قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن الأسواق المالية شهدت اداء قويا في شهر نوفمبر الماضي، إذ ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية بنسبة تراوحت ما بين 3-5% وتعافت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات في اعقاب فصل الصيف حول مستوى 1.8%.
وعلى الرغم من التقلب في التقدم المحرز من «المرحلة الأولى» من اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والصين، والتي أصابها الجمود في أوائل ديسمبر، إلا أن حالة التشاؤم حيال توقعات النمو تراجعت في ظل المؤشرات الإيجابية، بصفة عامة، على صعيد المسوحات الاستقصائية للأنشطة الاقتصادية ورفع توقعات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي في الربع الثالث من العام الحالي بالإضافة إلى الأنباء التي أشارت إلى تجنب ألمانيا الدخول في حالة من الركود.
كما ارتفعت أسعار مزيج خام برنت متخطية حاجز 60 دولارا للبرميل على الرغم من استمرار المعنويات السلبية، إلى حد ما، على خلفية ضعف المقومات الرئيسية لآفاق النمو مع الاقتراب من بداية 2020، هذا بالإضافة إلى حالة عدم اليقين تجاه سياسات مجموعة الأوپيك وحلفائها.
تراجع حالة التشاؤم
واضاف التقرير ان التقدير الثاني للناتج المحلي الإجمالي الأميركي للربع الثالث من 2019 شهد ارتفاع معدل النمو إلى 2.1% سنويا مقابل 1.9% سابقا. وأدى ذلك إلى رفع معدل النمو فوق نسبة 2.0% المسجلة في الربع الثاني، مما ساهم في الحد من المخاوف المتعلقة بالتباطؤ. أما على صعيد نمو الإنفاق الاستهلاكي ـ الذي يمثل حوالي 70% من حجم الاقتصاد ـ فقد استقر عند مستوى جيد بلغت نسبته 2.9% في حين سجل الاستثمار الخاص انخفاضا هامشيا، أقل بكثير مما كان متوقعا، بنسبة 0.1% (-1.5% سابقا) بفضل بناء المراكز في الأسهم الأميركية.
وتشير التقديرات الآنية للربع الرابع إلى تباطؤ النمو إلى نطاق يتراوح ما بين 0.8% و1.5% ليصل بذلك معدل النمو للعام 2019 إلى مستوى 2.3% ـ فيما يعتبر أداء جيدا في ظل الحرب التجارية مع الصين، وارتفاع أسعار الفائدة مقابل مستويات نفس الفترة من العام الماضي وتلاشي تأثير سياسات التحفيز المالي ونضوج الدورة الاقتصادية.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه تباطؤ معدل النمو إلى أقل من 2% في العام 2020، يبدو أن مخاوف الركود قد تراجعت في ظل استمرار مرونة سوق العمل إذ تخطى نمو الوظائف في نوفمبر التوقعات بشكل كبير ليبلغ 266000 وظيفة في نوفمبر، إضافة إلى ظهور بعض علامات الانتعاش في قطاعي الإسكان والصناعات التحويلية، اللذين اتسما بأداء ضعيف في السابق وكذلك خفض أسعار الفائدة مؤخرا وتراجع المخاطر الخارجية.
أداء اقتصاد الخليج
واشار التقرير الى أن البيانات تواصل رسم صورة متباينة إلى حد ما للأداء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي.
إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي في دبي نموا 2.1% على أساس سنوي في النصف الأول من 2019 بدعم من نمو تجارة الجملة والتجزئة وقطاع النقل بالإضافة إلى تزايد النشاط العقاري.
إلا أن نمو ائتمان القطاع الخاص في الإمارات تراجع 0.8% على أساس سنوي في أكتوبر (2.6% في سبتمبر) وظل معدل التضخم في المنطقة السلبية (2.8% على أساس سنوي) على خلفية استمرار تراجع الإيجارات السكنية.
كما قامت الإمارات بتوسيع نطاق الضريبة الانتقائية بدءا من ديسمبر لتشمل المشروبات المحلاة والسجائر الإلكترونية.
في ذات الوقت، تحسنت أوضاع المالية العامة في سلطنة عمان والبحرين منذ بداية 2019 حتى تاريخه، حيث تقلص عجز الميزانية العمانية (لمدة 10 أشهر حتى أكتوبر) بنسبة 19% ليصل إلى 1.5 مليار ريال أو بما يمثل 7% من الناتج المحلي الإجمالي المعدل على خلفية تراجع النفقات.
أما في البحرين، تتوقع السلطات تقليص عجز الموازنة من نسبة 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018 إلى 4.7% و3.9% في 2019 و2020 على التوالي بفضل جهود ضبط أوضاع المالية العامة.
وقد أدى التقدم الذي أحرزته البحرين على هذا الصعيد إلى قيام ستاندرد أند بورز برفع النظرة المستقبلية لتصنيفها الائتماني (من مستقر إلى إيجابي).
وأخيرا تتوقع أرامكو السعودية، على الرغم من التراجع عن خطط إدراج الاكتتاب العام الأولي خارج البلاد، أن تجمع ما بين 24 و25 مليار دولار من مستثمري التجزئة والمستثمرين الإقليميين.
وتشير بعض التقارير عن قيام الإمارات والكويت باستثمار 1.5 مليار دولار و1 مليار دولار، على التوالي في شركة النفط الكبرى.
ألمانيا تتجنب الركود
أوضح التقرير ان الاقتصاد الألماني تمكن من تسجيل نمو 0.1%، على أساس ربع سنوي، في الربع الثالث من 2019، متجنبا الدخول في حالة من الركود الفني بهامش ضئيل بعد تقلصه في الربع الثاني وتراجُع أدائه بشكل طفيف بالمقارنة بالأداء الاقتصادي لمنطقة اليورو بصفة عامة (0.2%).
وساهم كل من النمو القوي في الإنفاق الاستهلاكي (+ 0.4%) والاستهلاك الحكومي (+ 0.8%) في تعويض انخفاض الاستثمار (-3.5%)، وذلك على الرغم من تمكن الصادرات من الانتعاش (+ 1.0%) بعد التراجع الكبير الذي سجلته في الربع الثاني.
وبالرغم من استفادة الاقتصاد المحلي من انخفاض معدل البطالة (على الرغم من انخفاض مبيعات التجزئة بنسبة 1.9% على أساس شهري في أكتوبر) وإشارة الاستطلاعات لتحسن معنويات الأعمال التجارية بما في ذلك الصناعات التحويلية مؤخرا، إلا أن هناك بعض الشكوك حول مدى قوة أي انتعاش تشهده تلك العوامل.
تعثر نمو الاقتصاد الياباني
ذكر تقرير «الوطني» أن النمو الاقتصادي في اليابان أصيب بحالة من الجمود في الربع الثالث من العام، حيث بلغ معدل النمو السنوي 0.2% مقابل 1.8% في الربع الثاني من 2019 حيث أثر الضعف المستمر في القطاع الخارجي على الاقتصاد.
وفي واقع الأمر، أظهرت أحدث البيانات انخفاض الصادرات اليابانية للشهر الحادي عشر على التوالي في أكتوبر 9.2% على أساس سنوي ـ فيما يعد أكبر انخفاض تسجله منذ 3 أعوام.
وعلى صعيد الواردات، لم تشهد أي تحسن هي الأخرى إذ انخفضت 14.8% بما يعكس استمرار ضعف الطلب المحلي.
ويرجح استمرار مواجهة الاقتصاد الياباني للضغوط خلال الربع الرابع من 2019 إلى تفاقم آثار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب استمرار التأثير السلبي الناتج عن زيادة ضريبة المبيعات في أكتوبر بما قد يضع عقبة إضافية أمام الاستهلاك المحلي.