بقلم:د.نواف العبدالجادر - دكتور ريادة أعمال في جامعة الكويت
«صاحبي واعرفه من عمر»، «محتاج محاسب وواحد يمسك التسويق». أي من الاثنين أهم في اختيار شريك لإنشاء مشروع؟ في الواقع، هو الاختيار الأول.
أكدت عدة دراسات أن معظم المبادرين يختارون شريكا بناء على معرفة شخصية مسبقة لا على معرفة مهنية.
والجدير بالذكر ان أحدث الدراسات بينت ان الشراكات المبنية على معرفة شخصية وحميمية، أي ان يكون بين المبادرين ارتباط شخصي قبل إنشاء المشروع، لها فرص نجاح أكبر من تلك الشراكات المبنية على معرفة مهنية فقط.
ورغم أن الإعلام يسلط الضوء على مبادر استطاع أن يتحدى العالم وينجح، لكن في الواقع فإن الدراسات تبين ان معظم الشركات تؤسس من قبل فريق وليس شخصا واحدا، وأن نسبة نجاح الفريق أكثر من نجاح الفرد الواحد، فوراء كل من ستيف جوبز وبيل غيتس ومارك زوكربيرغ، فريق من المؤسسين، وكذلك هو الحال في الشركات الناجحة في الكويت، مثل: طلبات وكاريدج وبوتيكات وبيك وغسيل وأمنية، وغيره.
لذلك فإن أسس اختيار الشركاء له تأثير مباشر على نجاح المشروع، ولكن ما دور العلاقات الشخصية في ذلك؟
خلال مقابلاتي مع المبادرين الكويتيين ذكر الكثير منهم أن الشراكة في إنشاء مشروع كالزواج، حيث إن إنشاء مشروع له صعوبات كثيرة ومتطلبات شاقة ويتطلب عملا لساعات طويلة، فالثقة ومعرفة التعامل مع الشريك والاستمتاع بتمضية وقت مع الشريك شيء أساسي لأنه يحافظ على عدم انفصال الشراكة عند الاختلاف، ويساعد على تحفيز الشريك في الأوقات الشاقة.
وهنا ينبغي التأكيد ان اختيار الشريك لا يتم باعتباره صديقا فقط، وإنما تأتي أهمية الصداقة والعلاقة الشخصية كونها باب يمكن المبادر من اختيار الشريك الذي يعلم مسبقا انه تتوفر فيه الصفات الإيجابية كحب العمل والتعلم والمثابرة والاستباقية.
وأن اختيار شريك بناء على صفاته الشخصية تساهم في بناء ثقة والتزام وخلق علاقة شراكة تساعد المبادرين على مواجهة الصعوبات أكثر من اختيار شريك بناء على مهنته أو درجة شهادته التعليمية أو الموارد التي يمتلكها دون النظر لصفاته.
وأذكر في هذا الشأن مقابلتي مع مبادر لإحدى الشركات الكويتية التي لاقت نجاحا كبيرا وتعتبر مثالا لقصة نجاح شركة جديدة، فعند سؤالي لمؤسس الشركة عن سبب اختياره لشريكه ذكر لي: «العنصر الأول كان الصداقة، والعنصر الثاني كان ما يتميز به صديقي من اجتهاد.
ومن خلال معرفتي به كنت اعلم عدد الساعات التي كان يمضيها في عمله وإخلاصه تجاه وظيفته، لذلك تأكدت انه قادر على العمل بجهد ومواجهة التحديات.
الاجتهاد يتغلب على الخبرة أو التخصص، لأنك تستطيع ان تتعلم من خلال العمل».
الكثير من المبادرين يقعون في خطأ اختيار شريك لكونه يمتلك موارد مهمة للمشروع (مثل العلاقات/ تمويل/ أرض) دون النظر في الصفات الشخصية، ليتفاجأوا لاحقا ان الشريك لا يساهم في العمل، أو ان هدفه هو أن يستقطع من أرباح الشركة على حساب جودة العمل ونمو المشروع، ومن ثم يتسبب هذا الخطأ في اختيار الشريك في فشل المشروع.
كما ينبغي التأكيد ان اختيار الصديق كشريك لا يغني عن أهمية وجود «اتفاق المؤسسين».
فعند حديثي مع المبادرين الذين دخلوا في شراكات لم تنجح، أشار معظمهم الى عدم وجود «اتفاق المؤسسين» كسبب أساسي في الخلافات وفشل المشروع. و«اتفاق المؤسسين» مهم جدا حيث إنه يمثل مرجعا لحل الخلافات، ويوضح للمبادرين كيفية اتخاذ القرارات ومسؤوليات الشركاء من خلال، على سبيل المثال:
- توضيح ان كانت نسبة كل شريك في المشروع ثابتة أو مبنية على أداء الشريك.
- توضيح حقوق الشريك، كحقه في إنشاء مشروع منافس، وفي عدم الرغبة في الاستمرار في المشروع.
- توضيح رؤية الشركة والهدف من المشروع، كبيع المشروع أو خطة التوسع أو ما إلى ذلك.
فنصيحتي لمبادر يبحث عن شريك هو التركيز على الصفات الشخصية لمن هم قريبون له من أهل وأصدقاء، والتحدث مع الشريك عن أهدافه الشخصية وتوقعات العمل، وتوقيع عقد «اتفاق المؤسسين» للحفاظ على العلاقة بينهم. وفي النهاية أود أن أذكر أن في عام 2017 أكدت دراسة لأكثر من 8000 فريق أن صفات الفريق لها تأثير أساسي ومباشر في نجاح المشروع، لذلك فإن اختيار الشريك المناسب قد يكون أهم قرار في نجاح أو فشل المشروع.
@alabdulj