- هاني فام: المدن الذكية لم تعد ترفاً بل ضرورة لمواجهة مشكلات ملحة في ارتفاع أعداد السكان والضغط على المرافق«ماستركارد» تعمل مع 100 مدينة لتقديم خدمات الدفع الآلي لوسائل النقل والتعليم والخدمات المالية
- الكويت لديها تجربة فريدة في تبني التكنولوجيا الجديدة للتحول نحو المدن الذكية
- جاهزية البنية التحتية لتطبيق الرؤية السامية للتحول إلى مركز مالي
سنغافورة ـ أحمد مغربي
في خضم الثورة التكنولوجية المعاصرة بدأ مفهوم «المدن الذكية» يتردد في العالم أكثر من أي وقت مضى، بعدما اعتاد الناس على عبارات مثل الهاتف الذكي والتلفزيون الذكي والسيارة الذكية والمنزل الذكي، ويبدو ان الذكاء الصناعي أصبح بحجم كرة كبيرة تتدحرج لتضم مدنا بكاملها في عصر باتت فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ركنا أساسيا في حياتنا اليومية.
وتقدم «المدن الذكية» بديلا كاملا لاقتصاد عالمي أكثر فعالية وانسيابية وإنتاجية واضحة ونظافة ورونقا وجمالا، حتى انها باتت تشكل ركيزة لمستقبل البشرية، لذا شيدت العديد من الدول منشآتها للمدن الذكية التي أضحت صورة باهرة عن تطور الإنجاز البشري في مجالات التكنولوجيا والعمران، ومن ثم لم تعد «المدن الذكية» صورة تتراءى لنا من الخيال العلمي بل اصبح لها وجود على أرض الواقع في عدة دول حول العالم.
«سنغافورة» واحدة من أبرز المدن الذكية حول العالم التي تعتمد على العناصر الخاصة بتطورات البنية التكنولوجية الذكية والاقتصاد الذكي والبيئة الذكية وغيرها من السمات المحددة للمدن الذكية لكونها أكثر المدن حفاظا على البيئة النقية، حيث تزداد فيها المساحات الخضراء وبعدد سكان أذكياء مبتكرين يتفاعلون مع عناصر الحياة الذكية بشكل سريع وفعال.
«الأنباء» كانت ضمن فريق إعلامي تمت دعوته من منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا للاطلاع على تجربة سنغافورة في المدن الذكية بدعوة من شركة ماستركارد العالمية لحضور فعاليات مؤتمر «قمة المدن العالمية» تحت عنوان «المدن الصالحة للعيش والمستدامة: احتضان المستقبل من خلال الابتكار والتعاون»، بمدينة سنغافورة خلال الفترة من 8 الى 12 الجاري.
ولدى الكويت تجارب حثيثة وفعالة في بناء اولى المدن الذكية بمدينة جنوب سعد العبدالله، وأشادت بتجربة الكويت الفريدة في تبني التكنولوجيا الجديدة للتحول نحو المدن الذكية وتطوير خدمات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء، بالإضافة الى جاهزية البنية التحتية لتطبيق الرؤية السامية لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، بتحولها إلى مركز مالي وتجاري.
أن الكويت متقدمة على مستوى أفكار وخطط تطوير المدن الذكية.
منظومة تكنولوجية
وقال نائب الرئيس التنفيذي لشراكات ماستركارد للمشاريع هاني فام إن المدن الذكية عبارة عن منظومة تكنولوجية مكتملة تنتشر فيها أجهزة الاستشعار في مختلف أرجائها، وتتصل شبكة الكهرباء والمياه والطرق والسيارات وغيرها، عبر شبكة واحدة يصب فيها قدر كبير من البيانات، لتطفأ الإضاءة داخل المباني ذاتيا، وتنبه صناديق القمامة لاستهلاك السكان أو حاجتها إلى التفريغ، وترشد السيارة ذاتية القيادة السائق لأفضل موقع لإيقاف السيارة، وتتبع المدينة بأكملها نظام تشغيل واحدا، يجعلها أقرب لكائن يستجيب لحاجات السكان، وتعادل فيها أهمية إدارة البيانات المكانة الحالية لشبكات الطرق والسكك الحديدية.
وأشار الى أن المدن الذكية لا تعد ترفا الآن، إذ لا تعني فقط استخدام مزيد من الشاشات وأجهزة الكمبيوتر، وتطبيقات الهواتف الذكية والكاميرات، بل ربما تعتبر ضرورة لمواجهة مشكلات ملحة.
وأضاف أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في المدن، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 70% بحلول 2050، وهو ما سيفرض تحديات كبيرة على الحكومات في تطوير البنية التحتية وإيجاد سكن ملائم لتلك الارتفاعات الكبيرة.
وأشار إلى ان «ماستركارد» تعمل مع أكثر من 100 مدينة لمساعدتها على تزويد السكان والزوار والمشروعات الصغيرة بفرص أفضل للوصول إلى الاحتياجات الأساسية مثل النقل والتعليم والعمل والخدمات المالية.
التكنولوجيا القادمة
وحول أبرز التقنيات التي ترسم ملامح المستقبل خلال الفترة المقبلة، قالت ماستركارد: نتوقع أن تغير التكنولوجيا القادمة وجه المجتمع العالمي على مستوى واسع، حيث تعتبر مرحلة ثورية في عالم الاتصال فهي ليست مجرد عملية تطوير للشبكات الحالية، إنها منصة متكاملة تدعم فئات جديدة من الخدمات وتربط مجموعة واسعة التنوع من الأجهزة، فضلا عن توفير فرص لنماذج جديدة في الأعمال والنشر والاشتراكات والشحن.
إن شركة ماستركارد تقوم بجمع الأطراف المختلفة لتقديم حلول متكاملة من خلال العمل بالشراكة مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والقادة الآخرين في مجال الابتكار الحضري، وتركز ماستركارد على جعل المدن أكثر ارتباطا وكفاءة وشمولية من خلال تمكين الدفعات والرؤى والشراكات التي تعود بالنفع على المقيمين والزائرين والشركات المحلية - من خلال مساعدة المدن والمواطنين على التحكم في المدفوعات المالية بعيدا عن النقد والشيكات.
هذا، وقد شاركت «ماستركارد» في مؤتمر «قمة المدن العالمية» من خلال مجموعة من الفعاليات، من بينها استعراض أحدث ابتكارات الشركة التكنولوجية في مجال حلول المدفوعات الإلكترونية الخاصة بالمدن الذكية والتي تحظى باهتمام متزايد على مستوى العالم، كما نظمت «ماستركارد» عددا من الفعاليات والندوات لاطلاع المشاركين في المؤتمر على أحدث تطبيقات وحلول المدن الذكية، بالإضافة لقيام خبراء «ماستركارد» بمناقشة مستقبل المدن الذكية ودورها في تحقيق النمو الشامل.
قمة المدن العالمية
يذكر أن «قمة المدن العالمية» حدث رائد يعقد كل عامين، ويعتبر منصة للقيادات العالمية وصناع السياسات، لمناقشة كيف يمكن أن تكون المدن أكثر قابلية للعيش من خلال استخدام والتكنولوجيا والمشاركة في إنشاء حلول مبتكرة ومستدامة ومناقشة الجهود المبذولة بشأن التخطيط الحضري وتقديم أفضل الممارسات.
وإلى جانب قمة المدن العالمية تم عقد «الأسبوع الدولي للمياه» في سنغافورة والذي ناقش إيجاد حلول مستدامة لنقص المياه في المدن لمقابلة التطور العمراني المتزايد ومنها تحلية المياه وإعادة استخدام المياه.
وفي «قمة سنغافورة للبيئة النظيفة» بحث المجتمعون مجالات إدارة المخلفات الصلبة والتنوع البيولوجي والمحافظة على الطبيعة إضافة الى تغير المناخ ونوعية المياه وإدارة مياه الصرف والتعليم والتوعية البيئية.
4 أهداف لتحقيق المدن الذكية
ترتكز استراتيجية ماستركارد نحو تحقيق 4 أهداف رئيسية هي:
كفاءة التنقل: من خلال تحويل النقل العام وجعل طريقة دفع الأجرة بسيطة وسريعة إلكترونيا.
المجتمعات الشاملة: من خلال تمكين الهوية الرقمية وتعزيز النمو الشامل من خلال بطاقات الدفع التي يمكن استخدامها أيضا في صرف الأجور أو المزايا الاجتماعية.
التجارة المتصلة: دعم التنمية الاقتصادية والمساعدة في توسيع قبول المدفوعات الإلكترونية للشركات المحلية.
تخطيط المدن الذكية: تزويد المدن ببيانات تقترب من الوقت الفعلي مما يساعدها على اتخاذ قرارات أكثر حكمة وذكاء بشأن تخطيط المدن والسياحة.
سنغافورة: دولة ذكية لا مدينة
تهدف سنغافورة إلى ان تكون دولة ذكية وليس فقط مدينة وقد بدأت منذ 2015 بنشر البنية التحتية لهذا التصور في جميع أنحاء الجزيرة، واليوم 98% من خدمات الحكومة في سنغافورة أصبحت رقمية ويمكن لأي مواطن أن ينتهي من معاملاته عبر الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك أصدرت الحكومة تطبيقات على الهواتف الذكية متصلة بمستشعرات داخل منازل السكان لقياس نسب استهلاك الكهرباء والمياه بهدف ترشيد الاستهلاك وخفض الأكلاف.
المدينة الذكية
يقصد بها المدينة التي يتوافر بها خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات المتطورة وتعتمد على فكرة ربط الأماكن العامة في المدينة كالمطارات والأسواق والحدائق والمنتزهات والمستشفيات وأماكن التجمع العامة في المدينة عن طريق استخدام تقنيات اتصال متطورة مثل تقنية وأي ماكس ونقاط التوزيع الساخنة بحيث يكون في استطاعة سكان المدينة استخدام أجهزتهم المحمولة للوصول الى شبكة الإنترنت، والاتصال بكل المؤسسات والهيئات في مدينتهم لإنجاز أعمالهم ومعاملاتهم إلكترونيا.
3 عناصر لنجاح المدن الذكية
تعتمد المدن الذكية على 3 عناصر رئيسية هي كالتالي:
1- منصة قيادة فكرية تجمع بين العقول الأكاديمية والمدنية الرائدة لتقديم رؤى أصلية وتبني خطة للتنمية الحضرية على المدى الطويل.
2- مختبرات في المناطق الحضرية تجمع بين الابتكار والتصميم المرتكز على الإنسان لتقديم حلول تلبي الاحتياجات الخاصة للمدن.
3- نموذج تجاري يسمح لهذه المعامل بتوسيع نطاق الحلول بسرعة وكفاءة.
مليارا إنسان لا يملكون حساباً مصرفياً
ذكر فام ان عبء الاستخدام النقدي على الاقتصاد العالمي كبير للغاية، ويمثل ما يصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة على حدة، في. وقال انه على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في السنوات الخمس الأخيرة، مازال مليارا بالغ حول العالم لا يملكون حسابا مصرفيا، كما أنهم محاصرون في اقتصاد نقدي ويفتقرون إلى الخدمات المالية للوقاية من المخاطر، والاستثمار في مستقبلهم وبناء حياة أفضل. وفي مقابل ذلك، توفر «ماستركارد» بطاقات متعددة الوظائف بين تلقي المدفوعات وتسديدها للمواطنين الذين لديهم حسابات مصرفية أو بدونها، كما انها توفر إمكانية الوصول إلى المزايا والخدمات الاجتماعية مثل النقل وحجز الطيران والفنادق وزيارة المتاحف والتسوق، مما يمنح السكان والسائحين طريقة قوية لبناء هوية مالية.
الدفع الذكي عبر وسائل النقل
أتاحت «ماستركارد» للوفد الإعلامي الاطلاع على تجربة سنغافورة في تطبيق آلية الدفع الآلي عبر بطاقات ماستركارد في مترو سنغافورة والتاكسي، وكيفية التنقل من محطة الى أخرى بكل سهولة ويسر، وقالت «ماستركارد» إن العديد مدن العالم، تفتقر لوجود نموذج للدفع الآلي المتكامل عبر وسائل النقل المختلفة، مما يجعل من الصعب على السكان المحليين والسياح التجول في المدينة.
وذكرت أن تمكين المواطنين والسياح من الدفع غير النقدي مع أجهزة دفع آمنة ومقبولة عالميا عبر القطارات ومترو الأنفاق والحافلات والعبارات والدراجات الهوائية وغيرها يقلل الاحتكاك بين المقيمين والسياح.
إنفاق حكومي أكثر كفاءة
كشفت «ماستركارد» ان المدفوعات الإلكترونية تفيد الحكومات في الأمور التالية:
1- تحسين إدارة الأعمال والمحاسبة وتخطيط الميزانية. كما يضمن توحيد عمليات الشراء من خلال المدفوعات الإلكترونية القابلة للتتبع والامتثال لسياسات الإنفاق وتوفير سجلات مفصلة.
2- الادخار والدقة حيث يتم دفع الرواتب والمكافآت بشكل سريع.
3- تعزيز كفاءة تحصيل الضرائب الحكومي وتقليل احتمالات الفساد - والتي يمكن أن تساعد في زيادة عمليات التحصيل بنسبة تتخطى 50% من المشتريات الحكومية.