قال تقرير الشال الأسبوعي إن مجلسي الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قرر نهاية أكتوبر الماضي خفض سعر الفائدة الأساس على الدولار الأميركي بربع النقطة المئوية ليصبح 1.75%، وهو ثالث تخفيض منذ بدئه في يوليو الماضي، أي 3 تخفيضات خلال 3 شهور فقط، وفي ذلك دلالة قوية على ارتفاع مستوى قلق الفيدرالي الأميركي حول النمو الاقتصادي.
ولا يزال الرئيس الأميركي يريد ما هو أكثر من الفيدرالي، ربما لأن انتخابات العام المقبل ستتأثر نتائجها كثيرا في حالة الاقتصاد الأميركي حينها بما يدفع الرئيس إلى المطالبة بخفض أكبر وأسرع لأسعار الفائدة، ولكن الفيدرالي الأميركي يعتقد بأن وضع الاقتصاد الأميركي مطمئن في حدود الإجراءات التي يتخذها.
ومن مؤشرات ارتفاع حالة عدم اليقين حول أداء الاقتصاد العالمي قيام الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة 9 مرات منذ 16/12/2015 وحتى 19/12/2018، ثم ثباتها على مدى 7 اشهر في 2019، ليتبع ذلك ثلاث تخفيضات في الاشهر الـ 3 التالية.
وحتى إجراء الخفض الأخير لسعر الفائدة الأساس على الدولار الأميركي، خالف بنك الكويت المركزي حركة سعر الفائدة على الدولار الأميركي 7 مرات من أصل 11 تغيير منذ 16/12/2015، رغم الضغوط السلبية القوية على جاذبية وتوطين الدينار الكويتي.
وبعد تقلص الهامش في سعر الفائدة على الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياته وعند نصف نقطة مئوية حتى 19/12/2018، ارتفع ذلك الهامش إلى نقطة مئوية كاملة بعد تخفيضين للفيدرالي آخرهما في 18/9/2019 بما دعم جاذبية الدينار الكويتي، وعليه تبع بنك الكويت المركزي الخفض الأخير على سعر الفائدة الأساس وخفض سعر الخصم على الدينار الكويتي من 3% إلى 2.75%، ليبقى الهامش لصالح الدينار الكويتي ثابتا عند نقطة مئوية كاملة، وتوطين الدينار الكويتي هدف أساسي لبنك الكويت المركزي نتيجة ضعف تأثير أداة سعر الفائدة في حركة نمو الاقتصاد المحلي أو في كبح التضخم، لأن علاقة النمو أو التضخم بالائتمان المصرفي ضعيفة.
ويحسب لبنك الكويت المركزي أن اتخذ قرارات صعبة حين خالف اتجاهات الفائدة على الدولار الأميركي خلافا لمعظم البنوك المركزية في الإقليم، واستخدم وسائل وأدوات أخرى للحفاظ على جاذبية الدينار الكويتي، وثبت فيما بعد صوابها.
ومع توقعات سلبية حول نمو الاقتصاد العالمي، يذهب بعضها إلى ترجيح حدوث كساد أسوة بأزمتي عام 1929 وعام 2008 وإن كنا لسنا مع مثل تلك التوقعات، يبقى من المرجح أن يستمر الفيدرالي الأميركي بخفض سعر الفائدة الأساس، ومعه بنك الكويت المركزي في حدود الاحتفاظ بهامش الـ 1% بين فائدة العملتين.
سياسات الاستدامة الاقتصادية.. لم يتحقق منها شيء
قال تقرير الشال ان الإدارة المركزية للإحصاء نشرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة للربع الثاني من 2019، وتكمن أهمية قراءة تلك الأرقام في بعدين، الأول متابعة تطورها، بمعنى نموها، أي توسع الاقتصاد أو انكماشه، والثاني قراءة التطور ضمن مكونات ذلك الناتج لرؤية مناحي القوة أو الضعف فيها، ولعل الأهم متابعة أثر السياسات العامة في إصلاح اختلالاته الهيكلية.
تلك الأرقام بالأسعار الثابتة - النمو الحقيقي - تقدر بأن نموا موجبا بحدود 0.4% قد تحقق بين الربع الثاني لعام 2018، والربع الثاني لعام 2019، بينما ما تحقق كان نموا سالبا وبحدود -1.3% بين الربع الأول والربع الثاني من العام الحالي بسبب انكماش القطاعات غير النفطية بنحو -2.6%.
والنمو الموجب بين الربع الثاني لعام 2018 والربع الثاني لعام 2019، جاء في معظمه من تفوق نمو القطاعات غير النفطية التي حققت توسعا بنحو 1.4%، بينما انخفض معدل النمو العام إلى 0.4% كما ذكرنا بسبب سلبية مساهمة قطاع النفط في ذلك النمو والذي حقق انكماشا بنحو -0.4%. وما لا يبدو صحيا، هو أن سياسات الاستدامة الاقتصادية - تنويع مصادر الدخل - المعلن عنها في كل خطط التنمية وفي كل بيانات الحكومة، لم يتحقق منها شيء، والواقع أن الخلل الهيكلي الإنتاجي، ومؤشره هيمنة قطاع النفط على مكونات الناتج المحلي الإجمالي، مستمر كما لاحظنا من أثره الطاغي في الأرقام المنشورة حديثا.
فمساهمة قطاع النفط بالأسعار الثابتة ما زالت أعلى من نصف حجم الناتج الإجمالي، فقد كانت بحدود 54.1% في الربع الثاني من عام 2018، وأصبحت 53.7% في الربع الثاني من عام 2019، أي ان مساهمة كل القطاعات الأخرى في الربع الثاني من عام 2019 بلغت 46.3%، وهي مساهمة غير مستدامة وإنما مدعومة بشدة من قطاع النفط.
ولم تتخط مساهمة أي من القطاعات الأخرى مستوى 11%، ما يعني أن البلد بلا هوية تنموية، وأقربها إلى بلوغ نسبة 11%، كان قطاع الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي، ومساهمته بحدود 10.9%، ولا علاقة له بأي نهج تنموي.