منى الدغيمي
تعرض «الأنباء» زاوية يومية خلال شهر رمضان، يكتبها المسؤولون في القطاعات المختلفة كاستراحة يومية يتذكرون خلالها عبرا من الأزمة المالية في 2008 الأكبر تاريخيا والمستمرة تبعاتها حتى الآن، إذ يجيبون عن أسئلة حول ذكرى الأزمة والعبر الاقتصادية منها، والدروس التي تركتها فيهم.
الأزمة المالية هي مدرسة نتعلم منها، باعتبار ان السوق يتغير بتغير المعطيات الاقتصادية والمالية وكذلك السياسية، ويجب على المتعامل مع السوق والمستثمر ان يكون واعيا باتجاه حركة السوق، وان يتميز بالحصافة في قراراته. وخلال الفترة الماضية، مرت الكويت ودول العالم ايضا بعدة أزمات منذ السبعينيات مرورا بأزمة سوق المناخ وتداعياتها وإلى يومنا الحاضر لكن «الشاطر» هو الذي يتعلم منها.
والعبرة من الازمة هي التحوط والحذر لان السوق فيه الربح والخسارة فلا يغرنا الربح الكثير في ان نطمع ونفقد كل اموالنا. فعلى المتحوط ان يجنب بعض امواله المستثمرة ويعمل على تنويع استثماراته قطاعيا، وجغرافيا بألا يركز على وجهة دون غيرها وكذلك عدم المبالغة في التمويل من البنوك من خلال التداول الهامشي.
وانا اعتبر ان السوق الكويتي ليس حالة خاصة لان تحكمه قوانين السوق كغيره من الاسواق لكن ما يميز الاستثمار في سوق الكويت انه يركز على قطاعات دون غيرها لاسيما سوق الاوراق المالية والعقار، والخيارات محدودة بالنسبة للاستثمار.
وأهم درس كان عدم توافق الالتزامات المالية لدى الشركات مع الأصول الممولة من قبل المصارف وصناديق توظيف السيولة حيث كادت تعصف بالنظام المصرفي لولا تدخل بنك الكويت المركزي بضمان الودائع، وخلق حالة استقرار للجهاز المصرفي، لكن القطاع الاستثماري عانى ومازال من تبعات هذه الأزمة مما استوجب الكثير من الشركات الاستثمارية الدخول في عمليات إعادة هيكلة مديونياتها في ظل شعور عام بعدم الثقة في مستقبل هذه الشركات.
فالأزمة المالية قدمت درسا للمستثمر المؤسسي بان يكون تعامله مدروسا وقدرته على تحمل الخسائر اكبر وفي اطار الزام الحوكمة في العمل المؤسسي من خلال التقييم لعمليات السوق والتمويل. أضف إلى ذلك ان المتعامل في السوق مغامر ومضارب بشكل كبير وإن كانت قدرتهم على تحريك السوق محدودة إلا أنهم يضيفون الحيوية للسوق مع وجود استثمار مؤسسي من قبل مديري المحافظ والشركات الاستثمارية الأكثر تحفظا في حركتها.
وأهم درس من الأزمة هو اهمية تحسين كفاءة ادارات المخاطر في مؤسساتنا، واختيار الفرص الاستثمارية المدعومة أو المضمونة بأصول او التي تتمتع بأقل قدر ممكن من مستويات المخاطر، وقدرتها على توفير السيولة للتعامل مع تغير المعادلة الاقتصادية وتقلبات الأسواق آخذين بعين الاعتبار تغيير مفاهيم وقيم وأخلاق التعامل في السوق.
عصام الطواري
رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب
لشركة رساميل للهيكلة المالية