قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني ان مجلس الأمة أقر الموازنة للسنة المالية 2019/ 2020 مع الاحتفاظ بنفس مستويات النفقات الاجمالية كما ورد في مسودة الميزانية بقيمة اجمالية بلغت 22.5 مليار دينار، بزيادة تقارب 5% عن ميزانية العام السابق. وعلى الرغم من عدم نشر التفاصيل النهائية بعد، إلا أن مسودة الميزانية أظهرت أن النفقات الرأسمالية (المرتبطة بالمشروعات الإنشائية وما يرتبط بها) لم يطرأ عليها سوى تعديل طفيف وظلت عند مستوى 3.3 مليارات دينار، لتمثل بذلك نسبة 15% من النفقات الإجمالية.
إلا انه تم تعديل الإيرادات وخفضها عن القيمة المحددة في المسودة إلى 15.8 مليار دينار على خلفية تراجع إيرادات النفط ومع افتراض سعر النفط عند 55 دولارا للبرميل، وقد يكون هذا التعديل بسبب انخفاض إنتاج النفط المتوقع على خلفية خفض الأوپيك للإمدادات. وتشير الأرقام إلى تسجيل عجز في الميزانية قدره 6.7 مليارات دينار قبل خصم حصة احتياطي الأجيال القادمة، أي ما يوازي 17% من الناتج المحلي الإجمالي.
وغالبا ما تكون توقعات عجز الميزانية الحكومية متواضعة للغاية على خلفية مزيج من الافتراضات المتحفظة بالنسبة لأسعار النفط وانخفاض النفقات مقارنة بمسودة الموازنة (خاصة على صعيد الإنفاق الرأسمالي). وبناء على افتراض سعر مزيج خام برنت عند مستوى 65 دولارا للبرميل والمزيد من ترشيد النفقات، فإننا نتوقع عجزا أقل بكثير بقيمة 1.2 مليار دينار، أو 3% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
هذا، ولم يتم الإعلان بعد عن الحساب الختامي للسنة المالية 2018/2019، إلا أننا نقدر وجود فائض قدره 800 مليون دينار (2% من الناتج المحلي الإجمالي) بناء على البيانات الأولية للأحد عشر شهرا الأولى من العام. إلا أن تقديرنا قد يكون متفائلا، حيث قد تتم زيادة الإنفاق في الشهر الأخير لتسوية بعض الالتزامات قبل إغلاق الحسابات النهائية للسنة المالية.
وذكر التقرير إنه على الرغم من تزايد المخاوف المتعلقة بالاقتصاد العالمي خلال الأشهر القليلة الماضية إلا أن أداء الاقتصاد الكويتي كان معتدلا في أغلب الأحوال، فقد ارتفعت أسعار النفط في الربع الثاني من العام 2019 على خلفية خفض الأوپيك وحلفائها للإنتاج وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وذلك على الرغم من الضغوط الناتجة عن احتمال انخفاض آفاق نمو الاقتصاد العالمي.
وارتفعت مؤشرات النشاط غير النفطي، بما في ذلك الإنفاق الاستهلاكي ونمو الائتمان، وتفوق أداء سوق الأسهم على أقرانه في دول مجلس التعاون الخليجي بدعم من انضمام البورصة لمؤشر آخر من مؤشرات الأسواق الناشئة، مما ساهم في تعزيز الثقة وأدى إلى تزايد تدفقات رأس المال.
وعلى الرغم من استمرار الحاجة إلى تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الكلية والهيكلية لتعزيز النمو غير النفطي طويل الأجل وتحسين أوضاع المالية العامة، نرى أن الاقتصاد في وضع جيد لمواجهة أي تباطؤ طفيف في النمو العالمي أو في أسعار النفط خلال الفترات المقبلة.
ارتفاع أسعار النفط
وبدأت أسعار النفط في الارتفاع خلال الربع الثاني من العام 2019، إلا أنها سرعان ما تراجعت على خلفية تصاعد المخاوف المتعلقة بآفاق نمو الاقتصاد العالمي. وبلغ سعر خام مزيج التصدير الكويتي أعلى مستوياته القياسية مقتربا من مستوى 75 دولارا للبرميل في أواخر أبريل في ظل الإشارات الدالة على تشديد سوق النفط استجابة لخفض الأوپيك وحلفائها للإمدادات، إلا انه تراجع إلى 61 دولارا بحلول منتصف يونيو قبل أن يرتفع قليلا نتيجة للتوترات الجيوسياسية الإقليمية لينهي تداولات الشهر عند مستوى 66 دولارا.
وفي المتوسط، ارتفعت الأسعار بنسبة 9% في الربع الثاني من العام 2019 مقارنة بالربع الأول. وفي ظل خفض توقعات نمو الطلب على النفط و«الشكوك الكبيرة» التي تواجه سوق النفط، وافقت الأوپيك وحلفاؤها في أوائل يوليو على تمديد اتفاقية خفض الإنتاج لمدة 9 أشهر إضافية حتى نهاية مارس 2020.
وبلغ إنتاج النفط الخام الكويتي 2.69 مليون برميل يوميا في يونيو، ليرتفع بذلك معدل التزام الكويت بحصة خفض الإنتاج المستهدفة.
ويشير ذلك إلى أن إنتاج النفط في الكويت لن يشهد تغيرات على نطاق واسع خلال الفترة المتبقية من العام الحالي وما بعد ذلك، مع افتراض عدم حدوث أي تغيير في ظروف السوق الكلية بما قد يؤدي إلى اتخاذ الأوپيك وحلفائها لموقف مغاير.
2٫5 % نمو متوقع للقطاع غير النفطي في 2019
أشار «الوطني» إلى ان البيانات الرسمية الأولية للربع الأول من العام 2019 إلى تحسن ملحوظ في معدلات النمو الاقتصادي في الربع الأول من العام الحالي، وذلك على الرغم من خفض الإنتاج النفطي لمنظمة الأوپيك وحلفائها وما لذلك من تأثير على أداء الاقتصاد بشكل عام. حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6% على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2019، مسجلا أداء قويا مقابل نموه بنسبة 1.7% في الربع الرابع من العام 2018 (والذي تم خفضه من 2.0%). كما سجل الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي - الذي يشمل قطاع التكرير ـ نموا بنسبة 1.3% (2.0% في الربع الرابع) فيما يعد أقوى قليلا من نمو الإنتاج الرسمي للنفط خلال الربع - وربما ساهم في ذلك ارتفاع ناتج التكرير على أساس سنوي، إلا أن المفاجأة الأكبر كانت النمو في القطاع غير النفطي، الذي ارتفع بشدة إلى 4.1% من 1.5% في الربع الرابع من العام 2018 (تم خفضه من 2.0%)، ونتوقع نمو للقطاع غير النفطي بنسبة ٢٫٥% خلال ٢٠١٩ وبنسبة أعلى قليلاً في ٢٠٢٠.
وذكر التقرير أن تسارع وتيرة النمو كان في أغلبه بسبب التعديلات المهمة التي طرأت على الضرائب والدعوم التي تستخدم لتمييز أسعار السوق مقارنة بأسعار المنتجين. باستثناء ذلك، لكان نمو القطاع غير النفطي أكثر تواضعا بنسبة 2.3% في الربع الأول من العام 2019، وهي النسبة الأقرب إلى توقعاتنا الخاصة بالمقومات الرئيسية للأداء الاقتصادي.
تباطؤ وتيرة المشاريع الحكومية
ذكر تقرير البنك الوطني أن وتيرة إسناد المشاريع تباطأت إلى 377 مليون دينار فقط في الربع الثاني من العام، أقل من قيمة الربع الأول البالغة 700 مليار دينار في والتي كانت أفضل من التوقعات. وبالتالي، بلغ إجمالي المشاريع التي تم إسنادها خلال النصف الأول من العام 2019 ما قيمته 1.1 مليار دينار، مما يشير إلى إمكانية تحقيق أداء أفضل هذا العام مقابل 1.7 مليار دينار خلال العام 2018 بالكامل. وجاءت مشاريع قطاع البناء في الصدارة خلال النصف الأول من العام 2019 بإجمالي بلغت قيمته (523 مليون دينار) وقطاع النقل بقيمة (360 مليون دينار) وتركزت معظمها في مشروعات الإسكان والطرق.
من جهة أخرى، تقرر إدراج المشاريع التي تأخر إسنادها إلى أجندة أعمال النصف الثاني من العام 2019، مع استهداف مشاريع كبرى بقيمة 4 مليارات دينار ليتم إسنادها خلال تلك الفترة، والتي تشمل عددا من المشاريع في قطاعي النقل والطاقة، مثل المرحلة الأولى من مشروع ميناء مبارك الكبير ومشروع محطة الدبدبة للطاقة الشمسية ومشروع كبد لتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية.
وإذا تم تأخير إسناد تلك المشاريع الرئيسية، سيكون أداء النصف الثاني من العام أضعف بكثير. واستنادا إلى الاتجاهات التاريخية، نتوقع إسناد المشاريع بوتيرة أكثر تحفظا لتبلغ حوالي 2.5 مليار دينار في العام 2019 بصفة عامة، بما سيسجل تحسنا عن مستويات العام الماضي.
المبيعات العقارية ما زالت قوية.. رغم التراجع
قال تقرير الوطني إن المبيعات العقارية بلغت 225 مليون دينار في مايو، بتراجع بلغت نسبته 36% على أساس شهري بعد الأداء القوي لشهر أبريل وتراجع أيضا بنسبة 25% على أساس سنوي. ويعزى هذا التراجع على الأرجح للعوامل الموسمية نظرا لبطء وتيرة الصفقات في شهر رمضان المبارك، حيث حدث معظم هذا التراجع في مايو.
كما يرجع تباطؤ قيمة المبيعات أيضا إلى انخفاض عدد صفقات العقار الاستثماري (أي الشقق) والعقار السكني على أساس شهري بنسبة ـ 46% وـ 20% على التوالي. من جهة أخرى، ارتفع نشاط القطاع التجاري بأكثر من ثلاثة أضعاف على أساس شهري، بأداء قياسي حيث سجل 120 صفقة فيما قد يعزى إلى بيع العقارات التجارية الصغيرة في المناطق الجديدة في جنوب الكويت. وما زالت المبيعات مرتفعة بنسبة 3% على أساس سنوي حتى مايو في ظل الارتفاع القوي في مبيعات الوحدات السكنية، إلا أن مبيعات الشقق انخفضت بعد النمو القوي الذي شهده العام 2018. ونرى أن السوق يشهد مرحلة من الاستقرار بصفة عامة في الوقت الحالي.