هشام أبوشادي
تبدأ حركة التداول في سوق الكويت للأوراق المالية الأسبوع الجاري في أجواء يلفها الحزن على وفاة سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح من جهة، وقراءة أوساط المستثمرين والاقتصاديين لنتائج انتخابات مجلس الأمة من جهة اخرى، وعلى الرغم من ان الأحداث التي مرت على الكويت الاسبوع الماضي بوفاة سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله طغت على غيرها من الأحداث، إلا ان النظرة المستقبلية لنتائج انتخابات مجلس الأمة وربطها بمدى ما يمكن تحقيقه من انجازات اقتصادية ستكون محط قراءة للأوساط الاقتصادية والاستثمارية في الكويت، كما ان الأنظار ستمتد لترقب تشكيلة الحكومة المقبلة.
وحتى اكتمال الصورة التي تجمع السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، فإن الواقع العام لمجريات السوق خلال تلك الفترة سيغلب عليه التذبذب والميل نحو الاحتفاظ بنسب مرتفعة من السيولة المالية وفي الوقت نفسه ستستمر عمليات المضاربات على بعض الأسهم، وكذلك استمرار تصعيد بعض الأسهم سواء بدعم من الملاك او بدعم من صفقات يتم الترتيب لها ستحقق من ورائها ارباحا.
وكانت حركة التداول في سوق الكويت للاوراق المالية قد اقتصرت الاسبوع الماضي على 3 ايام فقط والتي سيطر خلالها طابع الهبوط على مؤشري السوق بفعل موجة البيع التي شملت العديد من الأسهم.
فقد مني المؤشر السعري بخسائر ملحوظة بلغت 193.8 نقطة ليغلق على 14863.9 نقطة بانخفاض نسبته 1.29% كذلك مني المؤشر الوزني بخسائر كبيرة بلغت 13.52 نقطة بانخفاض نسبته 1.6% مقارنة بالأسبوع قبل الماضي ليغلق على 768.14 نقطة وبلغت كمية الأسهم المتداولة مليارا و460 مليون سهم قيمتها 540.9 مليون دينار، فيما بلغ عدد الصفقات المنفذة 13257 صفقة، فيما منيت القيمة السوقية بخسائر بلغت نحو مليار دينار.
الانطباعات والتوقعات
الانطباعات العامة التي تعيشها أوساط المتعاملين في الفترة الحالية تدفع باتجاه ان تكون التوقعات تجاه مجريات التداول في السوق غير مريحة.
فالهبوط الملحوظ للسوق خلال الأيام الثلاثة التي شملها التداول الاسبوع الماضي رغم تقليص الخسائر في الثواني الأخيرة اعطى مؤشرات سلبية شكلت ضغوطا على نفسية المتعاملين، بمعنى ان هناك عدة عوامل تعطي قراءة غير مريحة للسوق، وفي مقابل ذلك، هناك قراءة اخرى للسوق تشير الى انه رغم الأجواء النفسية غير المريحة إلا ان هناك اسهما ستشهد نشاطا.
وبالنسبة للعوامل غير المريحة، اولا: النتائج المالية للشركات في الربع الاول من العام الحالي، فحتى الآن اعلنت نحو 112 شركة عن ارباحها والتي بلغت نحو 919.4 مليون دينار بانخفاض نسبته 21% مقارنة بأرباح الفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغت نحو 1.1 مليار دينار، ويلاحظ ان الشركات التي اعلنت في الاسبوعين الماضيين عن ارباحها بعضها حقق نموا متواضعا والبعض الآخر ارباحها غير المحققة اعلى من الارباح التشغيلية، وعلى الرغم من ان ارباح الربع الاول دائما تكون مقياسا لتوقعات النتائج المالية خلال العام كله إلا ان هناك شركات يتوقع ان تعلن عن ارباح استثنائية في الفترة المقبلة، ولكن رغم اهمية عامل الربحية في اتخاذ قرارات الشراء، إلا ان الواقع الفعلي لمجريات التداول في السوق انه يسير وفق قاعدة من يقف وراء السهم، بمعنى ان الاسهم التي تشهد معدلات تداول مرتفعة، ويقف وراءها ملاكها بوسائل مختلفة تجذب اوساط المتعاملين.
ثانيا:
قرارات البنك المركزي الخاصة برفع نسب الضمان على القروض خاصة الموجهة للمتاجرة في الاسهم والتي جاءت ضمن قرارات على رأسها ما يتعلق بكفاية رأس المال بالنسبة للبنوك، وذلك في اطار الاجراءات التي يتخذها لمكافحة التضخم المرتفع في الكويت والذي يحتاج الى قرارات حكومية بعد ان استنفد البنك المركزي جزءا كبيرا من اجراءاته.
وفي هذا الصدد، فإنه رغم القرارات التي اتخذها البنك المركزي لمكافحة التضخم المرتفع في العقار، إلا انها ستؤدي من جانب آخر الى تحول السيولة المالية الى البورصة خاصة في ظل ندرة الفرص الاستثمارية البديلة.
ثالثا:
استمرارا لقرارات البنك المركزي، فإن هناك توقعات بأن تتأثر ارباح البنوك في الارباع الثلاثة الباقية، وبالتالي، فإن ذلك سيؤدي الى انخفاض في اسهم البنوك التي ينظر لها على انها الاسهم الآمنة والجاذبة للاستثمار، فالبنوك تمثل مراكز مالية اساسية لدى الصناديق والمحافظ المالية وبالتالي، فإن اداء الصناديق والمحافظ يتوقع ان يتأثر.
لذلك فإنهم سيحولون تغطية هذا التأثير من خلال التوجه الى اسهم شركات اخرى اسعارها مغرية ولديها قدرات على النمو، ولكن عامل المضاربات سيطغى بقوة على تحركات الصناديق والمحافظ المالية، وهذا ما نجده بشكل واضح منذ شهر فبراير الماضي الذي يشهد فيه السوق مضاربات حادة تحقق فيها الصناديق ارباحا، فيما ان اغلب المتعاملين يتكبدون خسائر بسبب عدم قدراتهم المالية من جهة ومن جهة اخرى، عدم قدرتهم على التحرك بنفس السرعة التي تتحرك بها الصناديق والمحافظ المالية.
وحتى يتغلب اوساط المتعاملين الصغار على هذه المشكلة، يجب عليهم عدم الاندفاع وراء المضاربات عندما ترتفع الاسهم التي تشهد مضاربات عنيفة.
كذلك يجب الاحجام بقدر الامكان عن شراء الاسهم وفق خيارات المستقبل.
كذلك القناعة بمعدل محدود من الارباح وعدم الطمع، خاصة ان الكثير من الصناديق والمحافظ المالية وكبار المضاربين يقومون بجني ارباح على وحدتين او ثلاث وحدات سعرية، فيما ان ارتفاع حجم الخسائر لدى صغار المتعاملين يزيد من رغبتهم في تعويض جزء من هذه الخسائر ما يزيد من طمعهم في الارباح وبالتالي تكبد المزيد من الخسائر.
رابعا: حتمية التصحيح، منذ نحو شهر، وهناك قلق نفسي يسود اوساط المتعاملين تجاه الحركة التصحيحية الشاملة، وكلما تأخرت زادت المخاوف وكان تأثيرها السلبي قويا، ولكن الواقع الفعلي للسوق، يشير الى ان الحركة التصحيحة لا تحدث بشكل شامل، بل تحدث بشكل انتقائي وتباعي، بمعنى انه في الوقت الذي تشهد فيه مجاميع من الاسهم هدوءا وعمليات تصحيح، تشهد مجاميع اخرى نشاطا، وعندما تدخل هذه المجاميع في عمليات تصحيح، تبدأ المجاميع التي كانت في حالة هدوء وتصحيح في النشاط، وهكذا الامر الذي جعل الحركة التصحيحية الشاملة لا تحدث بل انها تحدث من مجموعة الى اخرى، وهذا عكس ما كان يحدث في السوق في السابق.
استمرار النشاط الانتقائي
تجاوز المؤشر السعري حاجز الـ15 ألف نقطة، ثم انخفاضه عن هذا المستوى نحو 200 نقطة، يمثل نوعا من التذبذب والتأسيس، خاصة واننا لاحظنا ان هناك دعما قويا لمنع النزول عن هذا المستوى على الاقل الاسبوع الماضي، ولكن ليس مستبعدا استمرار التذبذب النزولي للسوق في المدى المنظور.
وهناك اجماع على ان القراءة الظاهرة للمؤشر السعري تشير الى انه مرتفع فيما يشبه حالة التضخم، ولكن من ينظر الى اسعار الاسهم يرى ان الكثير منها رخيص وان هناك اسهما محددة كانت وراء تضخم المؤشر العام.
فطبقا لما اعلن من ارباح حتى الآن والاسعار الحالية للاسهم، نجد ان متوسط مضاعف السعر للسوق يقدر بنحو 15.5 مرة، وهذا المعدل مرشح للانخفاض مع اكتمال اعلان الشركات عن ارباحها في الربع الاول.
وهذا يعني ان السوق لم يصل الى مراحل التضخم التي تثير المخاوف.
ثانيا:
على الرغم من ان الشركات لم تنته من اعلان نتائجها المالية في الربع الاول، الا ان اوساط المتعاملين يتطلعون الى نتائج الربع الثاني، بمعنى ان هناك تركيزا على اسهم الشركات التي يتوقع ان تحقق ارباح في الربع الثاني افضل من الربع الاول، وهذه الشركات شهدت نشاطا بدعم من الارباح الاستثنائية التي اعلنت عنها من بيع استثمارات لها، وهناك شركات بصدد ان تعلن عن ارباح استثنائية، حيث شهدت بعض الاسهم نشاطا ملحوظا نتيجة الارباح الجيدة المتوقعة لها في الربع الثاني.
ثالثا:
وفرة السيولة المالية تجعلها تبحث عن فرص استثمارية في السوق ولكن من خلال المضاربات السريعة، خاصة على اسهم الشركات الرخيصة والشركات التي تحظى بدعم قوي من ملاكها.
وخلاصة القول، فان السوق الكويتي يعد اقوى الاسواق الخليجية وافضلها، ومؤشرات ذلك: دخول بعض المؤسسات المالية العالمية لشراء حصص في بعض الشركات المدرجة والتي اخرها ما اعلنت عنه مجموعة الصناعات الوطنية من ان هناك مؤسسات وبنوك دولية ترغب في شراء 10% من اسهم الشركة، وهناك شركات اخرى وبنوك خاصة بنك الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي تقوم بعض البنوك والمؤسسات المالية بعمليات شراء فيهما.
لذلك، فان الاتجاه العام للسوق نحو الصعود اكثر منه نزولا.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )