قال تقرير المركز المالي الكويتي (المركز) أن الكويت برزت كأفضل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي أداء في 2019، بمكاسب 23.7%. ويعزى ذلك الأداء القوي إلى الإصلاحات التي جرى تنفيذها في أسواق المال، وإدراج السوق في مؤشر ستاندرد آند بورز، وكذلك قرب إدراجه الرسمي في مؤشر مورغان ستانلي العالمي للأسواق الناشئة. كما ساعد قرار رفع سقف الملكية الأجنبية في رؤوس أموال البنوك الكويتية في جذب المزيد من التدفقات المالية.
وشهدت أرباح الشركات نموا معتدلا نسبته 1% خلال الأشهر الـ 9 الأولى من 2019، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك تأثرا بأداء قطاع الخدمات المالية وشركات الاستثمار وشركات التأمين والأدوات المالية غير المصرفية. وحقق القطاع المصرفي وقطاع الاتصالات أداء قويا نسبيا. ومن بين أسهم الشركات القيادية في السوق، حقق سهم بيت التمويل الكويتي أعلى المكاسب بنسبة 45.8%. وساعد في هذا الأداء تقدم مفاوضات الدمج مع البنك الأهلي المتحد، الذي من المتوقع أن يزيد من أرباح بيت التمويل الكويتي بشكل كبير ويعزز من نمو معدل الأرباح الذي بلغ 12.7% للتسعة أشهر المنتهية في سبتمبر 2019.
وعند المقارنة ببقية دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الكويت تتمتع بفائض مالي كبير. ومع ذلك، من المتوقع أن يتراجع هذا الفائض خلال عام 2020. ومن المتوقع أيضا أن تؤثر التحويلات إلى صندوق الأجيال القادمة وبنود الدعم سلبا في الموازنة العامة.
وأضاف التقرير أن توقعات أداء معظم أسواق دول مجلس التعاون الخليجي للعام 2020 مستقرة بالرغم من التقلبات في المنطقة والأسواق العالمية.
وأشار التقرير الى أن العوامل التي أثرت في الاقتصاد الخليجي خلال 2019 تتمثل في تراجع متوسط سعر النفط عند مستويات أقل مما كان عليه في 2018، بالإضافة إلى المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وترقب نتائج الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وقرب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخفض أسعار الفائدة من قبل معظم البنوك المركزية، يضاف إلى ذلك تراجع أداء قطاع العقارات وقطاع أسواق السلع الأساسية، بينما تأثرت الأسواق الخليجية إيجابيا باستمرار منظمة أوپيك وحلفائها في تطبيق سياسة خفض إنتاج النفط وتبني عدد من الأسواق المالية إصلاحات تنظيمية، والأهم كان إدراج بعض الأسواق الخليجية في مؤشرات عالمية. وكانت بداية 2019 إيجابية لكل من الكويت والإمارات ومستقرة لسوقي السعودية وقطر، وباستثناء أسواق الإمارات، جاء أداء الأسواق الخليجية الأخرى متماشيا مع التوقعات.
وتوقع تقرير «المركز» أن تبقى أسعار النفط في عام 2020 عند مستويات العام 2019، أي في حدود 61 إلى 65 دولارا للبرميل، على الرغم من التقلبات الجيوسياسية، كما توقع تحسن مستويات أرباح الشركات نسبيا، وأن يساعد توسع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في سياسات الإنفاق في نمو القطاعات الاقتصادية غير النفطية، بينما تبدو الظروف الاقتصادية العالمية مواتية. وبالنظر إلى تواضع التوقعات بشأن أسعار النفط وفي ظل خطط الإنفاق المقترحة، فمن المتوقع أن تتعرض الموارد المالية الحكومية لضغوط.
السعودية.. مستقرة
شهد العام 2019 ارتفاع مؤشر «تداول» السعودي بنسبة 7.2%. وكان مؤشر قطاع الخدمات الاستهلاكية الأعلى تحقيقا للمكاسب بنسبة 34%. ويمثل الاكتتاب العام في أسهم شركة أرامكو وطرح أسهمها في السوق أهم أحداث العام في السوق السعودي. وبلغ تقييم الشركة 1.71 تريليون دولار، أي أقل من تريليوني دولار التي توقعتها حكومة المملكة. وجاء التقييم الأقل هذا على خلفية تراجع متوسط أسعار النفط مقارنة بالعام 2018، وكذلك نتيجة لمخاوف المستثمرين في أعقاب هجمات طائرات على منشآت النفط التابعة للشركة السعودية. ومع ذلك، فقد لامس السهم لفترة وجيزة تقييم 2 تريليون دولار المستهدف في ثاني أيام التداول.
وخلال الأشهر الـ 9 الأولى من 2019، سجلت أرباح الشركات تراجعا بنحو 24.1%. وسجل قطاع الاتصالات والقطاع المصرفي مكاسب معتدلة. ودعم حجم الأرباح في قطاع الاتصالات نموها. كما ساعد نمو سوق القروض في تحقيق البنوك لأرباح في ظل تراجع أسعار الفائدة. وعاد قطاع البناء للأداء القوي مرة أخرى بعد تراجع في 2018. بينما كانت الأرباح معتدلة في قطاعات السلع، والمرافق، والعقارات. ويعزى ضعفها في قطاع السلع إلى تباطؤ النمو العالمي وتراجع أسعار النفط. بينما تراجعت أرباح قطاع المرافق بسبب محدودية حجمها. وتأثر القطاع العقاري بانخفاض أسعار العقارات. وحقق سهم مصرف الراجحي أعلى العائدات بين الأسهم القيادية، بمكاسب نسبتها 14.8%، في حين شهدت سابك خسارة في قيمة سهمها نسبتها 19.4% خلال 2019.
وفيما يتعلق بالموازنة العامة للمملكة، فقد اتسع العجز، ومن المتوقع أن يتسع أكثر في موازنة العام 2020. ومع زيادة الإنفاق الحكومي بغية تحقيق أهداف الرؤية 2030، فمن شأن خفض إنتاج النفط أن يسهم في اتساع العجز على الرغم من زيادة الإيرادات مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة وغيرها من التدابير الاقتصادية.
دبي.. إيجابية
ارتفع مؤشر سوق دبي 9.3% في 2019. وجاء أداء مؤشر القطاع المصرفي وقطاع التأمين جيدا خلال العام، حيث ارتفع 27% و22% على التوالي على خلفية تحقيق بنوك وشركات القطاعين لأرباح لافتة، ونتيجة لارتفاع العرض وتراجع الأسعار وتقلص الأرباح، اختتم مؤشر القطاع العقاري العام سلبيا، بانخفاض 9.8%. ومن بين الأسهم القيادية، حقق سهم بنك الإمارات دبي الوطني مكاسب 52.3% مدعوما بأرباح قوية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2019. ودعم القطاع المصفي نمو الأرباح. ومن المتوقع أن يتعزز النمو الاقتصادي في الإمارة خلال 2020 بأداء قطاعي السياحة والضيافة اللذين سيستفيدان من إقامة معرض دبي إكسبو 2020. كما ينبغي أن تثمر جهود حكومة الإمارات ودائرة الأراضي والأملاك في دبي عن استقرار القطاع العقاري. ومن حيث نسبة السعر السوقي للأسهم إلى قيمتها الدفترية، تأتي النسبة في سوق دبي (0.9) أقل من نظيراتها في أسواق السعودية والكويت وقطر وأبوظبي، بما يجعل الأسهم أكثر جاذبية.
أبوظبي.. مستقرة
ارتفعت مكاسب سوق أبوظبي بنسبة طفيفة بلغت 3.3% للعام 2019. وقد ساعد ارتفاع حدود الملكية الأجنبية في تعزيز مكاسب الأسهم. وجاء سهم بنك أبوظبي الأول في صدارة مكاسب الأسهم القيادية بنسبة 7.5% مدعوما برفع حدود الملكية الأجنبية ونمو جيد في الأرباح. ومع ذلك، فقد تأثرت المكاسب بسبب عدم زيادة تمثيله في مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة بعد تخفيف قيود الملكية في رأس المال. وساعد قطاع السلع في زيادة أرباح سوق أبوظبي. إلا أنه من المتوقع أن تنمو أرباح الشركات بنسبة 4% في عام 2020 مع تقييمات معتدلة.
قطر.. مستقرة
سجل مؤشر سوق قطر مكاسب طفيفة نسبتها 1.23% في عام 2019. وكان قطاع السلع والخدمات الاستهلاكية الرابح الأكبر لهذا العام بمكاسب 26.6%، بينما ارتفعت مكاسب قطاع البنوك والخدمات المالية بنسبة 9.3% مدعومة بالنمو الجيد للأرباح. وكان القطاع العقاري الأكثر تراجعا بنسبة 30% مع تراجع أسعار العقارات وزيادة العرض.
وتراجعت أرباح الشركات القطرية بنسبة 6.6% للأشهر الـ 9 المنتهية في سبتمبر 2019. وسجلت شركات الاتصالات أعلى نمو في الأرباح بنسبة 18%، وذلك لكفاءة التكلفة وزيادة طفيفة في الإيرادات. وسجل قطاع الصناعات انخفاضا في الأرباح نسبته 47% نتيجة ضعف الطلب على منتجات البتروكيماويات والفولاذ. وحقق القطاع المصرفي نموا 6% على صعيد الأرباح. وبين الأسهم القيادية، كان سهم مسيعيد صاحب أعلى مكاسب بلغت 65.7%، في حين وصلت خسائر سهم صناعات قطر إلى 23.1% خلال عام 2019.
وتوقع تقرير «المركز» أن تسجل موازنة قطر العامة زيادة في الفائض المالي لعام 2020، بارتفاع الإيرادات عقب تطبيق ضريبة الاستهلاك على منتجات التبغ وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال. كما يتوقع لصادرات قطر الارتفاع مع بدء تشغيل منشأة برزان للغاز الطبيعي في العام 2020، بما يساعد في تحقيق فائض على الرغم من الانخفاض المتوقع في أسعار الطاقة.
أصول الدخل الثابت في دول الخليج.. واعدة
يرى تقرير «المركز» أن هدوء التوتر التجاري العالمي، وارتفاع مؤشرات النمو خلال 2020 والتضخم غير الضار، عوامل توفر الدعم الإيجابي لأصول الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي. وتبقى أسعار الفائدة، التي تواكب نظيرتها في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ثابتة في الوقت الراهن، وقد ترتفع بشكل هامشي في أسوأ الحالات. وفي بدايات العام 2020، تبدو التوقعات لفئة أصول الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي واعدة. كما أن العوائد المرتفعة، والعوائد المعدلة حسب المخاطر، وارتباط العملات بالدولار، وتحسن جودة الائتمان على خلفية أسعار النفط، جميعها عوامل داعمة لهذا السوق. ومن ناحية أخرى، من شأن ارتفاع أسعار النفط أن يعزز مناخ الرضا عن الإصلاحات الاقتصادية. ومن الواجب مراقبة تدابير الإدارة المالية الحكيمة في سلطنة عمان والبحرين.
وطرح التقرير مجموعة من التساؤلات المهمة لتواكب العام الجديد 2020. وبحث في الأسباب الكامنة وراء النمو اللافت في أغلب فئات الأصول العالمية خلال 2019، على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتصاعد وتيرة الحرب التجارية والمخاطر الجيوسياسية وتوقعات الركود المحتمل. وتناول «المركز» مدى قدرة البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على الاستمرار قبل أن تصبح السياسات النقدية غير فعالة. وما إذا كانت التطورات التقنية المتسارعة تعزز الإنتاجية بالفعل أم لا.