الصداقة الحقيقية عند الشدائد
يقول مثل صيني: «عند الشدائد تعرف الصداقة الحقيقية»، ويقول مثل عربي: «الصديق وقت الضيق». ففي عام 2020 المنصرم، تعاونت وتآزرت الصين والكويت بروح الفريق الواحد للتغلب على الصعوبات الناتجة عن جائحة «كوفيد-19» المفاجئة، والتي اجتاحت العالم بأكمله، ما مثل تجسيدا بارزا للشراكة الاستراتيجية العالية المستوى بين البلدين، وذلك في خضم اختبارات فرضتها العديد من المصاعب والتحديات، حيث تبادل قيادتا البلدين البرقيات والرسائل فور اندلاع الوباء للإعراب عن الاستعداد لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الوباء، والدفع بعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين نحو تحقيق المزيد من التطور، الأمر الذي كان بمنزلة أشعة شمس مشرقة تدفئ برد شتاء قارس، ومنارة مضيئة في ليل حالك.
٭ الصورة الأولى تم التقاطها في 23 مارس 2020، وهو تاريخ وصول جميع المستلزمات الوقائية والأجهزة الطبية التي تبرعت بها الكويت إلى مدينة «ووهان» الصينية، والتي قيمتها الإجمالية 3 ملايين دولار أميركي، وتظهر جلية الكلمات الآتية على شحنات المستلزمات الطبية: «ووهان.. الصين، فلتبقيا أقوياء» و«بوحدتنا سنهزم الوباء».
في 5 مارس 2020، قال معالي وزير الخارجية الكويتي الشيخ د.أحمد الناصر للسفير لي مينغ قانغ خلال اللقاء معه، بأنه طبقا لتوجيهات سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قرر الجانب الكويتي تقديم الدعم للجانب الصيني لمكافحة الوباء.
كان الفيروس قد بدأ تفشيه على أراضي الكويت، ويواجهها طلب متزايد على المستلزمات الوقائية، غير أن الكويت قدمت مساعدتها بسخاء، وأهدت «الفحم» للصين في «الجو المثلج» الذي كانت تمر به حينذاك، ما دفأ قلوب الشعب الصيني الذي كان يعيش فترة حاسمة في مكافحة الوباء، وجعله يشعر بالفخر والاعتزاز بصداقة الكويت الحقيقية له.
٭ الصورة الثانية تم التقاطها في 14 أبريل 2020، حيث كانت الصين قد سيطرت بشكل أساسي على الجائحة وبدأت تدريجيا وعلى قدر الاستطاعة بتقديم الدعم للدول الأخرى لمكافحة الوباء.
أما في الصورة، فكان الخبراء الصحيون من مدينة شانغهاي الصينية يعقدون الاجتماع الافتراضي مع وزارة الصحة الكويتية، والذي تم تنظيمه خصيصا للجانب الكويتي.
كان الخبراء الصحيون الصينيون قد قاموا بجمع الأسئلة التي يهتم بها الجانب الكويتي مسبقا، وقاموا بالتحضير الجاد والدقيق للاجتماع.
وفي الاجتماع، قام الجانبان بتبادل شامل ودقيق حول العلوم الفيروسية لكورونا المستجد، وسبل الفحص والتشخيص، والإجراءات الوقائية الاجتماعية، وتدابير الإغلاق والحجر، وعلم الوبائيات، والإجراءات الاحترازية، وتطوير الأدوية والعلاج بالطب التقليدي الصيني، ومعايير الخروج من المستشفى والتعامل مع المريض عديم الأعراض وغيرها من الأمور، إضافة إلى الاجتماعات الأخرى التي عقدها الجانب الصيني في 27 مارس و16 يونيو و30 سبتمبر، كل على حدة، لتبادل خبرات مكافحة الوباء مع الجانب الكويتي، وذلك انطلاقا من خالص أمله في أن يقدم إسهاما حتى وإن كان بسيطا، لعملية مكافحة الوباء في الكويت.
٭ الصورة الثالثة تم التقاطها في 29 أبريل 2020، وهي عبارة عن اجتماع بين وفد الخبراء الطبيين الصينيين لمكافحة الوباء مع مسؤولي وزارة الصحة الكويتية.
وفي منتصف شهر أبريل، كان الوفد يزور السعودية لدعم جهود احتواء الجائحة هناك.
وبعد أن علم الجانب الكويتي ذلك، اتصل بالسفير لي مينغ قانغ لدعوة الوفد بزيارة الكويت لتباحث سبل احتواء الوباء.
ورغم أن ذلك الوقت تزامن مع حلول شهر رمضان وتعليق الرحلات التجارية في كل من الكويت والسعودية، بالإضافة إلى عدم إتمام المهام الموكلة للوفد الصيني في السعودية آنذاك، غير أن السفير لي مينغ قانغ أكد أنه سيبذل قصارى جهده لتمكين هذا الأمر.
وبفضل التواصل والتنسيق المكثفين بين كافة الجهات الصينية والكويتية ذات الصلة، وصل الوفد إلى الكويت بسلاسة ليلة يوم 28 أبريل.
وأثناء الزيارة، شارك خبراء الوفد في عدة اجتماعات مع مسؤولي القطاع الصحي الكويتي، وقاموا بزيارة مركز الفحص السريع في المطار ومركز تشغيل تطبيق «شلونك» وغيرهما من المرافق، وقدموا تحليلات واقتراحات واضحة بناء على المعطيات على أرض الواقع.
وقبل اختتام الزيارة، قال أحد أعضاء الوفد للسفارة بأن جدول الأعمال كان مزدحما جدا، لكن عندما رأى عبارات الشكر والتقدير التي نشرها الأصدقاء الكويتيون على منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت ثمار جهودهم مستحقة لكل ما بذلوه من عناء، ما جعله يشعر بالفخر بأن يكون جزءا من الصداقة الصينية- الكويتية.
وإلى جانب ما تحمله الصور من قصص، تتبنى الصين والكويت مواقف مماثلة من التعاون الدولي في مكافحة الوباء، حيث يدعو الجانبان إلى تقوية التعاون والتضامن الدوليين لمكافحة الوباء، ويدعمان الدور التنسيقي المركزي الذي تلعبه منظمة الصحة العالمية، ويتبرعان بالأموال بنشاط للجهود الدولية لاحتواء الوباء، إذ إن الصين والكويت توثقان ما بينهما من الصداقة بمسيرة التساند والتآزر، حينما تطبقان مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية بالأعمال والأفعال.
وعند النظر للمستقبل، فمن المستحيل التنبؤ بما قد يواجهنا من أمطار ورياح عاتية، لكن الصداقة الحقيقية المختبرة التي أثبتت معدنها في مواقف كثيرة سابقة بثت في قلوبنا الشجاعة والقوة.
وفي عام 2021، نتمنى أن نتغلب على الوباء بشكل كامل في القريب العاجل، كما نتمنى أن تتمتع الصداقة الصينية- الكويتية بطاقتها وحيويتها أبد الدهر.
يصادف عام 2021 الذكرى الـ 50 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والكويت، والتي تتعزز وتتجدد أواصرها على مر الزمان، رغم البعد الجغرافي الذي يفصلهما وخصوصياتهما المختلفة في الظروف الوطنية، حيث يدوم بين الجانبين الاحترام المتبادل والتعامل المخلص مع بعضهما البعض والتساند والتآزر والتعاون والكسب المشترك.
ومواكبة مع ذلك، ظهرت العديد من الشخصيات البارزة التي بذلت جهودها لتعزيز الصداقة الصينية- الكويتية، وسجلت الكثير من القصص المؤثرة في تاريخ العلاقة الصينية- الكويتية.
وابتداء من اليوم، تتشرف السفارة الصينية لدى الكويت بتقديم عمود بجريدة «الأنباء» الموقرة كل أسبوعين تحت عنوان «حكاية صورة» للقيام معا مع الأصدقاء الكويتيين باستعراض الكبير والصغير في مسيرة علاقة الصداقة بين الصين والكويت ولمس اللحظات التاريخية التي لا تنسى مرة أخرى.
كما أن السفارة ستنظم سلسلة من الفعاليات التذكارية المتنوعة فعليا وافتراضيا طوال العام وترحب بالمتابعة والمشاركة من جميع الأصدقاء.