ذكر تقرير بنك الكويت الوطني ان ميزانية السنة المالية 2012/2013 أقرت مؤخرا بمرسوم أميري، وتظهر ارتفاعا بنسبة 9% في المصروفات الإجمالية المعتمدة لتصل إلى 21.2 مليار دينار، وهو ما من شأنه من حيث المبدأ أن يعطي زخما للاقتصاد. ولكن المصروفات عادة ما تأتي فعليا دون مستواها المعتمد في الميزانية.
ورغم ان التأخر الذي حصل هذه السنة في إقرار الميزانية من شأنه أن يزيد حالة عدم اليقين حول المستوى الذي ستبلغه المصروفات الفعلية، إلا أن الميزانية يتوقع أن تحقق فائضا كبيرا جديدا في السنة المالية 2012/2013.
وعزا التقرير الارتفاع في المصروفات المعتمدة في الميزانية إلى المصروفات الجارية (التي تشمل الأجور والرواتب والدعم والتحويلات) والتي ارتفعت في الميزانية بنسبة 12% لتصل إلى 18.6 مليار دينار.
وتستأثر تكلفة توليد الطاقة بأكثر من نصف هذا الارتفاع في المصروفات الجارية المعتمدة في الميزانية.
وعادة ما تعكس تقديرات الميزانية في هذا المجال افتراضات الحكومة لأسعار النفط، والتي تحدد بدورها التكلفة الافتراضية لشراء الوقود لتوليد الطاقة. ولكن هذه السنة، يبدو أن الارتفاع الذي افترضته الميزانية لسعر برميل النفط من 60 دولارا إلى 65 دولارا لا يعكس حقيقة هذا الارتفاع في تكلفة توليد الطاقة. وهو ما يشير إلى أن معظم هذا الارتفاع يعزى في المقابل إلى ارتفاع إنتاج الطاقة في ضوء التوسعات التي حدثت مؤخرا في الطاقة الانتاجية.
وقال التقرير ان معظم ما تبقى من الزيادة في المصروفات الجارية إلى الأجور والرواتب المدنية، والتي ارتفعت بنسبة 16%.
وتستحوذ وزارة التربية على نحو نصف هذه الزيادة، ورغم أن الزيادة المقررة في مجموع الأجور والرواتب تعتبر كبيرة، إلا انها أقل من زيادة السنة السابقة والبالغة 24%.
ومع ذلك، ستوفر هذه الزيادة دعما لنمو الإنفاق الاستهلاكي، والذي شكل العمود الفقري للاقتصاد غير النفطي في السنوات الأخيرة.
وفي المجموع، تشكل الأجور والرواتب 24% من المصروفات الإجمالية المعتمدة في الميزانية، أي أكثر بقليل من السنوات السابقة.
وأضاف التقرير قائلا: «انه وبحسب الميزانية، سوف تنخفض المصروفات الرأسمالية بواقع 6% هذه السنة، لتصل إلى 2.6 مليار دينار. ويأتي ذلك في وقت يحتاج فيه الاقتصاد بشدة لزيادة الاستثمارات الحكومية لدعم الاقتصاد ولدفع المصروفات على البنية التحتية في إطار خطة التنمية الحكومية، والتي هي الآن في سنتها الثالثة. وكانت البيروقراطية والتحديات التقنية والسياسية قد أبطأت أصلا من وتيرة تنفيذ المشاريع بشكل ملحوظ».
وبين التقرير انه برغم ان بيانات الميزانية الخاصة بالمصروفات الرأسمالية لا تدعو كثيرا إلى التفاؤل، فإنها ليست بالضرورة سيئة إلى الدرجة التي توحي بها. أولا، ونظرا لتأخر إقرار الميزانية، فقد يعكس انخفاض المصروفات الاستثمارية الوقت المحدود المتبقي هذه السنة، وليس بالضرورة انخفاضا لما هو مستهدف. وثانيا، يعزى هذا الانخفاض بالكامل إلى تراجع الاستثمار في قطاع الطاقة، وهو ما يعكس الانتهاء من تنفيذ مشاريع عدة مؤخرا. وباستثناء هذا القطاع، ترتفع المصروفات الرأسمالية المعتمدة بواقع 10%. وأخيرا، وبسبب البطء الشديد في وتيرة تنفيذ المشاريع في السنة الماضية، فقد يرتفع الإنفاق الاستثماري فعليا هذه السنة، على الرغم من انخفاض مخصصاته في الميزانية. كما يشار إلى أن بعض الإنفاق الرأسمالي العام يتم من خارج الميزانية.
إجمالا، لفت التقرير الى انه يبدو أن المصروفات الإجمالية من شأنها أن توفر دعما معتدلا للاقتصاد لباقي هذه السنة. فقد بلغت المصروفات الفعلية الإجمالية في السنة المالية 2011/2012 نحو 17 مليار دينار، لتشكل ما نسبته 88% من مستواها المعتمد في الميزانية. وفي حال ارتفعت هذه النسبة في السنة الحالية إلى متوسطها التاريخي البالغ 94%، فإن المصروفات الإجمالية الفعلية سترتفع بنسبة 17% مقارنة بالسنة الماضية. ولكن تأخر إقرار الميزانية وعدم توافر حتى الآن بعض التفاصيل الخاصة بها، وخاصة فيما يتعلق بالبند المهم منها وهو «المصروفات المختلفة والمدفوعات التحويلية»، يجعلان أيا من التوقعات عرضة للتغيير لاحقا.
من جهة ثانية، قال التقرير ان الحكومة قدرت أن ترتفع الإيرادات الإجمالية في الميزانية بنسبة 4% لتصل إلى 13.9 مليار دينار. وتستحوذ الإيرادات النفطية على كل هذا الارتفاع تقريبا. وتبقى تقديرات الحكومة للإيرادات محافظة جدا، رغم زيادة سعر النفط المتوقع بشكل طفيف. وكما في السنوات السابقة، ستكون الإيرادات الفعلية على الأرجح أعلى بكثير من مستواها المقدر في الميزانية. وبالفعل، بلغ معدل خام التصدير الكويتي 106 دولارات للبرميل في الأشهر السبعة الأولى من هذه السنة المالية. ورغم عدم صدور أي بيانات رسمية بعد، فإننا نتوقع أن تكون الحكومة قد حققت كافة الإيرادات المقدرة لكامل السنة بحلول شهر سبتمبر.
كما قدرت الحكومة أن ترتفع الإيرادات غير النفطية بنسبة 2% لتصل إلى 1.2 مليار دينار. ولكن هذه الإيرادات تبقى صغيرة جدا نسبة إلى إجمالي الإيرادات المتوقعة، حيث انها تشكل 8% منها فقط. ومن هذه الإيرادات، تقدر الميزانية أن ترتفع بشكل ملحوظ رسوم ضريبة الدخل على الشركات والإيرادات من بيع الأراضي.
كما تقدر أن تنخفض الايرادات المتنوعة (والتي تتضمن مدفوعات لجنة الأمم المتحدة للتعويضات الناتجة عن حرب العراق)، ولكنها بأي حال تخطت كثيرا تقديرات الميزانية في السنوات الأخيرة. وتماشيا مع السنوات السابقة، فإن الإيرادات غير النفطية الفعلية ستأتي أعلى من التوقعات بعض الشيء.
وبناء على توقعات الحكومة لمستويات الإنفاق والإيرادات، توقع التقرير أن يكون سعر برميل النفط المطلوب لتحقيق التوازن في الميزانية الرسمية هو 97 دولارا للبرميل، بعد أن كان 86 دولارا في السنة الماضية.
وسينخفض هذا الرقم بشكل كبير إذا، كما نتوقع، ارتفع إنتاج النفط أو إذا جاء الإنفاق الحكومي أقل من المتوقع، وبالتالي، نتوقع أن يبقى الوضع المالي قويا جدا عموما. وباستخدام ما افترضته الحكومة من سعر محافظ لبرميل النفط، فإن الحكومة تتوقع عجزا قدره 7.3 مليارات دينار للسنة المالية 2012/2013، وهو مستوى قياسي. ولكن نظرا إلى أن الإيرادات النفطية ستكون على الأرجح أعلى مما هو مقدر، وأن المصروفات الفعلية ستأتي أقل من تلك المعتمدة، نتوقع أن تسجل الميزانية فائضا كبيرا آخر، هو الرابع عشر على التوالي.
وفي حال بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الأخيرة، فقد يبلغ الفائض 10 مليارات دينار، ما يعادل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بفائض قدره 30% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة الماضية.
وأخيرا، ذكر التقرير انه تجدر الملاحظة إلى أن مخصصات احتياطي الأجيال القادمة قد ارتفعت من 10% الى 25% من إجمالي الإيرادات. ويبدو أن جزءا من ذلك هو فقط تغيير محاسبي، أي تحويل الأموال إلى احتياطي الأجيال القادمة بدل أن تذهب إلى الاحتياطي العام. وبحسب الميزانية الرسمية، سيرتفع مجموع مخصصات احتياطي الأجيال القادمة إلى 3.5 مليارات دينار هذا العام. ولكن وفق توقعاتنا التي تفترض ايرادات أعلى من توقعات الحكومة، يمكن أن تصل المخصصات إلى 7 مليارات دينار.