محمود عيسى
تناولت الصحافة الغربية ما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي من ان الثروات الخليجية البالغ قوامها 2 تريليون دولار قد تنضب بحلول عام 2034.
وفي هذا السياق، قالت مجلة فوربس ان دول الشرق الأوسط قد تنفق اموالها قبل وقت طويل من نفاد النفط في ضوء التوقعات بأن الطلب العالمي على النفط من المحتمل أن يصل إلى ذروته في 2040، رغم أنه قد يحدث في وقت أقرب بكثير إذا كان هناك جهد عالمي متضافر لمعالجة قضايا تغير المناخ وتحسينات أسرع في كفاءة استخدام الطاقة. وهذا يعني أن الساعة تدق لمصدري النفط في الخليج لإعادة التوازن بشكل أساسي إلى اقتصاداتهم. ومع ذلك، يقول صندوق النقد الدولي إنه بدون إصلاحات أكثر أهمية من تلك التي تم الإعلان عنها بالفعل، فإن الثروة المالية للسعودية والكويت والإمارات وغيرها قد تستنفد بحلول عام 2034.
وأضافت ان حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الست والتي تنتج مجتمعة أكثر من خمسة إمدادات النفط العالمية اطلقت خططا طموحة لتنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط والغاز. وقد يكون برنامج رؤية 2030 الذي اعلنته السعودية أكثر الجهود الخليجية بروزا، ولكن الدول الست الاخرى تسير على النهج ذاته.
وقالت الصحافة الغربية انه رغم هذه المبادرات، يظل النفط والغاز عنصرا رئيسيا لاقتصادات المنطقة وكان هناك تقدم محدود في تطوير أنشطة القطاع الخاص غير النفطي. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أنه حتى في حالة حدوث تقدم على هذا الصعيد، فإن الكثير من النشاط الاقتصادي غير النفطي يعتمد بشكل غير مباشر على الهيدروكربونات.
وأوضح التقرير أن دول الخليج تدرك مثل هذه القضايا وتقوم بتعديل ميزانياتها لمراعاة البيئة الصعبة التي تجد نفسها فيها، وبرغم ذلك فإن السرعة والحجم المتوقعين لهذه الاجراءات في معظم البلدان قد لا تكون كافية لتحقيق الاستقرار لثرواتها، محذرا من أن هذه التعديلات يجب تسريعها والتعامل معها على مدى فترة طويلة من الزمن.
كما يوصي الصندوق حكومات الخليج فضلا عن التنويع الاقتصادي بجمع المزيد من العائدات من الضرائب وخفض الإنفاق الحكومي. وقد تحتاج «الحكومات على الأرجح إلى تقليص حجمها».
وذكر الصندوق أن المنطقة يمكنها إما تحقيق الإصلاح الآن أو ترك المهمة للأجيال القادمة. وفي كلتا الحالتين، يجب أن يأتي التغيير في مرحلة ما، وبخلاف ذلك، فإن الاموال ستنضب فعلا.
«نيويورك تايمز»
من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز ان هذا الانذار الصارخ من الصندوق بأن الثروات المالية الخليجية ستنضب في غضون 15 عاما يأتي في الوقت الذي تخلفت فيه البحرين عن سداد قرض في 2018 وتلقت خطة إنقاذ بقيمة 10 مليارات دولار من جيرانها، مشيرة الى ان الدين العام لديها يبلغ 93% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت نيويورك تايمز انه حتى الكويت والسعودية ذات الاحتياطيات النفطية العملاقة تواجهان نفس المشاكل الاقتصادية المحتملة التي تواجه مجلس التعاون الخليجي بأكمله.
وقال التقرير «انه مع التحسينات المستمرة في تقنيات توفير الطاقة، والتوجه للطاقة الخضراء وسياسات تغير المناخ، يتوقع تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط ليبدأ في النهاية بالانخفاض خلال العقدين المقبلين، واذا تحققت هذه التوقعات، فإنها ستعيد تشكيل المشهد الاقتصادي للعديد من الدول المصدرة للنفط، بما فيها دول مجلس التعاون». ويمثل إنتاج النفط في دول الخليج 20% من الإمدادات العالمية، وفي حين لاتزال تكلفة الانتاج منخفضة بشكل لا يصدق، الا ان إنتاج النفط الصخري الاميركي يمثل تحديثا لهيمنة هذه الدول على اسعار النفط العالمية. وانتهى تقرير الصندوق الى التحذير من ان إجمالي الثروة المالية الصافية في منطقة الخليج والذي يقدر بنحو تريليوني دولار في الوقت الحالي سيصبح سلبيا بحلول 2034 حيث تصبح المنطقة مقترضة صافية بعد ان تستنفد الثروات المالية في غضون الأعوام الخمسة عشر المقبلة.
«بلومبيرغ»
من ناحية، اخرى استعرضت وكالة بلومبيرغ الاخبارية تداعيات تقرير الصندوق الذي دعا الى إصلاحات اقتصادية حاسمة، مشيرا الى ان أغنى دول الشرق الأوسط قد تستنفد ثروتها المالية الصافية بحلول عام 2034 لتصبح مدينا صافيا.
وقال رئيس فريق أخصائيي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وقسم الأبحاث في الصندوق جهاد آزور إنه خلال عقد آخر سيتم استنفاد الثروات غير النفطية، وبالتالي «يتعين على دول المنطقة التفكير مليا واستراتيجيا لأن سوق النفط يتغير هيكليا من ناحية الطلب والعرض».
وانتهت بلومبيرغ الى ان الكويت والسعودية والإمارات تمثل أكبر منتجي النفط الخليجيين، وتتفاوت المخاطر بين دولة وأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي التي تشمل أيضا قطر وعمان والبحرين.