- أصحاب المحلات غير المغلقة بقرار رسمي عليهم اللجوء للقضاء لتحديد تضررهم من الأزمة
- مستأجرو المحلات المغلقة معفون من سداد الأجرة خلال الغلق.. حتى إذا وصل الأمر للقضاء
إعداد: مصطفى صالح
في ضوء التداعيات المتسارعة لانتشار فيروس كورونا المستجد، وانعكاساتها الاقتصادية السلبية على جميع شرائح المجتمع الكويتي، تنشر «الأنباء» دراسة قانونية خاصة أعدها مكتب «الغنيم والحميضي للمحاماة»، تتضمن الرأي القانوني بشأن آثار تداعيات انتشار الفيروس والقرارات الصادرة من الحكومة للحد من انتشاره، على استيفاء الإيجار من المستأجرين في الكويت.
وتأتي هذه الدراسة في ضوء ما قامت به الكويت من اتخاذ إجراءات احترازية سباقة على مستوى العالم، انطلاقا من الحرص على حماية صحة المواطنين والمقيمين، وضمان سلامة الصحة العامة بالمجتمع، حيث شملت تلك الإجراءات إغلاق بعض الأنشطة كالنوادي الصحية والصالونات وإغلاق الأسواق المركزية والمحلات التجارية، فيما عدا تلك التي تمارس نشاط البيع والتجارة في المواد الغذائية، بالاضافة الى القرارات الصحية وفرض حظر تجوال جزئي بالبلاد، والذي أثر على أعمال الشركات غير المشمولة بقرار الغلق.
وبالتأكيد ان لكل تلك الأنشطة والشركات علاقات تعاقدية تأثرت بالظروف الراهنة، ومن تلك العلاقات عقود المنفعة مثل عقود الإيجار، وهو الأمر الذي تسبب في إثارة بعض التساؤلات لدى قطاع كبير من المهتمين فيما يخص مدى استحقاق الأجرة خلال تلك الفترة، وهو الأمر الذي سنتناوله في هذه الدراسة:
أولا: المحلات غير المغلقة
مستأجرو المحلات والمكاتب غير المشمولة بقرار الغلق، كالتي تمارس نشاط البيع والتجارة في المواد الغذائية والمطاعم والصيدليـــــات والبقالات وكذلك الأعين المستأجرة بغرض التخزين والمكاتب بغرض إدارة الشركات او لممارسة بعض المهن وغيرها، وكذلك مستأجرو الوحدات بغرض السكن، وإن كان البعض منهم قد تأثرت أعماله نتيجة تداعيات آثار انتشار فيروس كورونا المستجد والقرارات الرسمية الصادرة للحد من انتشاره، غير انه مادام المؤجر (المالك) قد وضع المأجور تحت تصرفهم في حالة صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة، ولم يصدر قرار من السلطة بالانتقاص من تلك المنفعة فإن الأجرة تكون واجبة لانتفاء الحائل بين المستأجرين وانتفاعهم بالعين المستأجرة.
أما بشأن ما يثيره البعض من أن ما تمر به البلاد بسبب انتشار ذلك الفيروس تعتبر ظرفا استثنائيا غير متوقع تسبب في التأثير على أعمال بعض تلك المحال آنفة الذكر وإصابتها بخسارة، وهو ما يجعل تنفيذ التزامهم بسدد الأجرة أمرا مرهقا على مستأجري تلك المحلات، فإن تلك المسألة وحسب أحكام القانون وما استقر عليه قضاء محكمة التمييز تدخل في نطاق سلطة القضاء، لذا فإنه لا يمكن افتراض انطباقها على كل عقود تلك الأعين المستأجرة آنفة الذكر.
غير اننا نرى وإن كان الأصل انه اذا لم يف المستأجر بالأجرة في تاريخ استحقاقها المتفق عليه كتابة او تاريخ الاستحقاق المقرر قانونا ومضت 20 يوما ولم يقم في غضونها بالوفاء او الإيداع، فإنه يكون قد أخل بأهم التزاماته إخلالا يكفي لحرمانه من ميزة الامتداد القانوني، ويحق للمؤجر ان يطلب الحكم عليه بالإخلاء، إلا انه في ظل الظروف الراهنة فإنه في حال تخلف المستأجر عن السداد وتم اللجوء للقضاء من قبل المؤجر (المالك) بطلب الحكم بإخلائه، فللمستأجر في هذه الحالة إن استقام وضعه المالي ان يسدد الأجرة المتأخرة المستحقة قبل قفل باب المرافعة وحجز المحكمة الدعوى للحكم.
وهنا أجاز القانون للقاضي الحكم باعتبار دعوى الإخلاء كأنها لم تكن، شريطة ان يثبت المستأجر ان تأخره في الوفاء كان راجعا الى عذر قوي تقبله المحكمة (والعذر هنا هو التداعيات التي ألمت بالبلاد نتيجة إجراءات الوقاية من انتشار فيروس كورونا)، ومن المهم بمكان ان نشير الى ان القانون لم يوجب في هذه الحالة على المحكمة ان تحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن بل أجازه قاصده وفق ما ذهبت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات إطلاق حرية القاضي في تقدير الموقف، ومن مقتضى هذا انه يجوز الحكم بالإخلاء رغم الوفاء المتأخر إذا وجد القاضي مبررا لذلك كأن يتضح له ان المستأجر دأب قبل هذه المرة على التأخير في دفع الأجرة.
ثانيا: المحلات المغلقة بقرار رسمي
المقرر قانونا وفقها ان الأجرة تكون مقابل الانتفاع بالمأجور وتستحق باستيفاء المنفعة او بإمكان استيفائها، فإن زالت المنفعة او اختلت سقطت الأجرة او انقضت، كما ان المقرر وعلى ما جرى عليه نص المادة 581 من القانون المدني: «انه اذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة في حدود القانون نقص كبير في انتفاع المستأجر جاز له ان يطلب فسخ العقد او إنقاص الأجرة، ما لم يكن عمل السلطة لسبب يعزى إليه».
ومؤدى ذلك ان الأعمال الصادرة من السلطات العامة ومثلها القرارات الصادرة من جهة الإدارة والتي يترتب عليها حرمان المستأجر من انتفاعه بالمأجور او الإخلال بالانتفاع به، تعتبر من قبيل القوة القاهرة التي لا يكون المؤجر ملتزما بضمانها، ولكنه يتحمل تبعتها فيكون المستأجر تبعا لجسامة الإخلال بالانتفاع ان يطلب فسخ عقد الإيجار او إنقاص الأجرة، ولكن بشرط ألا يكون عمل السلطة ناجما عن عمل يعزى الى المستأجر وأن يكون هناك نقص كبير بالانتفاع.
وبناء على ما سبق فإن القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء بدءا من تاريخ 12/3/2020 بإغلاق مؤقت للمحلات التجارية ومراكز التسوق والأسواق العامة باستثناء منافذ البيع التموينية والغذائي، وكذلك بإغلاق بعض الأنشطة كالصالونات النسائية والرجالية والنوادي الصحية والرياضية ومراكز وصالات الترفيه والتسلية ولعب الأطفال، تعد قوة قاهرة تحرم هؤلاء المستأجرين من الانتفاع بالعين خلال فترة الغلق التي فرضتها الدولة.
ولما كانت الأجرة مستحقة مقابل الانتفاع بالمأجور وتستحق باستيفاء المنفعة او بإمكان استيفائها فإن زالت المنفعة او اختلت سقطت الأجرة او انقضت، ومن ثم فإنه وإن كان المؤجرون غير ملزمين بإصدار قرار بإعفاء مستأجري الأعين محل هذا البند من سداد قيمة الأجرة، إلا ان المرجح في حال عرض الأمر على القضاء ان يقضى بسقوط التزام هؤلاء المستأجرين من سداد الأجرة خلال فترة إغلاق تلك الأعين بناء على القرارات الصادرة من السلطة.