رأى تقرير لبنك الكويت الوطني ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تراجع خطوة إلى الوراء في نزاعه مع بكين، بعد أن أعلنت إدارته عن تأجيل فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على بعض الواردات من السلع الاستهلاكية الصينية، كما توعد قبل أسبوعين، حتى ديسمبر المقبل.
وقد تم فرض رسوم جمركية بنسبة 25% بالفعل على بضائع صينية بقيمة تقارب حوالي 250 مليار دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قد وصف الشهر الماضي التوترات التجارية بأنها احدى أكبر المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي، وقام بخفض توقعاته للنمو للمرة الثالثة. وبعد صدور تلك الأخبار، ارتفعت الأسهم وغمرت الأسواق العالمية معنويات المخاطرة.
إلا أن تأثير تلك الخطوة الإيجابية لم تدم طويلا، حيث ساهمت البيانات الصادرة من الصين وألمانيا في زيادة المخاوف بشأن النمو العالمي ودفعت المستثمرين للفرار إلى أصول الملاذ الآمن.
وأضاف التقرير انه على خلفية تلك الأوضاع، تراجعت عائدات السندات الحكومية الأميركية والبريطانية لأجل 10 سنوات إلى أقل من عائدات الإصدارات ذات الاستحقاق - قصير الأجل - وتاريخيا، يسبق هذا الانعكاس في الأغلب حدوث حالة من الركود الاقتصادي.
ويأتي انخفاض معدل سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى مستوى أدنى من تلك المستحقة بعد عامين للمرة الأولى منذ 2007، هذا في الوقت الذي انخفض فيه العائد على السندات الأميركية ذات فترة استحقاق 30 عاما إلى أدنى مستوياته المسجلة على الإطلاق متراجعا إلى أقل من 2%. أما على صعيد الأسهم، فقد كان التقلب هو السمة الرئيسية في وول ستريت.
حيث ارتفع مؤشر داو جونز بنحو 390 نقطة بعد إعلان ترامب عن تأجيل فرض الرسوم الجمركية الإضافية على الصين.
إلا ان ذلك الربح لم يدم طويلا حيث فقد المؤشر 556 نقطة في اليوم التالي على خلفية المخاوف المتعلقة بالنمو العالمي.
وعلى صعيد السياسة النقدية، يتجه سوق العقود الآجلة إلى تسعير إمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل المقرر عقده في سبتمبر بنسبة 100%.
وعلى الرغم من ان البيانات الصادرة من الولايات المتحدة ما زالت تبعث على التفاؤل، إلا ان المتداولين قاموا بتسعير إمكانية خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس بنسبة 37%، في حين يتوقع 63% خفضها بواقع 25 نقطة أساس.
وفي ظل تزايد الضغوط اليومية من جهة الرئيس الأميركي ترامب على الاحتياطي الفيدرالي لتيسير السياسات النقدية بوتيرة أسرع، سيقوم أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بتقييم تداعيات الحرب التجارية بعناية إلى جانب انعكاس منحنى العائد قبل اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة الأميركية.
بيانات الولايات المتحدة ما زالت مرنة
شهدت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة نموا بمعدل أكثر مما كان متوقعا خلال الشهر الماضي، وذلك في إشارة إلى مواصلة المستهلكين دعم أكبر اقتصاد على مستوى العالم.
حيث ارتفعت مبيعات التجزئة الرئيسية بنسبة 0.7% في يوليو، متجاوزة معدلات النمو المسجلة في الشهر السابق، كما تخطت توقعات الاقتصاديين مسجلة نموا بنسبة 0.3%.
إلا أن التضخم الأساسي سجل مفاجأة على طريقة المبيعات حيث ارتفع بنسبة 1%، أعلى بكثير من نسبة 0.4% المتوقعة من قبل الأسواق.
وتأتي تلك الأرقام المتفائلة في أعقاب انتعاش قطاع الصناعات التحويلية، حيث بلغت قراءة مؤشر فيلي فيد الصناعي 16.8 نقطة في وقت كان السوق يتوقع فيه قراءة قدرها 10.1 نقاط.
أسواق العملات
وبالنسبة لأسواق العملات، ارتفع الدولار الأميركي في ظل زخم بيانات مبيعات التجزئة وثبات قراءات مؤشر أسعار المستهلكين، في الوقت الذي صارعت الاقتصادات الأوروبية والصينية لإصدار بيانات إيجابية.
وافتتح مؤشر الدولار الأسبوع عند مستوى 97.535 وواصل زخمه التصاعدي مرتفعا بنسبة 0.63% خلال الأسبوع الماضي ليصل بذلك إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ أسبوعين عند مستوى 98.339.
مخاوف انفصال بريطانيا
ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في المملكة المتحدة بنسبة 2.1% في يوليو مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
كما ارتفع المؤشر مقارنة بمستويات شهر يونيو بما يتماشى مع المعدل المستهدف من قبل بنك إنجلترا.
هذا، ولا يتوقع الاقتصاديون استمرار المسار الثابت للتضخم بسبب ضعف الجنيه الاسترليني والارتفاع الأخير في معدل نمو الأجور، وكلاهما يشير إلى ارتفاع متوقع للتضخم في المستقبل.
حيث أظهرت أرقام منفصلة أيضا نمو الأجور بنسبة 3.7% بما يتماشى مع توقعات السوق.
تراجع نمو الاقتصاد الصيني
يعاني الاقتصاد الصيني هو الآخر حيث تباطأ نمو الإنتاج الصناعي إلى 4.8% على أساس سنوي في يوليو مقابل 6.3% في يونيو، كما انخفضت مبيعات التجزئة من 9.8% إلى 7.6% في يوليو وكلا الرقمين يثير المخاوف تجاه الاقتصاد العالمي.
وقد اتجه المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن المتمثلة في سندات الخزانة الحكومية طويلة الأجل، وخاصة الولايات المتحدة، في ظل اعتقادهم أن الأصول المرتفعة المخاطر مثل الأسهم معرضة للخطر.
انكماش الاقتصاد الألماني يزيد من وتيرة المخاوف
قال تقرير «الوطني» ان الاقتصاد الألماني انكمش في الربع الثاني، حيث أشارت بيانات المعنويات الضعيفة إلى استمرار النمو السلبي في الربع الثالث أيضا، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضع الاقتصاد الألماني في حالة ركود.
وتبعث آفاق الاقتصاد الألماني على القلق، حيث سجل انكماشا بنسبة 0.1% على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من 2019 فيما سجل نموا طفيفا بنسبة 0.4% فقط مقارنة بالفترة المماثلة من 2018 (بالأرقام المعدلة موسميا).
وجاء انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني بعد مفاجأة تسجيل نمو 0.4% على أساس ربع سنوي في الربع الأول، وبالتالي فإن الاقتصاد ككل مازال ينمو بشكل واضح في النصف الأول من العام.
وشهدت عملة اليورو الموحدة انخفاضا لمدة 4 أيام متتالية وكسرت مستوى 1.11 يوم الخميس الماضي في ظل تزايد المخاوف بشأن أكبر اقتصادات منطقة اليورو، ألا وهي ألمانيا.
وفقدت العملة 1.2% من قيمتها مقابل الدولار الأميركي خلال الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن تتعرض إلى المزيد من الضغوط حيث يشكل ضعف البيانات الاقتصادية والضغوط التضخمية عائقا أمام تحقيقها لارتفاعات.