- الإنفاق العالمي على المطارات الرئيسية سيتجاوز 8.7 مليارات دولار
- صناديق تقاعد وأخرى سيادية وشركات استثمارية وحكومات تركز أنظارها على المطارات العالمية
- شراء حصة في المطارات التي تملك الحكومة حصة مسيطرة فيها يعتبر استثماراً محفوفاً بالمخاطر
- الاستحواذ على مطار في سلوفينيا بما يعادل 20 ضعف أرباحه السنوية
- أوروبا تشكل مركزاً حاضناً للاستثمار بالمطارات بعد سيطرتها على نحو نصف صفقات الاستحواذ
محمود عيسى
تخيل انك تملك مركزا تجاريا مرموقا وان عملاءك مضطرون للمكوث فيه ساعات طويلة، فضلا عن ان كل واحد من هؤلاء يعتبر من الأغنياء نسبيا وذا قوة شرائية عالية. ولنذهب الى أبعد من ذلك لنتخيل ان عدد مثل تلك المراكز التجارية محدود وان لك ما يشبه احتكارا في هذا النشاط، وفوق هذا وذاك فإنك تتقاضى رسوما عن كل زائر يدخل متجرك، في ضوء ذلك كله لا غرابة ان نجد ان شراء المطارات قد أصبح اليوم إحدى البدع الاستثمارية الرائجة حول العالم.
بهذه المقدمة استهلت مجلة «الايكونوميست» البريطانية تحليلا لها عن أهمية المطارات في العالم، اذ قالت انه برغم انها تنطوي على الفرص المربحة، فان المطارات تتطلب رصد رؤوس الأموال الطائلة لاستثمارها، وهذا الجانب يعتبر احد الأسباب التي تدفع الحكومات حول العالم الى بيع مطاراتها. وهناك مطارات مدرجة على البورصات العالمية واخرى يستحوذ عليها مستثمرو القطاع الخاص.
فقد باعت الحكومة اليابانية على سبيل المثال امتياز استخدام مطارات لمدد تتراوح بين 30 و40 سنة، وتمضي الحكومة الفرنسية على هذا الدرب لبيع مطاراتها الإقليمية، حيث باعت 49.9% من مطار تولوز الى كونسورتيوم تحت قيادة صينية في ديسمبر 2014، ومن المستثمرين العالميين في المطارات صناديق استثمارية وصناديق سيادية وشركات متخصصة في إدارة البنى التحتية، وبيوتات ملكية خاصة.
تدفقات مزدوجة
وقالت المجلة البريطانية ان ما يميز المطارات عن غيرها من مشروعات البنية التحتية الاخرى انها تحقق تدفقات نقدية دائمة ومزدوجة المصدر، اي من عمليات الطيران والخدمات المتعلقة بها كرسوم الهبوط والعقود مع شركات الطيران الاخرى من جهة، ومن المسافرين من خلال مواقف السيارات والتسوق والاقامة في الفنادق من جهة اخرى.
وفي هذا السياق، يقول مسؤول في صندوق تقاعد المدرسين في مدينة اونتاريو الكندية اندرو كليرهوت «اننا نحب الاستثمار في المطارات لأنها تدر دخلا ثابتا ومتنوعا، ولدينا استثمارات في 4 مطارات أوروبية بما فيها مطار بيرمنغهام البريطاني وكوبنهاغن الدنماركي. ان افضل ما في هذه الاستثمارات انها تحقق عائدا عاليا وثابتا نتيجة الاحتكار الذي تمثله، وتصل نسبته في المطارات ذات الإدارة الجيدة الى اكثر من 10%، اي افضل بكثير من مشروعات اخرى كالطرق والجسور.
وتقول المجلة إن من الوسائل لتعزيز الربحية زيادة أعداد المسافرين الذين يؤمون مرافق المطار، ومن اهم المستثمرين في المطارات بنك ماك غواير والحكومة البلجيكية التي عملت مؤخرا على تحديث مطار بروكسل من خلال ربطه مع مطارات أوروبية ودولية، ما ساعد على إضفاء المركزية على خدمات الأمن والتسوق في هذه المطارات.
خطط ذكية
من الخطط الذكية لكسب ثقة المسافرين ورضاهم ما قامت به شركة ارديان الاستثمارية التي تملك حصة في مطار لوتون قرب لندن، حيث عمدت الى توظيف أشخاص يرتدون القمصان الصفراء ويوزعون الابتسامات على المسافرين مع إرشادهم الى الكاونترات الأقل ازدحاما، فضلا عن قيامها بفتح كاونترات جديدة لموظفي الأمن للقضاء على الطوابير في أوقات الذروة. أما الخطوة التالية لتحديث المطار فإنها تهدف الى زيادة عدد المسافرين من 12 مليون مسافر الى 18 مليون مسافر سنويا.
القطاع الحكومي
وقالت المجلة ان القطاع العام لا يحسن إدارة المطارات، حيث تتناقص في عهده الإيرادات غير المتعلقة بالطيران بل ان هذه يتم إهمالها على وجه الخصوص.
ومن القواعد الذهبية للاستثمار في المطارات ألا يكون المطار خاضعا لسيطرة شركة طيران واحدة لأن ذلك يجعله عرضة للإضرابات او الإفلاس، كما ان شراء حصة في المطارات التي تملك الحكومة حصة مسيطرة فيها يعتبر استثمارا محفوفا بالمخاطر، حيث لا يقوم التوازن بين مصالح القطاع العام ومصالح مستثمري القطاع الخاص بشكل دائم.
ومن القواعد الأخرى ان يحتوي المطار على مواقف مسقوفة وآمنة للسيارات في مدن رأسمالية، حيث يكون الاستثمار اكثر أمنا والدخل أعلى وعدد المسافرين اكبر.
أرقام خيالية
وترى الايكونوميست ان أوروبا تشكل في الوقت الحاضر مركزا حاضنا للاستثمار في المطارات، حيث سيطرت على اكثر من نصف صفقات الاستحواذ منذ 2011، وفقا لشركة بريكوين المتخصصة في المعلومات، وذلك مقارنة مع 15% في آسيا، و14% في استراليا ونيوزيلندا والجزر المجاورة لها في المحيط الهادئ، و9% في اميركا.
ولكن تقييمات المطارات الأوروبية تصل الى أرقام فلكية، حيث بيع مطار ليوبليانا الواقع في سلوفينيا بما يعادل 20 ضعف أرباحه السنوية، علما ان هذا المطار يعمل منذ عام 1933 ولم يتجاوز عدد المسافرين عبر هذا المطار 1.3 مليون مسافر خلال الفترة بين يناير وأكتوبر من 2015.
من جانب آخر، قالت صحيفة ذا ستريت تايمز التي تصدر في سنغافورة انه يجري ضخ رؤوس الأموال الضخمة في المطارات من أجل تقليص المتاعب وتوفير المزيد من الراحة والرفاهية للمسافرين، وأشارت ان هذا الامر يعتبر ميزة تنافسية عالية في الوقت الذي تمضي فيه مطارات عالمية كبرى بما فيها مطار شنغهاي بالاستثمار بقوة في التكنولوجيا.
وتوقعت الصحيفة ان يتجاوز الإنفاق العالمي على المطارات الرئيسية 8.7 مليارات دولار، او ما يوازي 6.3% من اجمالي إيرادات هذه الصناعة، مقارنة مع 5.8% في عام 2014.
ونسبت الصحيفة الى مسؤول في مجلس المطارات العالمي قوله ان هذا الرقم مرشح للارتفاع خلال السنوات المقبلة.
السعودية تخطط لخصخصة مطاراتها
ذكرت صحيفة تشاينا بوست الصينية الشهر الماضي، فيما نسبته الى مسؤول في هيئة الطيران المدني السعودية ان الرياض تخطط لخصخصة مطاراتها بحلول 2020 لتنويع مصادر الاقتصاد وتعويض نقص الموارد النفطية في ظل تراجع اسعار النفط، على ان يبدأ إطلاق الخطة في الربع الاول من العام الجاري بخصخصة مطار الرياض الدولي، وفي الربعين الثاني والثالث تعتزم الرياض خصخصة قطاع خدمات الطيران، ونظام تكنولوجيا المعلومات على التوالي، على ان تبقى كل المطارات والخدمات المخصخصة تدار وتراقب من قبل شركة الطيران المدني القابضة التي ستتولى عملية تخصيص المطارات الدولية والإقليمية والمحلية في البلاد بحلول 2020.