ذكر تقرير نشرته «نيويورك تايمز» أن «جانيت يلين» رئيسة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، كانت قد ضغطت في عهدها الحالي إلى إقرار حملة لتحفيز الاقتصاد الأميركي، وسعت إلى خفض معدل البطالة، وإنعاش التضخم البطيء.
وفي أكتوبر 2014 اختتم الاحتياطي الفيدرالي الجولة الأخيرة من برنامجه لشراء السندات، بعد شراء أكثر من 4 تريليونات دولار من أذون الخزانة وسندات الرهن العقاري، وسط خلاف حول نتائج هذا البرنامج.
ورصد التقرير 3 من رؤساء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي السابقين لـ «يلين»، والذين أثروا بشكل واضح على الاقتصاد من خلال قرارات السياسات النقدية:
٭ بول فولكر (1979 - 1987)
افتتح فولكر عصر سياسة الاحتياطي الفيدرالي الحديثة، والتي ركزت على اعتدال التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة بلا توقف حتى يستقر الاقتصاد ويتباطأ نمو الأسعار.
وفي أكتوبر 1979 رفع فولكر معدل الفائدة الأساسي بنحو 4% في شهر واحد، ليصل إلى 15.5%، حيث جاءت أول زيادة في اجتماع سري وغير معلن عنه مسبقا.
واستهدف البنك المركزي الأميركي لأول مرة نمو المعروض النقدي كأفضل وسيلة للسيطرة على التضخم، ما سمح لمعدلات الفائدة بمزيد من التأرجح، كما أنه في العام التالي شدد السياسة النقدية أكثر لدفع الفائدة إلى 20%.
وفي أغسطس 1982 خفف الاحتياطي الفيدرالي تشديده للسياسة النقدية، مما سمح لمعدلات الفائدة بالهبوط، وبدء مرحلة من الانتعاش القوي للاقتصاد الأميركي.
في حين تباطأ التضخم في يونيو 1983 إلى 2.5% بعد أن وصل إلى 14.6% قبل ذلك بثلاثة أعوام، إلا أن هذه السياسة عززت من الركود في أعوام 1980 و1981 و1982، مما زاد من معدلات البطالة بشكل حاد.
لكن بحلول منتصف ثمانينيات القرن الماضي تراجعت معدلات التضخم والبطالة معا، على عكس السائد في فترة السبعينيات، والتي كانت تشهد ارتفاعا للتضخم والبطالة معا.
٭ آلان جرينسبان (1987 - 2006)
يتصدر جرينسبان ما يطلق عليه «الاعتدال العظيم»، حيث شهدت الولايات المتحدة عقدين من النمو الاقتصادي القوي، ومستويات التضخم والبطالة المتواضعة، مع حدوث أزمات قليلة خلال هذه الفترة.
وفي أكتوبر 1987 خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة بعد انهيارات شهدتها أسواق المال الأميركية.
وارتفع معدل التضخم في يوليو 1988 إلى أعلى مستوى 5% بفعل النمو القوي، والمخاوف بشأن أداء الاحتياطي الفيدرالي بعد مرحلة فولكر، مما دفع جرينسبان لرفع معدلات الفائدة لتعزيز سيطرة البنك المركزي، لكن ذلك أدى لركود اقتصادي في تسعينيات القرن الماضي.
ولم تعاود مستويات التضخم أو الفائدة ارتفاعها لتلك المستويات في 25 عاما الماضية، في حين سجل الاقتصاد أطول فترة من التوسع في تاريخ البلاد خلال فترات السلام.
وفي يوليو 1996 قاوم جرينسبان في منتصف التسعينيات المطالب برفع الفائدة مع تراجع البطالة، مؤكدا أن زيادة الإنتاجية بسبب ثورة التكنولوجيا آنذاك زادت وتيرة النمو المستدام، وهو الخيار الذي ثبتت صحته.
أما في ديسبمر 1996 فحذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي من خطر «الوفرة الطائشة» في الأسواق المالية، إلا أن هذه التحذيرات ذهبت أدراج الرياح.
ورأى جرينسبان أن القضاء على الفقاعات المالية ليس جزءا من عمل الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع المنتقدين لتويجه الاتهام للسياسات النقدية المطبقة إبان عهد جرينيسان بالمسؤولية عن التقلبات التي بلغت ذروتها في الأزمة المالية العالمية في 2008.
وخفض الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة إلى 1% في يونيو 2003 لإنعاش الاقتصاد بعد فترة من الركود الوجيز، فيما اعتبر أنه أدنى مستوى قابل للتطبيق لمعدلات الفائدة.
٭ بن برنانكي (2006 - 2014)
ترأس بن برنانكي الاحتياطي الفيدرالي إبان فترة الكساد العظيم، والذي وقع بفعل انهيار سوق الرهن العقاري، مع انخفاض الفائدة والتضخم لمستويات متدنية تاريخية، وسط سعي من قبل البنك المركزي لإنعاش الاقتصاد.
وفي يونيو 2006 أنهى البنك المركزي سلسلة من زيادات رفع الفائدة استمرت على مدار 17 اجتماعا متتاليا بدءا من عام 2004، لإبطاء النمو الاقتصادي وخفض التضخم.
وبدءا من عام 2007 خفض الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة مع انهيار النمو الاقتصادي، في حين اتجه لمزيد من الخفض الذي وصل قرب «الصفر» في أعقاب انهيار بنك «ليمان براذرز»، الذي اقترب بالنظام المالي من حافة الكارثة.
وأقنع بن برنانكي زملاءه في الاحتياطي الفيدرالي ببرنامج لشراء السندات، وهي إستراتيجية إضافية لتحفيز الاقتصاد عرفت فيما بعد شعبيا بـ «التيسير الكمي».
وفي يناير 2012 استهدف رسميا لمعدل التضخم بـ 2%، إلا أنه وجد نفسه حاليا يحاول رفع التضخم لهذا المستوى بدلا من خفضه، مع القلق بشان أثر التضخم البطيء على النمو الاقتصادي.