغوطا على البنك المركزي الاوروبي بعد أن أرجأ خطوة كان يعتزم اتخاذها في سبتمبر برفع اسعار الفائدة، وذلك عقب اضطراب اسواق المال نتيجة تزايد حالات التعثر عن سداد قروض التمويل العقاري الاميركية عالية المخاطر.
ويواجه البنك فترة اختبار عندما يحاول موازنة المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي وأزمة الائتمان العالمية بينما يسعى ايضا الى تأمين فعالية اجراءاته لمكافحة التضخم في ظل الارتفاع الحاد والمفاجئ في اسعار المستهلكين.
ويتوقع اقتصاديون ان يظل مجلس محافظي البنك على موقفه بشأن اسعار الفائدة حتى مطلع العام المقبل، في الوقت الذي ينتظر فيه صدور بيانات عن تداعيات أزمة الائتمان واضطراب سوق العقارات الاميركية على النمو الاقتصادي.
يضاف الى ذلك، ان المستوى المرتفع القياسي لقيمة اليورو فوق مستوى 1.48 دولار خلال الاسابيع القليلة الماضية يعني ان البنك في كسب الوقت لتحديد سياسته النقدية وابقاء اسعار الفائدة الرئيسية له دون تغيير عند 4% بعد أن رفع تكاليف الاقراض بمقدار 200 نقطة أساس اعتبارا من ديسمبر عام 2005 الى يونيو عام 2007.
وفي هذا السياق، أعرب الكثير من خبراء الاقتصاد مع ذلك عن مخاوفهم من ان المخاطر التي تكتنف منطقة اليورو قد بدأت تتجسد على أرض الواقع، اذ ان ارتفاع سعر صرف اليورو يمكن ان يضر بالصادرات في الوقت الذي بدأ نمو الاقتصاد العالمي في التباطؤ وتسببت المخاوف بشأن التضخم في اضعاف طلب المستهلكين.
وفي ظل ارتفاع اليورو لأعلى مستوياته على الاطلاق امام الدولار، أشارت بالفعل دراسة للمفوضية الاوروبية بشأن الثقة في الاقتصاد الى وجود مخاوف بين اوساط المصدرين بشأن تداعيات قوة العملة الاوروبية الموحدة على اعمالهم.
وأظهرت دراسة المفوضية التي صدرت في أكتوبر ان توقعات التصدير بين شركات التصنيع في منطقة اليورو قد تراجعت للمرة الاولى منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )