أثار الانهيار التاريخي لسوق الأسهم الأرجنتيني وتدهور قيمة العملة المحلية مخاوف من أن ثاني أكبر بلد في أميركا الجنوبية يسير في طريقه نحو التخلف عن سداد الديون، حيث كشفت عملية تصويت أولي للانتخابات شهدتها البلاد عن نتائج صادمة، بحسب تقرير لـ «سي إن بي سي».
وتأتي هذه المخاوف بعدما هبط سوق الأسهم في البلاد (وفقا للقيمة الدولارية) بنسبة 48% خلال تعاملات الإثنين الثاني عشر من أغسطس، وهو أكبر انخفاض يومي لأي سوق منذ عام 1950 وفقا لبيانات «رويترز»، وتزامن ذلك مع هبوط حاد في قيمة البيزو أمام الدولار ليسجل أدنى مستوياته على الإطلاق.
التخلف عن سداد الديون
وفي التصويت المبكر الذي عقد يوم الأحد الحادي عشر من أغسطس واعتبره كثيرون مقياسا رئيسيا للجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المقرر عقدها في الأرجنتين أواخر أكتوبر المقبل، خسر الرئيس «موريسيو ماكري» بفارق أكبر بكثير من المتوقع.
وتضاعفت تكلفة التأمين على الاستثمار في الديون السيادية الأرجنتينية ثلاث مرات تقريبا خلال الأسبوع المنتهي أمس الخميس، وارتفعت أسعار مبادلة العجز الائتماني الأرجنتيني لأجل 5 سنوات إلى 2720 نقطة أساس بحلول الأربعاء مقارنة بـ 1017 نقطة يوم الجمعة السابق للتصويت.
وتشير أحدث تقديرات «آي إتش إس ماركيت» إلى أن احتمال التخلف عن سداد الديون السيادية خلال فترة عام واحد يبلغ الآن 55%، في حين يبلغ 82.5% لفترة خمس سنوات.
احتياجات ضخمة وغياب للمصداقية
وفي محاولة لتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات، أعلن «ماكري» عن حزمة إعانات بمنظومة الرعاية الاجتماعية، وخفض الضرائب على العاملين ذوي الدخل المنخفض بحلول يوم الأربعاء التالي للتصويت الأولي.
وكانت هذه الإجراءات بمنزلة تحول كبير في جهود الرئيس «المدعومة» من صندوق النقد الدولي لتحقيق التوازن في ميزانية البلد المحاط بالأزمات، ورغم أن المشاركين في الأسواق بدوا غير مقتنعين بمقترحاته.
ويعتبر البعض البيزو الأرجنتيني بمنزلة مؤشر على صحة الاقتصاد، وقد فقد ربع قيمته تقريبا خلال الأربعة أيام اللاحقة للتصويت الأولي، في حين بلغت خسائر سوق الأسهم ما نسبته 35% تقريبا خلال ثلاثة أيام.
ويعتقد محللو «بنك أوف أميركا ميريل لينش» أن هناك احتمالا بنسبة 50% أن تتخلف الأرجنتين عن سداد ديونها السيادية العام المقبل، وقال المصرف، إن الاحتياجات المالية الحكومية الهائلة التي تبلغ 30 مليار دولار العام المقبل تضع البلاد في موقف مالي صعب.
إلى جانب ذلك، حذر المصرف من أن انعدام مصداقية السوق يعظم احتمال التخلف عن سداد الديون، مضيفا أن انهيار السوق مؤخرا قد يؤثر سلبا على حركة الاقتصاد، مع احتمال تشهد البلاد ركودا للعام الثالث على التوالي في 2020.
موقف صندوق النقد
يقول المحلل الإستراتيجي لدى «شارد كابيتال» للخدمات المالية والاستشارية، «بيل بلين» إن الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين تتعلق كليا بالمصداقية العالمية، وتمثل إخفاقا كبيرا آخر، مضيفا أن رئيسة صندوق النقد الدولي «كريستين لاغارد» أبدت تأييدها الشخصي لحكومة «ماكري». ويرى «بلين» أن قرار «لاغارد» بدعم «ماكري» كان سيئا، مضيفا أن السياسة الداخلية في ثاني أكبر دول أميركا الجنوبية جعلت صندوق النقد الدولي يبدو كما لو أنه «غبي».