عن تجارب العالم، وخلال القرن الفائت، أشار تقرير الشال الاسبوعي الى أن التركيز على نقاط الخلاف قادت العالم الى حربين ساخنتين مدمرتين، وحرب باردة طويلة، أحرق خلالهما العالم موارد عظيمة، وأن أفضل معدلات النمو الاقتصادي حدثت عندما استبدل العالم استراتيجيات المواجهة باستراتيجيات التعاون، والتعاون هو الوقود الحقيقي للخروج المبكر من أزمة العالم المالية الحالية، ويتطلب الأمر في الكويت صياغة رؤية استراتيجية، ومثل تلك الرؤية لا يمكن ان تكون داخلية فقط، وإنما يجب تضمينها ودعمها بماهية العلاقة التي تريدها مع الجيران.
والعراق مدين للكويت بنحو 17 مليار دولار، وهناك أرقام متغيرة لاستحقاقات تعويضات الغزو، ومعظم ما تبقى منها هو ذلك المستحق للدولة أو للقطاع العام. وسواء من خلال نادي باريس ـ خصم 80% من ديون العالم المتقدم على العراق ـ او بمبادرات ذاتية ـ السعودية والامارات ـ تمت تسوية ديون العراق مع دائنيه، وبقيت الكويت حالة خاصة، ويفترض ان تكون حالة خاصة، وقال التقرير ان للكويت مصلحة رئيسة كبرى في استقرار العراق وانتعاش اقتصاده، وأن المطلوب هو المضي بأسرع ما يمكن نحو تسوية بؤر الخلاف معه، وضمنها الديون والتعويضات.
والمفروض، كما اشار التقرير، تقوية علاقاتنا الاقتصادية بالعراق وسينتج عن ذلك، تلقائيا، خفض المخاطر الامنية، كما فعلت أوروبا بعد حروبها العالمية، ولكن الأهم هو دعم توجه الكويت التنموي الاستراتيجي بتحويلها الى مركز مالي، والأهم هو المركز التجاري. وأحد المخارج للتسوية هو استبدال الديون والتعويضات بمساهمات مباشرة في مشروعات حيوية مشتركة مثل تطوير منطقة الاهوار، بيئيا وسياحيا، أو إنشاء مدينة حرة مشتركة على الحدود لتبادل السلع والخدمات أو مشروعات البنى التحتية المشتركة. ويفترض بالعراق، الذي لديه اكثر بكثير من الاحتياطيات النفطية المعلنة، 115 مليار برميل، وينتج أقل بكثير مما يتناسب وحجم احتياطياته، ان يتحول بإمكاناته البشرية والحضارية والسياحية، الى أكبر اقتصادات المنطقة خلال عقدين من الزمن، ان يعوض أي نقص في قيمة الديون والتعويضات من ارتفاع قيمة الاستثمارات الكويتية فيه. والأهم، انه سيمثل امتدادا ضخما لسوق الخدمات المالية والتجارية الكويتي، وربما السياحية، بما يدعم نجاح استراتيجية الكويت التنموية، لو كتب لمشروعها التبني.
ونحن نعيد ذكر ما كتبناه مرارا بمناسبة بداية خروج خلافات حادة وغير صحية بين البلدين الى الساحة الإعلامية، يجب ألا تثيرنا اصوات النشاز في البرلمان أو الإعلام العراقي فالأصل هو توافق العقلاء في البلدين.
الميزان التجاري
وأوضح التقرير ووفقا للنشرة الإحصائية الفصلية (يناير، مارس 2009) لبنك الكويت المركزي المنشورة على موقعه على الانترنت، بعض المؤشرات الاقتصادية والنقدية التي تستحق المتابعة وتوثيق تطوراتها، ومن ذلك مثلا، تحقيق الميزان التجاري ـ صادرات سلعية ناقصا واردات سلعية ـ في الربع الأول من العام الحالي، فائضا بلغ نحو 1301.8 مليون دينار، بانخفاض بلغ نحو -19.3% عن مستوى فائض الربع الرابع من العام الفائت، نتيجة استمرار انخفاض اسعار النفط، وبلغت قيمة صادرات الكويت السلعية، خلال هذا الربع نحو 2723.3 مليون دينار، منها نحو 90.2% صادرات نفطية، بينما بلغت قيمة وارداتها السلعية ـ لا تشمل العسكرية ـ نحو 1421.5 مليون دينار، وكانت الكويت قد حققت فائضا، في الربع الأول من العام الفائت 2008، بلغ نحو 4182.1 مليون دينار، ارتفع الى نحو 5464 مليون دينار، في الربع الثاني من ذلك العام، وانخفض بشكل طفيف الى نحو 5414 مليون دينار، مع بدء انخفاض أسعار النفط، في الربع الثالث، وواصل انخفاضه الكبير الى ما قيمته 1613.9 مليون دينار، في الربع الرابع، وذلك بسبب تدهور أسعار النفط، أي ان الميزان التجاري قد حقق فائضا بلغ نحو 16674.1 مليون دينار للعام 2008 وهو فائض أعلى بما نسبته 39.1% عن مثيله المحقق في عام 2007، كما ارتفعت قيمة الواردات السلعية بما نسبته 15.7% عن مستواها في عام 2007. ومن المتوقع ان يبلغ فائض العام الحالي نحو 5207 ملايين دينار، فيما لو تكرر فائض الربع الأول، وهذا الفائض سيكون أقل كثيرا من مثيله المحقق في العام الفائت بما نسبته 69%.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )