أعلنت الامارات العربية المتحدة أمس انسحابها من مشروع الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي، وذلك حسبما أفادت به وكالة انباء الامارات «وام» نقلا عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية.
وقال المصدر ان الامارات «قررت ألا تكون طرفا في اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي» التي تمهد لقيام الاتحاد النقدي والمصرف المركزي وإصدار العملة الموحدة، مضيفا انه تم إخطار الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية رسميا بذلك أمس.
ويأتي هذا القرار بعد ان قرر مجلس التعاون ان تكون السعودية مقرا للمصرف المركزي الخليجي المستقبلي وليس الامارات التي تعتبر انها الأحق بذلك اذ كانت السباقة في تقديم ترشيحها، وسبق ان سجلت تحفظها على القرار، وانسحاب الامارات يشكل ضربة موجهة لمشروع العملة الموحدة الخليجي الذي سبق أن انسحبت منه سلطنة عمان.
وبحسب الوكالة «تتمنى الامارات لدول المجلس التي ستنضم إلى الاتفاقية التوفيق والنجاح» وهي «ماضية في العمل في كل ما من شأنه مصلحة مواطني دول المجلس» وستواصل القيام بدورها كدولة مؤسسة للمجلس لتحقيق رسالته وأهدافه».
الى ذلك، نقلت الوكالة عن محافظ المصرف المركزي الإماراتي سلطان ناصر السويدي قوله «ان السياسة النقدية لدولة الامارات ستستمر في نهجها المنفتح دون أي تغيير وسيستمر سعر صرف الدرهم مربوطا بالدولار الأميركي».
وذكرت الوكالة ان الامارات «كانت أول من تقدم في العام 2004 بطلب رسمي لاستضافة المصرف المركزي الخليجي المزمع إنشاؤه وذلك كجزء من ترتيبات الدخول في الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون، كما أشارت الى انه «لا يوجد في الإمارات أي مقر أو مركز لأي من المؤسسات والهيئات التابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأمران كانا في أساس تسجيل الامارات تحفظها على قرار اختيار الرياض مقرا للمصرف المركزي الخليجي الذي سيصدر العملة الخليجية الموحدة.
على صعيد متصل، قال مصدر خليجي إن السعودية والكويت وقطر والبحرين لاتزال ملتزمة بخطة الوحدة النقدية الخليجية وذلك بعد أن أعلنت دولة الامارات انسحابها من الخطة، وقال المصدر الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته «السعودية والكويت وقطر والبحرين ملتزمة».
وأضاف ان انسحاب الامارات سيضعف الوحدة النقدية ولكنه ينطوي أيضا على خسارة للامارات لانها ستفقد الميزة التنافسية التي يتيحها الانضمام لكتلة موحدة، وانسحاب الامارات يشكل ضربة موجعة لمشروع العملة الموحدة الخليجي الذي سبق أن انسحبت منه سلطنة عمان عام 2007.
وقال الخبير الاقتصادي السعودي علي الدقاق رئيس مؤسسة الدقاق للدراسات الاقتصادية في جدة ان «هذا القرار سيبطئ ان لم يلغ مسيرة الاتحاد النقدي وسيبطئ مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي» لاسيما ان الامارات تمثل ثاني اكبر اقتصاد عربي وخليجي بعد السعودية.
إلا انه اعتبر ان انسحاب الامارات ليس «نعيا للمشروع» لان «الدول الـ 4 المتبقية يمكن ان تستمر في إجراءاتها لإكمال الوحدة النقدية ويصبح الوضع عندها شبيها بخروج بريطانيا من اليورو».
ويعتقد الدقاق ان السعودية وقطر والكويت والبحرين «قد تمضي قدما في اصدار العملة»، مع العلم ان الموعد المحدد لاصدار العملة الموحدة هو 2010، ولو ان خبراء ومسؤولون يشككون في امكانية الالتزام بهذا الجدول الزمني.
من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور ان «الانسحاب الإماراتي سيضر الوحدة النقدية الخليجية لان ثقل الاقتصاد الخليجي سيصبح اقل» معربا عن اعتقاده بان الوحدة النقدية قد «لا تتم الا بعد سنوات كثيرة».
وأضاف ان انسحاب الامارات التي تعوم على عشر الاحتياطي النفطي العالمي وتملك اكبر صندوق سيادي في العالم وتعد مركزا إقليميا للمال والاعمال «قد ينزع من الاتحاد النقدي القيمة المرجوة خاصة في خضم الازمة المالية العالمية والتشكلات الاقتصادية الناتجة عنها».
وخلص الى القول بان الانسحاب «لن يقلل من اهمية التكامل الاقتصادي الخليجي لكنه سيخلق فراغا كبيرا»، وكان القادة الخليجيون قرروا في قمة تشاورية عقدت في الخامس من مايو الجاري أن تكون الرياض مقرا للمصرف المركزي الخليجي المستقبلي، وهي مسألة شكلت مصدر تباينات بين دول المجلس لاسيما بين المرشحين الـ 4 (السعودية والإمارات والبحرين وقطر)، كما شكل عقدة مهمة على طريق تحقيق الاتحاد النقدي.
وسبق لقادة دول مجلس التعاون ان اعتمدوا في قمتهم نهاية 2008 في مسقط اتفاقية الاتحاد النقدي المتضمنة الأطر التشريعية والمؤسسية له، كما اعتمد النظام الأساسي للمجلس النقدي الذي سيتحول الى مصرف مركزي.
وكان يفترض ان تقوم كل دولة طرف في الاتفاقية بالمصادقة عليها «لتمكينها من الدخول حيز التنفيذ في موعد نهايته 12 ديسمبر 2009»، ودول المجلس شددت في أكثر من مناسبة على الالتزام بإطلاق العملة الموحدة في 2010، الأمر الذي اعتبر صعبا جدا من قبل مراقبين وبعض المسؤولين.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )