- النظام العالمي يعاد تشكيله من جديد وحلفا وارسو و«الناتو» أصبحا من الماضي ودول الكومنولث في طور الانحلال
- الكويتيون والحكومة لم يستفيدوا من دروس الاحتلال.. و«كل مواطن خفير» شعار كل مرحلة
- مراكز القوى خلخلت النظام العالمي ونعيش إرهاصات تنوع الأقطاب وتجاذب المصالح
- الأزمات مفتعلة ولها إدارة.. ومستقبل الشرق الأوسط قاتم والنظام العالمي يتجه نحو التعقيد
- الأولويات ضاعت والقضية الفلسطينية لم تعد الأولى في ظل احتراق المنطقة بالنزاعات
- اعتقاد البعض بأن الاحتلال لن يتكرر خطأ إستراتيجي فالاستعدادات في أدنى مستوياتها
- إضراب عمال «النفط» خنق شريان الحياة وكشف ضعف الاستعدادات لأي أزمة داخلية
- الوسط الإقليمي الملتهب قد يدفع بعض الأطراف لاستخدام ورقة إضراب النفط ضدنا
- أين وحدات الطوارئ والتدخل السريع بعد التحرير؟ فالخلخلة واضحة والقصور موجود
- هجمة شرسة على الكويت من تجار المخدرات وعلينا ضبط المروجين والمتعاطين
- الشباب الكويتي أمانة.. والتوجيه للتخصصات النادرة في الأمن والإغاثة مسؤولية الحكومة
أجرى اللقاء: محمد راتب
أكد النائب السابق د.عبدالرحمن الجيران أن منطقة الشرق الأوسط تعيش اجواء ملتهبة وأزمات متصاعدة، في ظل ضعف الإجراءات الحكومية لمواجهة أي ازمة داخلية او خارجية وغياب الرؤية المتكاملة لمنع حدوث اي خلل امني او اقتصادي، مشيرا إلى أن الحكومة والكويتيين لم يتعلموا كثيرا من دروس الاحتلال وظنوا انه لن يتكرر بصورته القاتمة على الرغم من مرورنا بأحداث قاسية للغاية ومآس تتطلب استعدادات على اعلى مستوى.
وأشار خلال لقاء خاص مع «الأنباء» إلى أن العالم اليوم يعيش حالة من التشكل الجديد وتنوع الأقطاب وسعي كل جهة لانتزاع مصالحها وتحقيقها بشتى الوسائل، وهذه الازمات مفتعلة ولها ادارة تقوم عليها، فنحن نرى اعمدة الدخان لاتزال تتصاعد والمخيمات مسيجة بالحديد والفولاذ ولا عودة للنازحين ما يخلق بؤرا إرهابية تتبنى العنف والتفجير والتكفير.
لقاء شائق مع النائب السابق د.عبدالرحمن الجيران.
وفيما يلي التفاصيل:
بداية، مضت 3 عقود على ذكرى غزو الكويت، ما الدروس المستفادة من الاحداث التي مرت؟
٭ لقد مضى على ذكرى تحرير الكويت 3 عقود، ونشأ لدينا جيل جديد، ولكن علينا ان نعلم أن التحرير نعمة كبيرة من الله تعالى تستوجب منا حمد الله وشكره على الامن والأمان، وان نحافظ عليها ونشكر الله عليها دائما لأنه بالشكر تدوم النعم.
ويبقى السؤال الذي علينا ان نسأله لأنفسنا هل استوعبنا الدروس واستفدنا منها؟ تقديري وبحسب رؤيتي اننا أهملنا ونسينا مع الزمن اعظم الدروس واهمها، بحجة ان الغزو لن يتكرر، ولكن في الجانب الآخر مر المجتمع بتحديات صعبة لا تقل عن الغزو من حيث الآثار، ووجدنا ان استعدادات الحكومة لها كانت ضعيفة ودون المستوى المطلوب على الرغم من تأكيدات المسؤولين وتطميناتهم بأن الامور تحت السيطرة وتم اتخاذ الاجراءات اللازمة.
وسأدلل على هذا ببعض الامثلة، فعلى سبيل المثال الكوارث الطبيعية، وهذه تحصل في اي دولة ولكن وجدنا تقصيرا وعدم تجاوب سريع وردة فعل عفوية وقصورا في الاجهزة والاتصال والتنظيم والاستعدادات، حيث تسبب هطول الامطار بغرق المباني.
انا لا اقلل من جهود رجال الأمن والجيش والشرطة والمطافئ والوحدات الخاصة ولكن لو كان هناك تنسيق مسبق وإدارة واحدة مشتركة وتحضير على اعلى مستوى لكان بالإمكان تقليل الآثار.
المثال الثاني: سمعنا بعد التحرير أن هناك وحدات طوارئ وتدخل سريع ووحدات خاصة منظمة ومجهزة وعالية الكفاءة في التدريب، ولكن عندما حصلت المظاهرات ومسيرة وطن وجدنا الخلخلة الامنية والقصور الواضح، واذكر انني كنت عضوا في مجلس الامة وعرض لنا شريط فيديو يوضح ما حصل عند مسجد الدولة الكبير، لقد كان التصوير الفني للأسف بعيدا عن الاحترافية، ولم يتم من خلال خبراء ومتخصصين، نحن بحاجة إلى اهل الاختصاص والكفاءات فقد يتكرر هذا، كمثل اضراب عمال النفط والبترول الذين خنقوا شريان الحياة والثروة الطبيعية للبلاد، والدولة قائمة بعد الله عليهم، ما وجدناه على ارض الواقع ضعف الاستعداد والترتيب وعدم الجاهزية على الرغم من تأكيدات المسؤولين خلاف ذلك.
بماذا تطالب لعدم تكرار هذا الأمر؟
٭ أدعو إلى ان تكون هناك تجهيزات وخطوات فيما لو وقع اضراب لعمال النفط، كالذي قاموا به في العام 60، فما استعدادات الشركات والمجلس الاعلى للبترول لمثل هذا الطارئ، وخصوصا اننا في وسط اقليمي ملتهب قد يدفع بعض الاطراف لاستخدم مثل هذه الأوراق ضدنا.
وعودة إلى الامثلة التي كنت اذكرها، فمن الامثلة خلية العبدلي وتفجيرات مسجد الصادق، وفي هذا الجانب لانقلل من جهود رجال الامن، ولكن شيئا وقع داخل الكويت، وعلينا اخذ الحذر والحيطة، فحتى إن لم يتكرر الغزو يجب ان نكون على اعلى درجات الحيطة والاستعداد للجرائم المنظمة وجرائم المخدرات.
لماذا تحدثت عن جرائم المخدرات؟ هل ترى ان المخدرات اخذت تستشري في المجتمع الكويتي؟
٭ الكويت كسائر الدولة تتعرض لهذا الهجوم العنيف من تجار المخدرات، ولذا علينا اخذ الحيطة والحذر، ومعرفة اسلوب دخولها الكويت وإيجاد حل للدورة المستندية التي توصل إلى اتلافها، مع اعادة النظر في كل ما يتعلق بضبط المروجين والمتعاطين، لانها آفة تفتك بالشباب الكويتي في دولة مثل الكويت التي تتمتع بالرخاء الاقتصادي والوعي الاجتماعي والثقافي إلى حد معين، ولكنها تتسرب إلينا من دول الجوار بشتى الوسائل، واثمّن جهود رجال الأمن والجمارك فهم العين الساهرة التي تضبط مثل هذه الانواع من الجرائم.
هل تريد القول إن الكويتيين لم يستفيدوا من دروس الغزو بالقدر الكافي، ام ان السبب وراء ذلك هو بعد الزمن؟
٭ الكويتيون يعيشون بين مرحلتين، ما بعد الغزو كانوا على جاهزية معينة وروح عالية من العطاء وبناء المجتمع، أما الآن فقد خفت هذه الروح والحماسة، لأن طبيعة الإنسان أنه ينسى، بالإضافة إلى رتم الحياة السريع وانشغاله بدائرته الخاصة ومحيطة الاسري، ما جعله ينسى القضايا العامة والقضايا الأمنية، ارجو اعادة النظر في الدروس المستفادة من الغزو العراقي.
لو اردنا الحديث عن جانب من الدروس التي استفادها الشعب الكويتي من الغزو؟
٭ برأيي أن الدروس التي استفادها الشعب والحكومة من الغزو 3 دروس: الأول احترام السيادة فهذا اقليمي وعدم التدخل بالدول، والثاني تأكيد الشرعية وعدم الخروج على الانظمة الحاكمة، وأما الثالث فهو التنمية لتحقيق تطلعات الشعوب.
لا شك أن العلماء كان لهم دور بارز في توعية الشعب وحثهم على الدفاع عن الوطن في ظل وجود المثبطين والداعين إلى التراخي، حدثنا عن دور العلماء في تلك الفترة؟
٭ لله الحمد، على الرغم من ضخامة الآلة العسكرية والترسانة والآلة الاعلامية التي رافقت الغزو لتشويه الحقائق وقلبها، ولكن ما يجب ذكره هنا أنهم لم يجدوا كويتيا واحدا يتعاون ويتعاطف معهم، وإنما كان هناك رفض للاحتلال ورغبة في عودة الشرعية من خلال المظاهرات ومؤتمر جدة وقد كان للمساجد دور كبير في تثبيت الناس الذين عادوا إلى المساجد بقوة كبيرة.
كيف كان حال الكويتيين خلال تلك الفترة وما الاجراءات التي قاموا بها لتخفيف وطأة الاحتلال والغزو؟
٭ كان الكويتيون اسرة واحدة، قسموا الانشطة بحسب اللجان، وكان هذا بالتنسيق مع الحكومة في الخارج، وهنا لابد من ان اشيد بدور الاستاذ د. جاسم العون الذي تولى التنسيق عبر الستلايت ليلا مع الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، الذي كان وليا للعهد آنذاك، حيث كان ينسق امر دخول المساعدات ويشرف عليها على الرغم من الضغوطات التي تعرض لها والمعاناة الشخصية التي مر بها والحالة الصحية لابنته التي كانت بحاجة لزراعة كلى فقام بإخراجها من الكويت، وعاد إلى البلاد ليقوم بدوره الوطني، وهذا موقف الرجال، وثبت ثبات الجبال الراسخات، إلى جانب دور اللجان الشعبية بالتنسيق مع الشرعية المتمثلة بالحكومة في الخارج.
لعل من ابرز النعم التي أولى الله الكويت بها هي الرخاء الاقتصادي، مع ان الحال لم يكن كذلك خلال الغزو، هل ترى ان الناس نسوا هذه النعمة ولم يتعاملوا معها بالطريقة الشرعية التي امر الله بها ورسوله؟
٭ هذا صحيح، وقد نبه العلماء على شكر النعمة خاصة في الرسائل التي صدرت في مؤتمر مكة، حيث اجتمع علماء العالم الاسلامي وخرجوا بالاجماع برأي واحد بضرورة رد وصد العدوان الغاشم واكدوا حرمة الدماء، وكانت الرسالة الخاصة من سماحة مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الذي ارسل رسالة خاصة اكد فيها على 3 نقاط متعلقة بالنعمة ووجوب شكرها، وهي انه يجب شكر الله انه كف يد الظالم والمعتدي عن الكويت وهو صدام حسين، ثم يجب الاستقامة على شرع الله تعالى وترك الذنوب والمعاصي والتوبة إلى الله، وأخيرا ضرورة وحدة الكويتيين ووقوفهم صفا واحدا خلف القيادة المتمثلة بسمو الشيخ جابر الاحمد الصباح امير الكويت طيب، الله ثراه.
من خلال خبرتك السياسية كيف بالإمكان تلافي الأضرار الحاصلة بسبب الأجواء المشحونة في المنطقة؟
٭ نحن نعيش في ظروف ومتغيرات عالمية ومستجدات لم تحصل من قبل، فالنظام العالمي يعاد تشكيله من جديد، فقد اصبح حلف وارسو والناتو من الماضي وفي ذاكرة التاريخ، ودول الكومنولث في طور الانحلال، وتشكل بؤر ومراكز قوى خلخلت النظام العالمي الذي كان سائدا في القرنين الماضيين فنحن في ارهاصات تقوم على تنوع الاقطاب.
هل تريد القول إن الانظمة القديمة آخذة في التفكك؟
٭ قديما كان لدينا نظامان عالميان هما الحزب الشيوعي الاشتراكي والحزب الرأسمالي، والآن تفكك النظامان بشكل واضح، فاصبحنا امام تعدد المحاور، وهذا التعدد يعني زيادة المصالح وتقاطعها، ويعني المزيد من التعقيد في السياسات الدولية، فكل المؤتمرات الاقتصادية والإنسانية والقانونية التي نشهدها اليوم وتناقش قضايا العالم لم تخرج برؤية ولا تصور واحد.
نحن نعيش في شتات له مصالحه وحساباته الخاصة ما انعكس على الشرق الاوسط، فنحن لسنا مستقرين ولن نستقر، فأعمدة الدخان لاتزال تتصاعد، والمخيمات مسيجة بالحديد، والفولاذ، ولا عودة للنازحين، وهذا يعني خلق بؤر ارهابية جديدة تتبنى العنف والتفجير والتكفير.
اقولها بصراحة ما ينتظر الشرق الاوسط مستقبل قاتم من البطالة وضعف التعليم، فالموارد الطبيعية مستباحة، فمن يتصور أن العراق الذي كان يتفوق على السعودية في المخزون النفطي يعيش هذه الظروف؟ اين نفطه؟ حتى ايران تشتتت مع ان لديها ثروات وغازا ومخزونا طبيعيا فهي حتى لا تعرف مصيرها مع الشرق ام الغرب.
هل ترى ان العالم يتجه نحو التعقيد والتصعيد؟
٭ النظام العالمي يتجه نحو مزيد من التعقيد، والشرق الاوسط يتجه لمزيد من التصعيد وإثارة النزعات وحقوق الأقليات لبعثرة الملفات.
الأولــويـات ضــاعـت، فالقضية الفلسطينية لم تعد القضية الاولى، منذ 40 سنة كنا نقول القدس وفلسطين، أما اليوم فنقول افغانسان والصومال واليمن والعراق وكشمير وسورية والشيشان، ونسال انفسنا من المستفيد ومن أثار هذا؟
من برأيكم المستفيد؟
٭ هذه الأزمة لها ادارة تعمل من اجل مصالح بعض الدول، ولذلك نتمنى من وسائل الاعلام التنبه لمن يدير هذه الأزمات، وللأسف الاجهزة الاعلامية لدينا لم تصل لهذه المرحلة، فنحن لدينا اعلام رتيب، فالقنوات العربية الاخبارية تعتمد على الاكشن والدراما اكثر من المشاركة في صنع وإدارة واستثمار الحدث، فهي في مصدر التلقي فقط.
لو اشتعلت الحرب ماذا على الحكومة والمواطن فعله؟
٭ هناك مقولة كان يذكرها الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله تعالى، «كل مواطن خفير»، ارجو ان تجد صداها في برامج عمل الحكومة، فما زلنا في الكويت نعاني من نقص وقصور.
وأوجه رسالة لسمو رئيس الوزراء بأن الشباب الكويتي امانة في أعناقكم، فنحن بحاجة إلى تدريب عالي الكفاءة لا ينقص شبابنا المستوى العقلي والمادي بل يحتاج إلى توجيه.
لا توجد جهة تحتضن، لماذا لا نوجه الشباب للتخصصات النادرة والمطلوبة التي سنحتاجها مستقبلا سواء في الأمن والإغاثة والإسعافات والطوارئ والتدخل السريع.
صاحب السمو الأمير يؤكد ان الشباب محل عنايتنا وثروة الكويت، ولكن اقول لم نجد حتى الآن برامج جادة تحتضن الشباب الكويتي، لا يعني هذا انه ضائع، ولكن التوجه نحوه اقل، وخاص بجهة معينة ومحصورة ولكن الاكثرية بحاجة إلى توجيه واستثمار طاقاتهم.