قال تقرير الشال الاقتصادي انه عند الحديث عن إسقاط القروض، تأتي الأرقام على أهميتها في مرتبة متأخرة من حيث الأهمية، وتتقدم عليها جملة من المبادئ، مثل عدم دستوريته وخرقه لجملة من القيم، ووضع الاقتصاد الكلي.
فالدستور، يكرس مبدأ العدالة، وإسقاط القروض ينسف هذا المبدأ من أساسه، فهناك مقترض، وهناك غير المقترض، وغير المقترض ربما اختار عدم الاقتراض من باب الحصافة والشعور بالمسؤولية، وهو في حالة إسقاط القروض يتعرض لغبن ويتعرض لعقوبة على سلامة تصرفه.
ورأى التقرير انه من المؤكد أن معدلات نمو الاقتراض زادت، ومن دون حاجة، منذ الحديث عن إسقاط القروض.
وضمن المقترضين، هناك تفاوت كبير بين حجم رصيد القرض المستحق، سواء بسبب فروق سقف القرض، أو بسبب التفاوت في مدته، أي هناك من سدد قسطا واحدا، وهناك من سدد 90% من أقساطه.
وهناك اختلاف جوهري في مبررات الاقتراض، فهناك من اقترض لحاجة ملحة، وهناك من اقترض نتيجة نمط استهلاكي مبالغ فيه، أي دفع ثمن رغبته في المحاكاة والتقليد.
ويبقى أكبر المستفيدين من إسقاط القروض، ليس المقترضين، ولا البلد، وإنما المصارف وبائعو السلع والخدمات، ومعظمها مستورد أو خدمات سفر.
والوضع المالي والاقتصادي، يحملان شكوكا كبيرة حول استدامتهما، مشروع الموازنة العامة الجديد يخصص نحو 75% من نفقاتها للرواتب والأجور والدعوم، ووفقا لتصريح أخير لوزير المالية هي نفقات غير مرنة ولا تمس.
والاقتصاد يعتمد في نحو 60% في تكوينه على النفط، و90% من نفقات الموازنة يمولها النفط، والنفط يباع حاليا بنحو 60% من مستوى أسعار عام 2013.
ومصدر الأموال الذي هو نتاج بيع أصل اكتشف مصادفة في زمن الجيل الحالي، وليس حصيلة نشاط اقتصادي مستدام، أولوياته هي خلق فرص عمل وتعليم ومسكن لعدد من صغار المواطنين قادمين إلى الحياة بأعداد أعلى من عدد المتواجدين حاليا في سوق النشاط الاقتصادي، وخلال 15 عاما فقط، والباقون أكثر.
وذكر التقرير ان مبررات تكرار المطالبة بإسقاط القروض هي حصيلة نهج خاطئ، استنته سلطات اتخاذ القرار في البلد، وموروث منذ زمن الرواج المؤقت لسوق النفط، مثاله فوضى الكوادر من دون ربط بالإنتاجية بما خرب سلم الرواتب والأجور في القطاع العام، إضافة إلى التسامح المعيب مع الهدر والفساد.
لذلك، من مسؤوليات الحكومة وقف سرقة مستقبل الصغار، أولا، بتقديم أدلة قاطعة على نجاعة وصدق مواجهتها للهدر في نفقاتها وفسادها، وثانيا، بمواجهة كل المطالبات الشعبوية، وأي استثناء إنساني، لابد أن يكون علنيا وفي أضيق الحدود.