- الكويت حافظت على تمتعها بتصنيفات مالية مرتفعة
من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس».
ويعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم بالنسبة لأوضاعهم المالية، وانعكاس ذلك على قدراتهم الشرائية.
ويصدر المؤشر في أول يوم أحد من كل شهر، وهو يرتكز على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات.
تم اجراء البحث بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتم مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
ويستند تقييم المؤشر العام لثقة المستهلك الى ست مؤشرات اعتمدها الباحثون في شركة آراء لقياس مدى رضا المستهلكين وتفاؤلهم وهي: مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي، مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، مؤشر الدخل الفردي الحالي، مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا، مؤشر فرص العمل الجديدة في سوق العمل حاليا، ومؤشر شراء المنتجات المعمرة.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي».
يتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين، فكلما تجاوزها المؤشر، يكون الوضع النفسي للمستهلكين في الكويت يميل نحو التفاؤل أكثر فأكثر، وكلما تراجع المؤشر عنها في اتجاه الصفر تكون النظرة أكثر تشاؤما.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية، مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر ديسمبر 2018، حيث قالت ان شهر ديسمبر اختتم العام الماضي كما أنهى الربع الثالث من السنة المالية 2018-2019، والتي كانت مزدحمة بالعديد من المعطيات والمستجدات المالية والاقتصادية، وكان من أبرزها:
٭ الانخفاض الحاد غير المتوقع لأسعار النفط الناتج عن زيادة الإنتاج.
٭ شكوك حول معدل النمو الاقتصادي العالمي الذي يتوقع ألا يتجاوز 2.5% للعام 2019.
٭ تداعيات الصراع التجاري والتدابير المتخذة من بعض الدول الكبرى الآيلة لإعادة بعض أوجه السياسات الحمائية التي تتعارض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية.
وضمن هذه المناخات، سجل سعر النفط انخفاضات متلاحقة بوتيرة غير مسبوقة منذ 15 شهرا، وضمن هذه الوقائع بلغ الإنتاج الكويتي 2.8 مليون برميل يوميا خلال شهر نوفمبر. وضمن هذه الأجواء سجل مؤشر آراء العام لثقة المستهلك لشهر ديسمبر 110 نقاط بتراجع نقطتين خلال شهر وباستقرار المعدل على أساس سنوي. ومنح المواطنون المؤشر العام 114 نقطة بخسارة 5 نقاط من رصيدهم السابق والمقيمون العرب سجلوا للمؤشر العام 105 نقاط بإضافة خمس نقاط خلال شهر. أما على صعيد المناطق فقد تراجع معدل العاصمة إلى 103 بخسارة 11 نقطة بينما عززت محافظة حولي معدلها العام 119 نقطة بزيادة 12 نقطة خلال شهر، كما تراجع معدل محافظة الأحمدي 14 نقطة، مع الإشارة إلى تراجع معدلات بعض ذوي المداخيل المرتفعة. ويبدو أن الهبوط غير المتوقع لأسعار النفط وبوتائر متسارعة، وما نتج عنه من تراجع حجم الدخل الوطني، وما يمكن أن يطول الموازنة ببعض العجز نتيجة هذه التداعيات قد أثرت سلبا على نفسية المستهلكين، بحيث عبر معظمهم عن عدم ارتياحه للأوضاع بشكل عام وبشكل محدد للتوقعات المالية والاقتصادية المستقبلية.
تراجع الوضع الاقتصادي
وتشير معطيات البحث إلى تراجع مؤشر الوضع الاقتصادي، فقد سجل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي لشهر ديسمبر 101 نقطة بتراجع نقطة واحدة، بينما استقر معدل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا عند 103 نقاط بخسارة 9 نقاط من رصيده السابق خلال شهر، عاكسا بذلك بعض هواجس المستهلكين حول الوضع الاقتصادي في المستقبل. ويبدو أن جملة من العوامل تضافرت للحفاظ على المستوى النسبي لثقة المستهلكين بالواقع الاقتصادي الحالي، لعل أبرزها:
استمرار تمتع الكويت بتصنيف مالي مرتفع من قبل مختلف المؤسسات الدولية ذات الاختصاص بما فيها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذان اعتبرا أن صلابة أصول الاستثمارات السيادية الكويتية، تشكل درعا في مواجهة التحديات الاقتصادية.
كما شهدت البورصة انتعاشا كبيرا بتسجيل أرباح جيدة وارتفاع حجم التداولات فضلا عن انخراط ما يزيد على 500 مليون دولار من الاستثمارات من الرساميل الأجنبية في نشاط البورصة، مما يفسح في المجال لضمان المزيد من ثقة الخارج في الأسواق الكويتية ويرفع مستوى مساهمة الرأسمال الأجنبي في الاستثمار في السوق المالي وبالتالي بالحركة الاقتصادية ككل.
وتعتبر مسألة انتعاش حجم التداولات العقارية خلال شهر نوفمبر بنسبة 33% على أساس سنوي، مدلولا مهما ومؤشرا لإمكانية التغلب التدريجي لهذا القطاع على ركوده الحالي والذي لا يزال يعاني من وجود أكثر من آلاف الشقق الشاغرة. علما أن الإحصاءات أشارت إلى أن محافظة الأحمدي حازت الحجم الأعلى من التداولات العقارية التي تمت خلال شهر نوفمبر.
ان هذه العوامل الإيجابية مع أهميتها لا تخفي بعض الجوانب المقلقة ومنها:
٭ العجز المتوقع للموازنة في حال تراوحت أسعار برميل النفط الكويتي حول 50 دولارا.
٭ المخاوف المتعلقة بإمكانية تراجع مستوى النمو العالمي وانعكاسه على أسواق الطاقة.
وضمن هذه المستجدات الإيجابية منها والسلبية منح المواطنون مؤشر آراء للوضع الاقتصادي الحالي 107 نقاط بخسارة 6 نقاط، بينما تراجع معدل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا في أوساط المواطنين 13 نقطة خلال شهر عاكسا بذلك بعض القلق في صفوفهم.
أما على صعيد المناطق فقد تراجع معدل مؤشر محافظة مبارك الكبير للوضع الاقتصادي الراهن 18 نقطة ومحافظة الأحمدي 12 نقطة، علما أن العاصمة سجلت معدلا غير مشجع لمؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا بلغ 98 نقطة بخسارة 28 نقطة خلال شهر. البارز أن العاصمة بما تحتله من موقع ريادي، سياسي واقتصادي عبرت عن تخوفها من تداعيات الهبوط غير المتوقع لأسعار النفط.
تراجع الاستهلاك في العاصمة
سجل مؤشر آراء لشراء المنتجات المعمرة 104 نقاط بتراجع 16 نقطة خلال شهر وبخسارة 19 نقطة مقارنة بشهر ديسمبر 2017.
هذا التراجع الشهري والسنوي لمستوى حركة سوق الاستهلاك، أتى تتويجا لتحفظ 21 مكونا من مكونات البحث الـ27، عاكسا حالة من انخفاض حركة السوق الاستهلاكي تشمل معظم المناطق والفئات الاجتماعية، بما فيها العاصمة التي فقدت 32 نقطة من معدلها المسجل في نوفمبر، إلى الشباب 35-18 سنة الذي تراجع معدلهم 11 نقطة، إلى الهبوط غير المتوقع لمؤشر محافظة الأحمدي التي تراجع معدلها خلال شهر 68 نقطة. علما أن ذوي المداخيل المختلفة عبروا عن هبوط نسبة إقدامهم على الشراء وخسر معدل المؤشر للبعض منهم 76 نقطة مقارنة بنوفمبر.
السؤال الذي تطرحه هذه الوقائع: هل تخفيض مستوى الشراء وبالتالي الاستهلاك يعتبر ظاهرة عابرة ومؤقتة، كنتيجة طبيعية لهبوط أسعار النفط وتداعياته السلبية؟ أم انه بداية مرحلة جديدة من نمط الاستهلاك تفرضه المتغيرات؟
نتابع في الأشهر المقبلة حركة الأسواق للإجابة عن هذا السؤال.
المداخيل الفردية.. ثابتة رغم التغيرات
قال تقرير آراء انه بعكس المؤشرات الأخرى المكونة للدراسة فإن لمؤشر الدخل الفردي الحالي والمتوقع مستقبلا بعض الصفات الخاصة وأبرزها عدم التعرض للتغيرات السريعة بل اكتسب هذان المؤشران صفة الثبات، كون الأكثرية الساحقة للمداخيل الفردية، للمواطنين وللقوى العاملة الوافدة مصدرها الرواتب والأجور وبما ان الرواتب والأجور ثابتة نسبيا مع بعض الارتفاع، والقدرة الشرائية للدينار محفوظة والتضخم النقدي في أدنى مستوياته الطبيعية، فإن المداخيل تكتسب صفة الثبات لذا لا بد من مقارنة معدلات مؤشرات الدخل في أوساط المستهلكين وتفاوتها انطلاقا من عوامل مختلفة منها تطور أو جمود بعض القطاعات الاقتصادية، ومنها التفاوت في النشاط الاقتصادي بين المناطق وفي المراحل المختلفة، هذا فضلا عن الترابط المباشر بين مستوى ثقة المستهلك بالمدخول الفردي وبين مستوى نفقاته والتزاماته المالية.
وضمن هذه الشبكة المتشعبة من العلاقات بين مستوى ثقة المستهلك في الدخل الفردي الحالي والدخل الفردي المتوقع مستقبلا، سجل مؤشر آراء للدخل الفردي الحالي لشهر ديسمبر 2018 مستوا جيد بلغ 111 نقطة باكتساب 11 نقطة خلال شهر ومتقدما 7 نقاط على أساس سنوي. بينما راوح معدل مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا عند رقم 109 نقاط متراجعا نقطة واحدة على اساس شهري ومتقدما ست نقاط مقارنة بديسمبر 2017.
هذا التقارب بين المعدلات، لا يكشف كامل تفاصيل التفاوت في قناعات وآراء مكونات البحث، فعلى صعيد المناطق يلاحظ ارتفاع مستوى معدل مؤشر الدخل الفردي بنسب عالية، حيث ارتفع 23 نقطة خلال شهر في كل من محافظة حولي والجهراء بينما من جهة معاكسة تراجع معدل مؤشر العاصمة الى 97 نقطة بخسارة 8 نقاط خلال شهر.
تخفيض الوافدين خلال 7 سنوات
ذكر تقرير آراء ان مؤشر آراء لفرص العمل المتوافرة في السوق حاليا حافظ على مستواه السابق 161 نقطة، مع تراجع على المستوى السنوي 16 نقطة. هذا الثبات للمعدل لا يمنع وجود تباين في مستوى ثقة المستهلك بين مختلف مكونات البحث، حيث سجل ذوو الأعمال الخاصة معدلا بلغ 199 نقطة بإضافة 93 نقطة خلال شهر، مترجمين بذلك حالة من انتعاش حركة العمل في أوساطهم، بينما من جهة أخرى يتعرض ذوو الدراسات العلمية الأقل من المتوسطة لصعوبات في الالتحاق بالعمل بحيث توقف معدل مؤشر فرص العمل لديهم إلى 187 نقطة بخسارة 38 نقطة خلال شهر.
أما على صعيد المناطق، فقد رفعت محافظة حولي معدلها إلى 212 نقطة مضيفة 39 نقطة إلى رصيدها السابق، وكاشفة عن ارتفاع مهم لحركة العمل في هذه المحافظة، بينما من جهة معاكسة، سجلت محافظة الأحمدي 124 نقطة بخسارة 31 نقطة، بينما العاصمة رفعت معدل مؤشر فرص العمل لديها إلى 164 نقطة بإضافة 11 نقطة على رصيدها.
من جهة أخرى، تطرح الهيئات الرسمية المعنية مشروع توجه على مدى 7 سنوات لتخفيض حجم العمالة الوافدة، وتشجيع وتأهيل العمالة الوطنية للانتشار في مختلف القطاعات الاقتصادية، وبشكل محدد في القطاع الخاص، في هذا الصدد تنظم برامج وورش عمل لتأهيل المواطنين للانخراط في مجالي الخدمات والانتاج اللذين سيتعززان في الهيكلية الاقتصادية خلال السنوات القادمة.