انطلق مهرجان أفلام السعودية في دورته السادسة الثلاثاء الماضي افتراضيا عبر قناته في اليوتيوب، مستمرا البث 24 ساعة طيلة أيامه الستة القادمة.
استهل المهرجان الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون في الدمام بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بالظهران «إثراء»، وبدعم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة بتقديم الفنان عبدالمجيد الكناني للبرنامج وكلمة لمدير المهرجان أحمد الملا الذي قال: أثق أن صناع الأفلام السعوديين، صقلتهم عزلتهم بالمزيد من المعرفة والبحث والمشاهدة والاشتغال على مشاريع تتشكل ليتفتح وردها في وقت قريب، وهذه الدورة السادسة وإن وصفت بأنها استثنائية، فإننا ننحاز للإيجابي من هذا الوصف، حيث تتعدد وتتنوع البرامج مع ما تستفيده من التقنية الحديثة، لتتواصل مع العالم كله.
وأضاف: ليكن الفن مناهضا للعزلة بكل أشكالها، ليكن الفن ضد الكراهية، ومع الحب، الفن هو الجسر المتصل دوما تجاه الآخر، لربما جاءت هذه الجائحة «كوفيد ـ 19» لتنبه الإنسان على إعادة اعتباره للطبيعة وسلوكه في الحياة، ولربما يستفيد الفنان من استثمار شغفه في الابتكار والتجديد بأقصى ما لديه من حرية الفنان.
بعد ذلك، عرضت المجموعة الأولى للأفلام وهي «ومتى أنام؟ سلام كاكا، تعايش، تذكرني، القرية، انعكاس»، والمجموعة الثانية «مرتحل، نفس، الدائرة الحمراء، عشت مرة، مختار»، تلا كل مجموعة نقاش مع المخرجين واستقبال أسئلة الجمهور من خلال هاشتاق المهرجان.
وفي واحدة من الانشطة التي أطلقها المهرجان، يجيء مقهى صناع الأفلام في قالب صوتي وعلى شكل حلقات للاحتفاء بالتجارب المختلفة في ميدان الإنتاج السينمائي وذلك لاستعادة حميمية الرفقة التي يحظى بها صناع الأفلام كل عام تحت مظلة المهرجان، حيث استضاف الكاتب والمخرج محمد السلمان عبر الأثير مجموعة من صناع الأفلام، ليستعرض زاوية جديدة للأدوار التي يقومون بها على حدة، أو يتقاطعون في أدائها وتتابعها خلال مسار الصناعة السينمائية، وكيف يؤثر دور كل واحد منهم في عمل الآخر، وفي الصورة النهائية للعمل الفني.
فالحلقة الأولى جاءت بعنوان «ورق الصورة» وهي حلقة في تجارب كتابة السيناريو، إذن ما نسميه «الورق» هو نقطة الأساس التي تنهض منها عوالم جديدة، هذه الحلقة وجدت لتكون في صحبة الكاتب أو المخرج الكاتب في لحظة انتقاء الفكرة لبدء الكتابة عنها أو في دهشته أثناء تطوير شخوصها ورسم حبكتها أو زيارتها على الورق.
وقال المخرج محمد الهليل في هذا الصدد «غالبا أعيش داخل أفكار متعددة، ولكن فكرة واحدة تجبرني على العودة، هذه الفكرة تبدأ من شيء صغير مختلف ثم تتطور مع الوقت».
أما المخرجة والكاتبة هناء العمير فقالت: عندما تعمل على نص سينمائي فإنها تأخذه على مهل «السيناريو يأخذ مني عدة مراحل، تبدأ بالفكرة، ثم بالشخصية الرئيسية، أعيش مع الشخصيات، أتخيل عالمها، ثم أكتب القصة، وأدرس ملامحها حتى تكبر ويصير لها منطقها الخاص، ثم أجلس للتفرج عليها».
من جهته، قال الكاتب مفرج المجفل «ثمة أعمال كثيرة تعتمد على فكرة جميلة، تم تحويلها إلى سيناريو حوار بدون قصة في الوسط، القصة مهمة جدا، لأن إيجاد قصة محكمة هو الذي يمكنك من كتابة معالجة جيدة، وبالتالي يمكنك من كتابة سيناريو جيد وحوار جيد وتفاصيل كثيرة».
يقدم المهرجان ضمن حزمة برامجه المتخصصة ورشة عمل «تطوير السيناريو» ويشارك بها خمسة مخرجين وكتاب سيناريو، بخمسة سيناريوهات تم اختيارها من سيناريوهات الأفلام المشاركة في المهرجان سعيا إلى تطويرها لمستوى احترافي في الكتابة السينمائية، وقد بدأت منذ شهر تقريبا، من التوجيه والمرافقة واللقاءات الافتراضية المكثفة بين المدربين والمشاركين، تعقد لمدة ثلاث إلى أربع ساعات يوميا حتى اليوم الخامس للمهرجان، للصياغة النهائية للمشاريع المطورة والتي سيتم عرضها كمخرجات نهائية للورشة في لقاء خاص سيضم عددا من المنتجين وصناع الأفلام المهتمين.
وفي الندوات الحوارية، هنالك شغف لدى المشاهد السعودي، ويجب استغلال ذلك، والسينما بحاجة إلى عدد كبير من الأفلام وعدد أكبر من المنصات، ودور العرض، لكي يفهم المنتجون الجمهور واهتماماتهم، وهذا ما اتفق عليه المخرجون السعوديون المشاركون في ندوة «مستقبل الأفلام السعودية»، والتي أدارها افتراضيا المخرج بدر الحمود مستضيفا المخرجة والكاتبة هناء العمير، والمخرج والكاتب والمنتج علي السمين والمخرج والكاتب عبدالجليل الناصر.
وترى المخرجة والكاتبة هناء العمير أنه في صناعة الأفلام خطا الصناع خطوات للأمام، حيث أصبح هنالك عدد من الأفلام الطويلة، وزيادة ملحوظة في الأعمال السينمائية، التي عرض بعضها في السينما وبعضها الآخر على منصات العرض الإلكترونية، وما يحدث اليوم يسهل على دارس السوق أن يعرف الأفلام التي تعجب الجماهير والتي تحقق ربحا تجاريا.
ويتفق المخرج والكاتب والمنتج علي السمين في كون الجزء المادي جزءا مهما، إذ لا يمكن إنكار ذلك، والسينما بحاجة إلى الإنتاج، وبالأخص في هذه الفترة كما ونوعا، لأننا لا نعلم شيئا عن احتياج السوق ولا يمكن القياس على الأعمال الأجنبية، التي يشاهدها المشاهد السعودي كثيرا.
وفي جوابه على سؤال ما الذي ينقص الفيلم السعودي؟ أجاب المخرج والكاتب عبدالجليل الناصر أن ما ينقصه هو وجود الوضوح في الدعم الذي يتلقاه الفنان، ولا يمكن تجاهل وجود دعم بل دعم سخي جدا، ولكن المخرج أو المنتج بحاجة إلى مرحلة من الوضوح حول الهدف من الفيلم ليزول الصراع.
أما المحاور المخرج بدر الحمود فيعتقد أن من الصعب محاكمة الفيلم السعودي بحسب الإيرادات والأرباح، لأن الأهم أن يقدم الحكاية ويوثق اللحظة، حتى ولو كان عدد المشاهدات قليلا ومحدودا.