لعل بيئة عمل بائعي الآيس كريم مثال صارخ على اللانسانية التي تتمتع بها بعض الشركات في توفير بيئة عمل غير مناسبة ولا تصلح للآدمية، بيئة عمل خارجية تتعدى على أملاك الدولة في الوقوف في الشوارع والمناطق السكنية والتجارية واحتلالها ان جاز التعبير والاستحواذ عليها لسنوات متعاقبة دون رقيب أو حسيب فتصبح بقعة من الأرض معروفة ومحددة لصاحب عربة الآيس كريم الذي يعتبر شخصية مدعاة للشفقة من قبل أهالي المنطقة لتورم وجهه من أشعة الشمس والتي لا تصدها الشمسية المهترئة وتفجر عرقه من شدة الحر والذي لا تغني عنه تلك الخرقة القماش التي يضعها على رأسه لامتصاص العرق ولترطيب رأسه بالماء البارد الذي يبيعه بالاضافة الى الآيس كريم والعصير، مدعاة للشفقة أكثر من كونه بائعا موظفا ومتعاقدا معه في شركة تجارية تربح الملايين له هوية وراتب ونظام حضور وغياب ونسبة مبيعات.. الخ، هذا التواجد دون تصريح أو تعريف البائع بهوية عمل في الطرقات وتحت درجة حرارة تفوق 50 درجة في وقت الصيف وفي جميع احوال الطقس الحار والرطب وذي انخاض الرؤية وذي الغبار الشديد، يعمل صاحبنا في هذه الأجواء معتمدا على كرم أهل المنطقة والمارة منهم في تقدير وتثمين جهوده في الجهاد ضد طقس الكويت عوضا عن بيع آيس كريم لا يتعدى ثمنه ربع دينار في أغلى منتجاته، فالدعوة في هذا الشأن لمخالفة الشركات ذات الصلة والزامها بتوفير بيئة عمل انسانية مثل اكشاك مكيفة ومرخصة من البلدية والداخلية وغيرهما من الجهات مع ضرورة التعريف بهوية عمل عن صاحب العربة ورقم للاتصال والشكاوى.. الخ من الاجراءات الالزامية لأي شركة مبيعات، وان كان هذا البائع لا يعمل في الشركة ويعمل لحساب نفسه مع وضع ملصق الشركة فالمصيبة اعظم.
اما بيئة عمل المدارس فهي اشد وطأة في الاستغراب والاستنكار حيث تتقاضى الادارة المدرسية رواتب خيالية مقارنة بالدول المتقدمة ومزايا غير عادية وهنا استهدف بالحديث الإدارة المدرسية والإشرافية فيها والتي احدى مسؤولياتها المضافة الى الحرص على كفاءة التعليم والتربية الاستعداد اللوجستي بكل انواعه لضمان سير العملية التربوية والتعليمية وتوفير بيئة عمل مناسبة، فبحسبة مالية بسيطة تكلف الادارة الاشرافية في أي مدرسة ما يقارب ربع مليون دينار سنويا وبشكل تقديري بفرضية ان 10 اشخاص يعملون في الادارة بمتوسط رواتب 2000 دينار بدءا من الناظر والوكيل والمشرف الاداري والاجتماعي والمساعدين من سكرتارية واداريين ومحاسبة.. الخ، مع اضافة تكلفة المهام التعليمية والتربوية تصبح تكلفة المدرسة بين تعليم وتربية وادارة مليون دينار سنويا، بفرضية ان المدرسة بها 20 مدرسة بمتوسط راتب 1500 دينار ستصل التكلفة الى 360 ألف دينار أي تقريبا وكل مدرسة لها عقود صيانة وحراسة وقرطاسية، لذا يفترض ان تجتمع الإدارة المدرسية قبل مواعيد الدراسة بشهر أو بأسبوعين وتنتهي من عملها بعد انتهاء الدراسة ايضا بأسبوع أو أسبوعين لضمان تسكير الملفات ورفع التقارير واعداد خطة السنة القادمة الا ان ذلك لا يحصل على أرض الواقع في بعض المدارس، حيث اكدت أزمة التكييف الاخيرة انه لا تخطيط ولا افادات بالاستعدادات اللوجستية لبدء الموسم الدراسي، فالأمر اشبه بهدر مال عام في رواتب الشريحة الادارية والاشرافية والتي تعد اعلى الرواتب وأعلى مكافآت الأعمال الممتازة وأعلى المزايا، فلتحاسب هذه الشريحة قبل ان يحاسب القيادي ان اساءت في توفير بيئة عمل دراسية تعتبر من اهم واجباتها اليومية المدفوعة الأجر.