«استثمر بالشخص، ليس بالشركة». طبق «Itay Adam» هذه المقولة الشهيرة وحصل على استثمار مليوني دولار بعد ان قدم «لا شيء» لأنهم وثقوا فيه كمبادر. فما صفات المبادر الناجح؟
بينت عدة دراسات ان هناك صفات مشتركة بين المبادرين الناجحين، وهي: الثقة بالنفس، والإصرار والمثابرة، والاستباقية، وحب التعلم والاطلاع على ما هو جديد. فعند الحديث عن صفات المبادر الناجح، قامت ثلاث دراسات مختلفة بتحليل أكثر من 20 ألف مبادر وتوصلت إلى ان لدى شخصية المبادر أثرا أكبر (بل مضاعفا) في نجاح المشروع بالمقارنة مع الخبرة المسبقة في مجال المشروع، والتخصص الدراسي.
للتوضيح، كما ذكرت في المقال السابق، التعليم مهم جدا في خلق بيئة وثقافة المبادرة، وفي تنمية فكر المبادر وصفاته، لكن التخصص العلمي والخبرة الوظيفية ذوا أهمية اقل في نجاح المبادر بالمقارنة مع الصفات الشخصية.
فمن الصعب الا ينجح المبادر إذا اجتمعت فيه هذه الصفات الأربع (الثقة بالنفس، المثابرة، الاستباقية، حب التعلم). فعلى سبيل المثال: «هاورد شلتز» مؤسس ستاربكس يقول «خلال سنة واحدة تكلمت مع 242 شخصا لأطلب تمويلا، و217 رفضوا تمويلي، كانت تجربة علمتني التواضع»، ورغم ذلك ثابر لانه كان لديه الثقة في نفسه.
هنا يجب التوضيح ان الثقة لا تعني الغرور، فقد بينت الدراسات ان الغرور يتسبب في فشل المشروع من خلال الاستثمار المبالغ فيه لاعتقاد المبادر ان المشروع سينجح دون دراسات او معلومات تؤكد ذلك، ومن خلال الاستمرار في المشروع رغم فشله، فالغرور يمنع المبادر من التعلم.
وإذا انتقلنا الى المبادرين في الكويت، فمن خلال دراستي تبين ان 50% من 178 مبادرا اتخذوا قرار انشاء مشروع لا خبرة لهم فيه ولم يكن تخصصهم التعليمي متعلقا بشكل مباشر بمجال مشروعهم.
بالإضافة الى ذلك، في مقابلاتي مع المبادرين اتضح لي ان المبادرين الناجحين جدا يتميزون بالقدرة على التركيز بشكل أفضل بكثير من غيرهم. فالمبادرون الأقل نجاحا عادة ما يقعون في خطأ الرغبة في تحقيق أكثر من شيء في وقت واحد، مما يشتت التفكير، ويصعب اتخاذ القرارات أو يساهم في اتخاذ قرارات خاطئة، وفي هدر الوقت والأموال في منتجات او اعمال مختلفة دون صورة واضحة عن فكرة وهدف المشروع الأساسي. اما المبادرون الناجحون جدا فعندهم رؤية واضحة للمشروع تساعدهم في تركيز وقتهم وأموالهم تجاه هدف واحد.
ويحضرني مثال لمبادر اجتمعت فيه هذه الصفات الاربع وهو المبادر جاسم الدعيج، أحد مؤسسي شركة «Pick». جاسم مثال للمبادر الناجح حيث انه استطاع ان يحقق نجاحا مبهرا في مجال الأغذية والمشروبات وهو مجال مزدحم وشديد المنافسة، رغم ان هذا المجال لا صلة له بتخصصه الدراسي (الهندسة) او خبرته الوظيفية.
كان لجاسم نظرة واضحة لمشروعه منذ التأسيس. أتت فكرة جاسم لـ(Pick) في عام 2008 من قناعته بان الوضع الاجتماعي في الكويت سيتغير من تجمع أسر كبيرة على مائدة الطعام في بيوت، الى أسر صغيرة تسكن في شقق ويقل اهتمامها بالتجمع على مائدة الطعام وسيزيد اهتمامها بالأكل الصحي والذي يتناسب مع حياتهم السريعة، ولذلك سمى مشروعه «Pick» اي «اختر» بمعنى أنك تختار أكلا صحيا ذا جودة عالية وبسرعة.
وسألت جاسم عن صفات المبادر الناجح فقال «هناك عدة صفات للمبادر الناجح، لكن الصفة الأساسية هي: يجب الا يكون ملولا، اقصد بذلك انه يجب ان تكون له قدرة على التركيز في عناصر المشروع المختلفة (كالتسويق وتطوير المنتج) والمثابرة والتعمق فيها. فان كان ملولا فسيتوقف عن استكمال تلك العناصر قبل اتقانها وقبل ان يصل مشروعه للنجاح المطلوب. فأن تنشئ مشروعا ليس النهاية، وان تنشئ مشروعا لا يعني أنك نجحت. بل مهم جدا ان تثابر وتجتاز الخمس سنوات (50% من المشاريع تفشل خلال 5 سنوات)، وان تستمر بنفس الطاقة والحماس حتى يصل مشروعك الى انه لا يحتاج اشرافك المباشر».
ففي بداية المشروع يواجه المبادر عدة تحديات متنوعة، ولذلك التخصص له قيمة اقل من الصفات الشخصية التي تمكنه من تخطي تلك التحديات المختلفة. والأدلة والدراسات التي بينت أهمية الصفات الشخصية تدعو إلى التساؤل:
1- هل هناك أسس لتنمية صفات المبادر الناجح في المؤسسات التعليمية في الكويت؟ وهل هي مبنية على دراسات علمية؟
2- هل يجب ان تكون صفات المبادر معيارا مهما في اختيار تمويله من قبل المؤسسات الحكومية؟ فعلى سبيل المثال العديد من الشركات العالمية كـ«ExxonMobil، Hewlett Packard، Procter & Gamble» تستخدم اختبار الشخصية في اختيار الموظفين.
3- ورغم ان المقابلات الشخصية تعتبر جزءا من تقييم المشروع قبل تمويل المبادر في صندوق الكويت الوطني للمشاريع الصغيرة، هل فعلا تتم هذه المقابلات؟ هل هناك أسس محدده تعتمد عليها المقابلات ويتم على اساسها تقييم المبادر؟
4- هل هناك أسس للزيادة من موضوعية المقابلات، من خلال، على سبيل المثال، تدريب الأشخاص المعنيين للقيام بالمقابلات للتحقق من وجود صفات معينة لدى المبادرين؟
وفي الختام، كما قال ستيف جوبز «نصف الفرق بين المبادر الناجح والمبادر غير الناجح هو المثابرة»، وحصل «Itay Adam» على استثمار مليوني دولار لانه نجح في تقديم صفاته كمبادر.
alabdulj@