عاطف رمضان
ربما تفرز الأزمة المالية قيادات استثمارية جديدة في الساحة المحلية اذا تمكنت من اجتياز وتخطي الأزمة بنجاح في ظل «عام التحديات 2009» كما وصفه البعض بذلك.
«الأنباء» رصدت تأثير الأزمة المالية العــــالمية علــــى القرارات الاستثمارية لرؤساء مجــــالس إدارات بعض الشركات المحلية، حيث تحدثوا بصراحة وكشفوا عما يدور بداخلهم من قضايا وقلق مما تخفيه الأيام كتداعيات للأزمة المالية.
ولماذا لا يكونون تحت هذه الضغوط النفسية وبين أيديهم أموال وثروات طائلة «ملك للمساهمين» الذين ائتمنوهم عليها لإدارتها واستثمارها لتحقيق الربح الذي يتناسب مع حجم هذه الأموال.
وقد تأتي أو تحمل الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد أتت الأزمة المالية «فجأة» وقلبت الموازين لقياديي الشركات فأثرت على سرعة اتخاذ قراراتهم الاستثمارية في ظل قلة الفرص الاستثمارية والتحالفات والوضع الاستثماري الذي «لا يسر» وانتشار وباء الإفلاس في العديد من الشركات في العالم في الوقت الذي انتعشت فيه «عيادات الأمراض النفسية» وامتلأت فيه ايضا قاعات المحاكم مما نتج عنه ايضا فقدان الثقة بين الشركات والبنوك.
وقد ذكر البعض ان النظرة المستقبلية لكثير من رؤساء مجالس ادارات الشركات تتمثل في «أين نستثمر؟» حيث اصابهم القلق والتوتر والحيرة، لاسيما ان ما وراء الستار غير معلوم أو مكشوف.
ووصف البعض رؤساء مجالس ادارات الشركات بأنهم يعيشون في ظلام دامس خلال الفترة العصيبة للأزمة المالية. وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيت الإجارة القابضة جمال العماني ان العامل النفسي الناتج من الأزمة المالية العالمية لم يؤثر على القرارات الاستثمارية لرؤساء مجالس إدارات الشركات بشكل كامل أو بنسبة 100%، مشيرا الى انه ربما يكون التأثير قد سيطر على «سرعة اتخاذ القرار»، بمعنى انه قد تتراجع سرعته بنسبة 80% مقارنة بالسابق «قبل الأزمة».
وأضاف العماني ان رؤساء مجالس ادارات الشركات بدا واضحا عليهم خلال الفترة الحالية انهم «يفكرون كثيرا» قبل «الاستثمار أو الاقتراض» وذلك لشدة أو صعوبة الموقف تحسبا من تعرض شركاتهم للخسائر المالية.
وأشار الى ان قدرة الشركات على تمويل المشاريع «قلت أو ضعفت» مقارنة بالسابق، كما ان عدد المشاريع لم يكن مثل السابق ايضا، وبدا واضحا كذلك قلة وجود شراكات أو تحالفات بين الشركات.
وأوضح ان التحالفات خلال الفترة الحالية صارت «صعبة» جدا، خاصة ان من يعتزم الدخول في تحالفات جديدة لابد ان يستفسر عن الوضع المالي للشركة المراد التحالف معها، إلى جانب أمور أخرى متعددة، مقارنة بالسابق فقد كانت التحالفات تتم بسهولة.
وانتقل العماني بحديثه الى موضوع مهم وهو مدى تقبل المستثمرين للأفكار المتعلقة بالمشاريع الجديدة، واصفا الوضع الحالي للسوق قائلا: الناس في وضع سيئ نتيجة الأخبار التي لا تسر، اضافة الى سوق الكويت للأوراق المالية الذي انهار بشدة أواخر العام الماضي، وتراجعت مؤشراته بحدة، والحكومة لم تتدخل لإنقاذ الشركات بشكل سريع، وبعض الشركات الاستثمارية العملاقة كانت على حافة الإفلاس، فصارت المشكلة عبارة عن «هاجس نفسي».
وأوضح العماني ان المخصصات المالية التي كانت متوافرة لدى الشركات «قبل الأزمة» إضافة الى الأرباح التي كانت قد حققتها هذه الشركات احتفظت بهما لتمويل مشاريعها خلال الفترة المقبلة.
وأنهى العماني حديثه قائلا: هذه الأمور السابقة صورة واقعية في السوق، اما بالنسبة لشركة بيت الاجارة القابضة فإن وضعها المالي جيد والحمد لله.
العوامل النفسية والقرارات
من جانبه، قال رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المثنى للتأمين التكافلي وليد المضف ان العامل النفسي قد أثر سلبا على قرارات عدد كبير من رؤساء مجالس إدارات الشركات، خاصة في جانب «قلة الخيارات»، مشيرا الى ان الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق قلت مقارنة بفترة «قبل الأزمة» وكانت الشركات عندما تريد ان تستثمر أموالها تتواجد أمامها قنوات استثمارية متعددة، مقارنة بالوضع الحالي «بعد الأزمة» حيث قلت الخيارات.
وأضاف المضف ان هناك مشكلة قد تكون «خافية» على البعض وهي ان بعض رؤساء مجالس ادارات الشركات قد يكونون اتخذوا قرارات استثمارية في وقت معين «قبل الأزمة» من دون ان تتضح أمامهم مشاكل «الأزمة المالية العالمية»، مما جعل هذه القرارات الاستثمارية تؤثر سلبا على شركاتهم وكأن هذه القرارات التي اتخذوها كانت سببا في الخسائر التي لحقت بشركاتهم.
واستطرد قائلا: لكن الوضع العام هو الذي انعكس سلبا على قراراتهم الاستثمارية.
وضرب المضف مثلا على ذلك بدخول إحدى الشركات في إحدى القنوات الاستثمارية كـ «المرابحة» وكانت مدة المرابحة 9 أشهر وفي نصف الفترة الزمنية اي بعد 4 أشهر تفجرت الأزمة المالية العالمية، ما جعل رئيس مجلس ادارة الشركة في «حيرة» وينعكس ذلك سلبا على اداء الشركة وكذلك على الحالة النفسية لمسؤول أو رئيس الشركة بالرغم من انه لم يتسبب في هذه المشكلة وان «الأزمة المالية العالمية» هي السبب الرئيسي في خسارة الشركة.
وأوضح المضف ان قلة الخيارات الاستثمارية خلال الأزمة المالية وصلت إلى «صفر» تقريبا والقلق والتوتر النفسي وعدم الأمان جعل كثيرا من رؤساء مجالس الإدارات «يخافون» من بعض البنوك. «بالنسبة لوضع أموال شركاتهم فيها». ولفت الى ان بعض الشركات العاملة وفق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية قنواتها الاستثمارية في الأصل محدودة، مما يدل على تأثرها بالأزمة المالية العالمية.
وأشار المضف الى ان النظرة المستقبلية لكثير من رؤساء مجالس ادارات الشركات تتمثل في «أين نستثمر؟»، مبينا انهم يعيشون حاليا في حيرة.
ومضى قائلا: ما وراء الستار غير معلوم أو مكشوف وهناك خوف من المجهول وبدا «التفكير كثيرا» سمة لدى كثير من المسؤولين قبل اتخاذ القرار الاستثماري.
وزاد: هذه الأمور مجتمعة تؤثر سلبا على العوائد الاستثمارية للمشاريع.
الخطط المستقبلية
وفي الإطار ذاته ذكر رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة كي جي ال العقارية أسامة الراشد ان الأزمة المالية العالمية تسببت في وجود ضغوط نفسية على قياديي الشركات بشكل عام مقارنة بالفترات السابقة، مشيرا الى ان هذه الضغوط تتمثل في أمور متعددة سواء من حيث الخطط المستقبلية لهذه الشركات أو مراجعة الخطط السابقة، إلى جانب ابتكار أدوات استثمارية جديدة تساعد على نمو تلك الشركات للمحافظة على استقرارها بشكل عام.
وأضاف الراشد ان ضمن هذه الضغوط الواقعة على رؤساء مجالس ادارات الشركات التعامل مع المؤسسات المصرفية، خاصة ان الشروط والقوانين والاستراتيجيات بشكل عام تغيرت «بعد الأزمة»، الأمر الذي يحتاج الى جهود أكــــبر ومــــقدرة على وضع خطط جديدة تتواكب مع الأحداث الحالية.
واستطرد قائلا: هؤلاء المسؤولون مقبلون على قرارات قد تكون قوية وجريئة، كما ان الأزمة المالية العالمية قد تعزز من وجود قيادات جديدة.
وزاد قائلا: قد يعيد الناس النظر في بعض المسؤولين وأشخاص قد كان ينظر اليهم خلال الفترات الماضية بشكل مختلف.
ومضى قائلا: قد تفرز الأزمة قيادات جديدة على الساحة المحلية، وهذا من الأمور التي قد نستفيد منها.
وأشار الراشد الى أهمية القدرة على وضع استراتيجيات جديدة لهذه الشركات لأن عامل الوقت مهم جدا ويحتاج الى وضع خطط ومواكبة التغيرات بشكل عام.
وبيّن ان عام 2009 يعتبر عام التحديات وسيظهر هذا العام من يستطيع ان يعبر هذا التحدي.
وأوضح الراشد ان العامل النفسي مهم جدا، لاسيما ان الأزمة المالية العالمية تلقي بظلالها على اقتصادات العالم وتؤرق أصحاب القرار والمؤتمنين على أموال الناس أو المساهمين. ولفت الى ان رؤساء مجالس الشركات كل هاجسهم المحافظة على أموال المستثمرين في ظل الظروف التي يعيشها العالم حاليا، مما يشكل ضغوطا نفسية عليهم.
وزاد قائلا: كثير من الشركات تضم كبار المساهمين الذين وضعوا أموالا ومدخرات ويأملون خيرا في رؤساء مجالس الادارات وبالتالي «نعم» هناك ضغوط كبيرة على القياديين.
ظلام دامس
وفي السياق نفسه، قال رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب «السابق» لشركة القرين للمشاريع والاستثمار المالي، التي أعلن عن تصفيتها مؤخرا، فهد الأربش: ان رئيس مجلس الادارة كأنه طبيب يريد اجراء عملية جراحية ولا يعلم مصير المريض أو ما بداخل جسده وما مصيره، هل تنجح العملية ام يموت المريض؟ وبيّن ان رئيس مجلس الادارة لابد ان يتأكد 100% من نجاح العملية الاستثمارية قبل الدخول فيها، خاصة في الفترة الحالية التي تشهد الأزمة المالية العالمية. ولفت الى ان مثل هذه الأمور تؤثر سلبا على القرارات الاستثمارية نتيجة العوامل النفـــسية والخوف من المستقبل.
الجدير ذكره ان فهد الأربش قد اتخذ قرارا جريئا خلال الفترة الأخيرة بتصفية الشركة بالرغم من كونها مؤسسة حديثة وذلك لتجنب احتمال تحقيق خسائر في ظل الفــترة الحالية غير المناسبة وعدم اتضاح الرؤية، الى جانب تفادي الغرامات المالية التي قد يفرضها البنك المركزي على الشركة في حال التأخير وعدم الدخول في مشاريع، وذلك لحين اتضاح الرؤية مستقبلا.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )