- تعافي أي اقتصاد وعودته من جديد يعتمد على الدعم والتسهيلات التي تقدمها الحكومات
- يجب على الكويت أن تتحرك لدعم قطاعات الأعمال الرئيسية والمؤسسات التي تُوظِّف الكويتيين
- على الدولة إنشاء مشاريع بشراكات إستراتيجية مع شركات عملاقة كحاضنات لدعم المشاريع الصغيرة
طارق عرابي
أكد عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، د.سعد البراك أن قطاعات اقتصادية عديدة وقعت ضحية لأزمة كورونا، على رأسها المولات التجارية وقطاع التجزئة، والقطاع السياحي واللوجستي، وقطاع الطيران.
وأضاف البراك خلال الحوار الالكتروني المفتوح الذي استضافه المحامي أحمد البديح عبر «الانستغرام» مساء أمس، أن الأزمات الاقتصادية عندما تقع تكون بمنزلة زلزال يختبر المنطقة، إذ عادة ما تتسبب هذه الأزمات في سقوط الشركات والمؤسسات الضعيفة، وثبات الشركات الراسخة والقوية والتي يعتمد استمرارها على ملاءتها المالية.
وأشار البراك إلى أن تعافي أي اقتصاد وعودته من جديد إنما يعتمد على الدعم والتسهيلات التي تقدمها حكومات الدول، لافتا في هذا الصدد الى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي التي عادة ما تكون ضحية لأي أزمة تقع لأنها لا تمتلك احتياطيات مالية تساعدها على الاستمرار لمدة 6 أشهر، لذلك نجد أن دول العالم المتحضرة سعت وبسرعة شديدة لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة ومنح التسهيلات والمنح اللازمة لها، على غرار ما قامت به الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية منذ الأيام الأولى لأزمة كورونا، خاصة أن هذه الشركات هي «ماكينة» نمو وتطور أي اقتصاد بالعالم.
الصندوق الوطني
ولفت البراك والذي يشغل منصب نائب رئيس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى أن صندوق المشروعات الصغيرة في الكويت التفت الى هذه الشريحة الهامة، فقام باتخاذ عدد من الإجراءات التي تمثلت بتأجيل الاقساط والدفعات المستحقة عليهم، وذلك لحين صدور الحزمة الاقتصادية المنتظرة في هذا الشأن.
وشدد على ضرورة أن تتحرك الكويت لدعم قطاعات الاعمال الرئيسية ومؤسسات الاعمال التي توظف الكويتيين، مع الإسراع في دعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن طريق حزم اقتصادية داعمة لفترة لا تقل عن 6 أشهر لتغطية المصاريف الثابتة من رواتب وإيجارات ومستلزمات أخرى، حتى لا تسقط سقوطا لا يمكنها أن تنهض بعده.
وأشار الى أن دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ليس من اختصاص الصندوق الوطني، فالصندوق يتعامل مع الأوضاع الطبيعية وليس مع الأزمات، فالأزمة تتعامل معها الدولة التي عليها دعم الصندوق من خلال ميزانية خاصة للأزمات وليس من خلال قروض تمنحها البنوك للمبادرين، فالشركات الصغيرة بحاجة «لضخ الدم» وليست بحاجة «للعروق»، فالعروق وحدها لن تفيد في إنعاش هذه الشركات، وإنما تحتاج للدم الذي يسري في هذه العروق.
شراكات إستراتيجية
على ذات الصعيد، دعا البراك الى ضرورة أن تقوم الدولة بإنشاء مشاريع استراتيجية وبشراكات استراتيجية مع شركات عملاقة، لتكون بمنزلة حاضنات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تدريبا وتأهيلا وتخطيطا ماليا بحيث تجعلها قادرة على الاقتراض بسهولة وجعل تركيبتها تركيبة متكاملة.
تجارب عالمية
وحول رأيه في كيفية عودة الحياة الى طبيعتها في الكويت من جديد، رأى البراك أنه يمكن الاسترشاد بتجارب الدول المتقدمة في التعامل مع أزمة كورونا من الناحية الاقتصادية، حيث رأينا كيف فتحت دول العالم أسواقها وعلى رأسها أميركا التي تعتبر من اكبر ضحايا هذا الفيروس عالميا، وكذلك الحال بالنسبة لدول أخرى مثل بريطانيا والسويد وكوريا وسنغافورة، لإيمانها بأن الفيروسات وجدت لتعيش بدليل فيروسات الانفلونزا وسارس وأيبولا وغيرها.
وقال إن الأزمة الحالية تحتاج الى قرارات وليس دراسات، فالدراسات التي تتحدث عن تجارب وإجراءات ناجحة موجودة من حولنا بكثرة ونشرت وبكثافة عبر كل المواقع الطبية والإخبارية العالمية، وبالتالي يمكن للكويت الاستفادة من هذه الدراسات والبدء في فتح الاقتصاد من جديد بعد الحصول على العقارات والأدوية التي أثبتت فاعليتها في الوقاية من فيروس كورونا.
حلّ اللجنة التحفيزية.. ليس تحفيزياً!
قال د.سعد البراك إن لجنة التحفيز الاقتصادي التي تم تشكيلها مؤخرا ليست ذات طبيعة تحفيز اقتصادي، فالبنك المركزي يختص بالسياسة النقدية والملاءة المصرفية، لذلك لم يكن الحل الذي طرحته اللجنة حلا تحفيزيا وان كانت اللجنة تراه كذلك.
وأضاف أنه بالنظر الى التجربة الأميركية، نرى أن أميركا أقرت منذ الأسبوع الأول للأزمة صندوقا للمشاريع الصغيرة برأسمال 50 مليار دولار، وكان صرف هذا المبلغ خلال أسبوعين من بداية الأزمة.
لا معلومات اقتصادية تفصيلية
اكد البراك أن الكويت لا تمتلك معلومات اقتصادية تفصيلية عن شركات الاقتصاد الصغير والتي تضم (المشاريع الصغيرة وشركات الفرد الواحد..وغيرها) الأمر الذي يجعلها غير قادرة على إصدار أي قرار يتعلق بها، مشددا على ضرورة ان تقوم الدولة بمبادرة لجمع كل المعلومات المتعلقة بهذه الشركات بشكل دوري ومنتظم، لأن ذلك سيساعدها على دعم هذه الشركات في حال وقوع أي أزمة من هذا النوع.
سعر النفط لن يتأثر بـ «كورونا»
قال البراك إن سعر النفط لن يتأثر بفيروس كورونا، فالذي يحدد أسعار النفط هو الطلب على الطاقة في العالم، متوقعا أن ترتفع أسعار النفط بعد كورونا بعد عودة تشغيل الطائرات والقطارات والسيارات.
في المقابل، أكد البراك أن الطاقة البديلة قد يكون تأثيرها أكبر على أسعار النفط في المستقبل القريب، خاصة في ظل توجه الدول الصناعية الكبرى الى الاعتماد على الطاقة الشمسية والكهربائية وغيرها كبديل للنفط الذي مضى زمنه الذهبي.
هكذا يكون تكويت الوظائف
أكد البراك أن تكويت الوظائف يجب أن يتم عن طريق صناعة وظائف وصناعة بيئة توظيفية عالية الجودة للشباب الكويتي، والعمل على تأهيلهم لتسلم كل وظيفة مطلوبة بالبلاد، وليس مجرد التكويت لأجل التكويت فقط.
خطة 2035 ومدينة الحرير
أكد البراك أن خطة كويت 2035 تدعو الى تحول كبير في الاقتصاد الكويتي خلال الـ 15 سنة قادمة، مشيرا الى أن المحور الرئيسي لهذه الخطة سيكون «منطقة الشمال الاقتصادية»، حيث تستطيع الدولة تحويل مواردها وقدراتها وطاقاتها وأصولها الاستثمارية المختلفة بدلا من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد.
وأضاف أن الكويت تمتلك 5 جزر لم تُستغل حتى الآن، مشيرا الى أن هذه الجزر عبارة عن أصول «جيو استراتيجية» تمثل رؤية كويت 2035 ومنطقة الشمال الاقتصادية، بحيث يمكن أن تصبح كمركز مالي وخدمي ولوجستي على طريق الحرير، كممرات استراتيجيـــة والصناعــات المرتبطـة في هذا المجال.