حققت البورصة المصرية مكاسب قياسية خلال شهر أغسطس اقتربت من 30 مليار جنيه مدعومة بالعديد من الانباء الايجابية على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية وأخبار الشركات المتداولة بالسوق، ما عزز من ثقة المستثمرين سواء المحليون أو العرب أو الاجانب، أفرادا ومؤسسات لتشهد البورصة عودة للسيولة والقوة الشرائية انعكست على أداء مؤشراتها السعرية وأحجام التداول.
وحقق رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة بالبورصة خلال شهر أغسطس مكاسب قدرها 29.3 مليار جنيه مسجلة بذلك ثاني أكبر مكاسب شهرية في تاريخها، ليصل رأسمالها السوقي إلى 369.2 مليار جنيه مقابل 339.9 مليار جنيه عند إغلاق الشهر السابق بزيادة نسبتها 8.6%.
وقال خبراء بالبورصة المصرية لوكالة أنباء الشرق الاوسط إن هذه المكاسب القياسية ترجع في المقام الاول إلى حالة الاستقرار السياسي التي بدأت تشهدها البلاد خلال الفترة الماضية، خاصة بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل أعقبها قرارات الرئيس محمد مرسي بإلغاء الاعلان الدستوري المكمل وإجراء تعديلات في القيادات العسكرية ما أنهى حالة الازدواجية في الحكم لينعكس بدوره على استقرار الاوضاع وزاد من ثقة المستثمرين بالاقتصاد المصري خاصة بعد انتهاء تظاهرات 24 أغسطس دون إحداث إي اضطرابات في البلاد.
وأضافوا أن الاقتصاد المصري شهد على مدار الاسابيع الاخيرة العديد من الدعم سواء من خلال تلقي مصر لودائع نقدية مباشرة من كل من السعودية وقطر فضلا عن زيارة وفد صندوق النقد الدولي لمصر أواخر الشهر للتفاوض بشأن حصول مصر على قرض بقيمة 8ر4 مليار دولار تلك الزيارة التي كان لها أكبر الاثر على عودة المستثمرين الاجانب والعرب وحتى المصريين لشراء الاسهم في ظل ثقتهم في الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية من أجل تعافي الاقتصاد، فضلا عن انباء الشركات المتعلقة ببيع 60% من هيرميس القابضة لكيو انفست القطرية وتقسيم اوراسكوم للإنشاء الى شركتين ما سيسهم في زيادة السيولة بالبورصة.
وسجل مؤشر البورصة الرئيسي «إيجي إكس 30» مكاسب خلال الشهر بلغت 9.6% ليصل الى 5332.25 نقطة وهو أعلى مستوى له منذ مطلع مارس الماضي، كما قفز مؤشر الاسهم الصغيرة والمتوسطة «ايجي اكس 70» بنسبة 13.3% مسجلا 494.58 نقطة، وكذا مؤشر «إيجي إكس 100» الاوسع نطاقا الذي حقق ربحا خلال الشهر نسبته 10.7% ليسجل 831.10 نقطة.
وذكر التقرير الشهري للبورصة المصرية الذي تلقت وكالة أنباء الشرق الاوسط نسخة منه ان السوق سجل حجم تداول إجمالي خلال شهر أغسطس بلغ 13.4 مليار جنيه، بعد تداول 3.4 مليارات ورقة مالية نفذت من خلال 461 الف صفقة بيع وشراء، وذلك مقابل 12.5 مليار جنيه في الشهر السابق بعد تداولات 3.3 مليارات ورقة مالية نفذت من خلال 433 ألف صفقة بيع وشراء، فيما سجلت بورصة النيل حجم تداول قيمته 13.6 مليون جنيه وكمية تداول بلغت 5.4 ملايين ورقة منفذة على 1922 عملية خلال الشهر.
واستحوذت سوق الأسهم على 85.09% من إجمالي قيمة التداول داخل المقصورة، في حين مثلت قيمة التداول للسندات نحو 14.91%، وسجلت تعاملات المستثمرين المصريين نحو 73.37% من حجم السوق خلال الشهر بينما استحوذ الاجانب غير العرب على 19.45% والعرب على 7.18% وذلك بعد استبعاد الصفقات.
وأظهر التقرير تراجع الاتجاه البيعي للمستثمرين الاجانب خلال شهر اغسطس ليسجلوا صافي بيع قدره 28.8 مليون جنيه فقط بينما سجل العرب صافي بيع 142 مليون جنيه وذلك بعد استبعاد الصفقات.
واستحوذت المؤسسات على 43.3% من التعاملات في البورصة وكانت باقي المعاملات من نصيب المستثمرين الافراد بنسبة 56.7% فيما سجلت المؤسسات صافي شراء بقيمة 412.1مليون جنيه وذلك بعد استبعاد الصفقات.
ومنذ بداية العام 2012 سجل المستثمرون الاجانب غير العرب صافي بيع قدره 3.6 مليارات جنيه بينما سجل العرب صافي شراء قدره 1.08 مليار جنيه وذلك بعد استبعاد الصفقات.
وقال محسن عادل، المحلل المالي ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن البورصة المصرية قد شهدت خلال شهر أغسطس العديد من الأحداث عززت من صعودها بدءا بالاستقرار السياسي والتطورات الاقتصادية مع الإعلان عن الوديعة القطرية لمصر، ثم مفاوضات صندوق النقد الدولي ثم اتفاقيات الصين، مما أدى إلى استقطاب البورصة لاستثمارات توصف بـ «الاستثمارات الذكية» التي تستند في قراراتها الاستثمارية الى المؤشرات الأساسية وهو ما كان واضحا في النشاط الذي بدا على تعاملات المؤسسات.
وأضاف أن البورصة شهدت خلال الاسابيع الماضية ارتفاعا في حجم الاموال الذكية المتمثلة في الاستثمارات قصيرة ومتوسطة الأجل التي تهدف إلى استغلال الفرص الاستثمارية التي توافرت نتيجة استقرار الوضع السياسي والتحركات على الصعيد الاقتصادي، موضحا أن نتائج الشركات عن النصف الأول من العام الحالي عززت من ذلك وعكست مؤشرات مهمة عن التوقعات المستقبلية لأداء العديد من الشركات خلال الفترة المتبقية من العام، وبالتالي توقعات توزيعاتها واتجاهاتها بالنسبة للشهية الاستثمارية.
وأوضح أن هذه التوقعات شجعت على اختيار أسهم الشركات ذات الاداء المالي القوي، والتي تباع بأقل من قيمتها العادلة، استنادا إلى العديد من المؤشرات والتوقعات، مشيرا الى ان ضعف السيولة ادى الى أن تفاعل الأسواق المالية مع نتائج الشركات لا يزال محدودا، وأدى بالتالي إلى جاذبية أسعار أسهم عدد من الشركات استنادا إلى العديد من المؤشرات، وفي مقدمتها مضاعف الربحية، ومؤشر القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية ومؤشر العائد على السهم.
وتابع أن الأموال الذكية لا تلتفت عادة إلى حركة المضاربين، بل تركز على العديد من المؤشرات المالية، وفي مقدمتها تحسن مؤشرات ربحية الشركات، وتحسن مؤشرات نموها، ومؤشرات سيولتها، إضافة إلى اهتمامها بمصادر أرباح الشركات، حيث تعكس جميع هذه المؤشرات كفاءة الإدارة والاستغلال الأمثل للموارد.
وأشار إلى أن التجارب أثبتت أن تنويع الشركات وتنويع القطاعات، يسهم في تنويع العوائد، وتخفيض مستوى المخاطر، والوقت المناسب للاستحواذ على حصة مهمة من رؤوس أموال بعض الشركات، بأسعار جاذبة عادة ما يكون خلال ركود الأسواق، وليس خلال طفرتها، مشيرا الى أن المستثمر المؤسسي رغم تراجع تداولاته قياسا بما كان معروفا عنه في سنوات سابقة، لايزال يبدي اهتماما أكبر بالبورصة المصرية.
وتوقع محسن عادل أن تكون تقديرات نتائج الشركات للربع الثالث المحفز الأكبر لأداء أسواق الأسهم المحلية خلال الفترة القادمة مشيرا الى انه بعد فترة طويلة تأثر فيها السوق بالعوامل الخارجية سواء العوامل السياسية أو العوامل الاقتصادية فانه من المتوقع ان يعود السوق خلال الفترة القادمة للتأثر بالعوامل الداخلية وان تعود السيطرة للمشترين مجددا.. لافتا إلى ان التأثير الفعلي للإصلاحات الاقتصادية و السياسية المرتقبة سيكون على المدى المتوسط مع ارتفاع شهية المخاطر وتوافر رؤوس الأموال لدى المستثمرين.
وأكد أن الأداء الايجابي خلال الاسابيع الماضية يعطي مؤشرا الى أن البورصة المصرية تنتظرها حركة نشاط من قبل الاستثمار المحلي والأجنبي خلال الفترة المقبلة، مع عودة المستثمرين واستقرار الاوضاع السياسية مؤكدا قدرة السوق على استمرار نشاطه خلال الفترة القادمة بشرط اجتذاب سيولة جديدة وظهور بوادر للتطور في العملية الاقتصادية.
وأشار الى أن العمق الاستثماري للسوق قد اثبت قدرته على التعامل مع مثل هذه التحولات بصورة ايجابية وهو ما دعم من نشاط مؤشرات السوق خلال الفترة الماضية، مؤكدا أنه يجب ألا نفرط في ردود الافعال في ظل قدره السوق على استمرار النشاط خلال الفترة القادمة والتي سترتبط في الاساس بالتطورات المتوقعة في الوضع السياسي والاقتصادي بالإضافة إلى استمرارية اجتذاب سيولة جديدة وتعزيز المرونة الاستثمارية للسوق إذا ما حدثت أي عمليات جني أرباح أو ضغوط استثنائية على السوق.