بقلم: د.هشام أحمد كلندر.. طبيب متخصص في الإدارة الصحية
قبل البدء بموضوع المقالة قد لاحظت أن الكثير من القضايا والملفات والأرقام تثار بين الحين والآخر، ولكن سرعان ما تنسى بمجرد إثارة موضوع آخر، وكأنه نهج متبع من البعض لتحقيق مصالح ضيقة.
يعول هؤلاء على ضعف ذاكرة المجتمع، وسياسة بعض جهات الدولة والمسؤولين القائمة على ردود الأفعال والمساومات، وضعف المراقبة الشعبية المتمثلة بمجلس الأمة، وعدم تفعيل الرقابة الصحيحة على من يمول ويساهم ويستفيد من هذه القضايا والملفات والأرقام، حيث يسعى البعض سواء من السياسيين أو المتنفذين أو غيرهما لعقد الصفقات واستغلال الأزمات، على حساب الوطن والمواطنين.
فأين ملف الشهادات المزورة؟!
وأين قضية تجار الإقامات؟!
وأين الحديث عن العلاج السياحي؟!
وأين الإيداعات المليونية؟!
وأين قضية الداو؟!
وأين قضية غسيل الأموال؟!
وأين غيرها من ملفات الفساد والتي تكون مدعمة بالأرقام وكأنها تفتح لهدف وتغلق لهدف بعيدا كل البعد عن الإصلاح!
نعود الى موضوع المقال، ففي القرن الواحد والعشرين تقريبا جميع الأعمال تعتمد على الأرقام والبيانات بل أصبحت البيانات جزءا لا يتجزأ من عملية صنع القرار.
وقد اتضحت أهميتها في ظل جائحة كورونا، فنرى كيف أن دولا أغلقت وشلت بالكامل بسبب الإحصائيات والأرقام، ولكن للأسف كثير من أصحاب القرار قد أهمل هذه الأداة المهمة أو أساء استخدامها.
يجب أن تكون لغة الأرقام جزءا من عقلية أي قيادي، وذلك بأن يعي الدور الذي تلعبه الأرقام والإحصائيات في صنع القرار. عندما يكون لدى أي مؤسسة ثقافة تعتمد على البيانات الإحصائية من أعلى إلى أسفل، فإن النجاح يتحدث عن نفسه.
في ظل جائحة كورونا يتطلب من السلطات العليا في مجال الرعاية الصحية قياس وتقييم الوضع الوبائي باستخدام كل من الأساليب الكمية والنوعية على أساس منتظم.
تساعد البيانات الإحصائية السلطات العليا في مجال الرعاية الصحية على اتخاذ قرارات مستنيرة بناء على رؤى البيانات.
ولكن لكي تصبح أي مؤسسة مدعمة بالبيانات، تحتاج إلى ضمان جودة البيانات وتوفير الاحتياجات اللازمة للتمكن من إدارتها بشكل فعال من تجميع البيانات وتحليلها وربطها من أجل اتخاذ قرارات أفضل.
تجدر الإشارة إلى أنه للحصول على بيانات عالية الجودة، يجب أن تكون البيانات دقيقة وذات صلة وقابلة للمقارنة ومتسقة ويمكن الوصول إليها بسهولة بالوقت المناسب.
ليس من السهل دائما فهم البيانات المعقدة المعروضة لتقييم مشكلة معينة. أحد الطرق لتبسيط الأرقام هو تقديم صورة مرئية للبيانات وتحويلها إلى رسوم بيانية ومخططات.
يمكن لتصوير البيانات أن يساعد في تحويل البيانات الضخمة إلى شكل تصويري يسهل فهمه. فبذلك يتم تقليل مقدار الوقت الذي يستغرقه المرء لفهم البيانات المعقدة إلى حد كبير عندما تكون نفس البيانات موجودة في الشكل التصويري.
سهولة الوصول الى البيانات والإحصائيات المقدمة بطريقة يسهل قراءتها يساعد صانعي القرار على فهم الوضع بشكل جيد في الوقت المناسب وبسرعة.
أيضا تحليل البيانات من قبل المختصين يلعب دورا في فهم أفضل للوضع العام، وإيجاد العلاقة بين الأحداث، واستكشاف الفرص والاتجاهات، حيث يصبح من السهل فهم الاتجاهات وبالتالي رسم استنتاجات أفضل للبيانات.
من عيوب توفر البيانات هو أن يتم تفسيرها في بعض الأحيان بشكل مختلف أو خاطئ، أو استغلالها لتصفية الحسابات، وإقحامها بالصراعات، أو تسليط الضوء على جزء من الصورة التي تخدم مصالح ضيقة، وممارسة التضليل مع غياب الشفافية.
فمثلا وجود بعض الحالات ممن يمارسون غسيل الأموال، فللأسف هناك بعض الأفراد والمؤسسات بل وصلت الى مستوى الدول من يمارس مجازا ما أطلق عليه غسيل الأرقام.
اليوم هناك كم هائل من البيانات، لذلك تعد إدارة البيانات جزءا محوريا لأي منظمة فهي تحتاج إلى وجود كفاءة فعالة لإدارتها. جعل البيانات جزءا من عملية صنع القرار في مجال الرعاية الصحية أصبح حاجة ملحة.
أحد العوائق التي قد يوجهها العاملون في مجال الرعاية الصحية في استخدام البيانات كجزء من عملية اتخاذ القرار الخاصة بهم هي في الغالب، عدم توافرها في الوقت المناسب، وان توافرت تكون ذات جودة متدنية.
لذلك لقد حان الوقت للالتفاف الى هذا الملف وتفييل لغة الأرقام كأداة مساندة لاتخاذ القرار، ولعل في المستقبل نكتب مقالة مدعمة بأمثلة تبين كيف أن لغة الأرقام همشت في كثير من القرارات المتخذة.
Email: [email protected]
Twitter: @Dr_hisham81