بعد مرور 31 عاما على الغزو العراقي الغاشم للكويت لاتزال الكتب والوثائق الخاصة بتلك الفترة تحكي مرارة الألم والظلم وكأنها تحدث الآن ونراها أمامنا بكل تفاصيلها الحزينة.
ووثق عدد كبير من الكتاب الكويتيين فترة الغزو وتناولوا في كتبهم نواح مختلفة من معاناة الكويت وأهلها صمودهم وبعضهم تحركت أقلامهم لإصدار كتاب للمرة الأولى ومنهم من امتنع بعدها عن الكتابة.
وأكد عدد من الكتاب في لقاءات متفرقة أجرتها «كونا» أمس الأحد أن تدوين وإصدار كتبهم وتجميع المعلومات لم يكن بالأمر الهين إلا أن إصرارهم على إيصال ما تعرضت له الكويت من ظلم هو الدافع لأن على الكاتب مسؤولية كبرى في خدمة وطنه.
وقال الكاتب عقيد ركن متقاعد ناصر سالمين الذي تم أسره إبان الغزو وأطلق سراحه بعد التحرير إنه أصدر كتابه «يوميات أسير كويتي في السجون والمعتقلات العراقية» باللغتين العربية والانجليزية ليكون دليلا على ما تعرض له الأسرى إلى جانب كشف ما جرى من طغيان العدو في ذلك الوقت.
وبين سالمين أن الكتاب يحكي يومياته في السجون العراقية من أول في الأسر إلى اليوم الأخير ليسرد وجع 238 يوما من بين المقاومة والرغبة في الانتصار.
وقال إن رحلة إصدار الكتاب بدأت بعد ان قام بنشر يومياته في مواقع التواصل الاجتماعي إضافة إلى نشر بعض الصور التي تم التقاطها من كاميرا تم تهريبها إلى داخل السجن ووجد ان أعداد المتابعين كثيرة وفي ازدياد وكثرت الأسئلة الموجهة له بخصوص ما تعرض له وأحس ان الشعب متعطش لان يعرف ما تعرض له الأسرى.
من جانبه، قال الكاتب محمد جمال في حديث مماثل لـ «كونا» ان كتابه «الكويت وأيام الاحتلال» تناول الوقائع والأحداث التي دارت في الكويت أثناء فترة الاحتلال ومعاناة الشعب تحت وطأة الغزاة المعتدين والعصيان المدني الذي قام به والتحدي العنيد لقرارات المحتل الطامع.
وذكر جمال ان الكتاب يبرز الدور الفعال الذي قامت به المقاومة الكويتية الشجاعة في التصدي لتسلط واستبداد الغزاة والمواقف التي اتخذتها معظم دول العالم ضد الاحتلال ودور الأمم المتحدة في نصرة الكويت الى جانب العبر والدروس المستفادة من تلك الأزمة.
بدوره، قال الكاتب صلاح الغزالي انه أصدر موسوعة «سور الكويت الرابع» الذي يتحدث عن أرض الوطن من تاريخ الغزو وحتى التحرير وما دار من أحداث بالتوثيق والتدوين اليومي.
وأفاد الغزالي بأن كتابه يسرد ما فعله الكويتيون بالعراقيين وكيف أداروا بلادهم بكفاءة رغم سيطرة قوات الاحتلال التامة وكيف تحطمت محاولاتهم في الإمساك بالبلاد.
وأوضح انه تعرض للأسر وتم إطلاق سراحه بعد فترة وانه كان شاهدا ومشاركا بالعديد من اجتماعات القيادات الكويتية في الداخل وكتب أثناء الاحتلال بعض البيانات وصاغ بعض المراسلات الموجهة من القيادات في الداخل إلى الحكومة الكويتية في الخارج.
من ناحيته، قال الكاتب اللواء حسين مال الله انه اصدر موسوعة «مجرمو الحرب العراقيون وجرائمهم خلال الاحتلال العراقي للكويت» وأعده عندما كان برتبة عقيد حقوقي، مبينا انه عبارة عن دراسة علمية قانونية تنقسم الى جزأين.
وبين مال الله ان الجزء الأول يتحدث عن النزاعات الدولية وفقا لقرارات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ووفقا للشريعة الإسلامية وعن جرائم الحرب، والجزء الثاني يتناول جرائم الحرب العراقية بالمخالفة لاتفاقية جنيف والجرائم ضد السلام.
وفي السياق نفسه، قال د.عبدالمحسن الخرافي إنه أصدر كتابين «مذكرات مرابط» و«عدسة مرابط» الأول عبارة عن مذكرات ويوميات ومواقف طريفة وواقعية حصلت خلال الاحتلال ويوميات عاصفة الصحراء، أما الكتاب الثاني فهو عبارة عن صور ووثائق.
وأكد الخرافي أن كتبه تمتاز بالحيادية وأمانة النقل ويعرض فترة الغزو للاستفادة والعبرة وليشهد التاريخ الأحداث من شهودها العيان بلا زيادة او نقصان او تحريف.
وعن سبب التوثيق، قال «كيف لا أوثق يوميات تلك الأيام العصيبة، وكيف لا أوثق حادثة لا يمكن أن أنساها فقد حضرت معالمها في مخيلتي لأنها كانت تهز كياني لو تمت فعلا؟».
وبين ان كتابه «عدسة مرابط» يعرض أنشطة المرابطين من خلال ما صورته العدسة الفوتوغرافية للوقائع والوثائق وهو ادعى لوصول الفكرة بشكل مباشر وسريع.
من جانبه، قال الكاتب د.عبدالعزيز يوسف الكوس انه أصدر «موسوعة حرب الكويت من الاحتلال للتحرير» وتضم مجموعة من الحقائق والمعلومات التاريخية والسياسية والوثائق الهامة التي تدين الغزاة من بداية الغزو الغادر إلى التحرير وما تخلل الاحتلال من أحداث جسيمة إضافة إلى قصص الأسرى والشهداء البطولية وكفاح أهل الكويت الأحرار.
وأضاف الكوس أن فكرة الكتاب أتت مع ما أحسه من ألم من احتلال جائر وبدأ بتدوين مذكرات ليحولها إلى موسوعة شاملة.
بدوره، قال أستاذ التاريخ بجامعة الكويت د.فيصل عادل الوزان انه تشرف بإعداد موسوعة «تاريخ الغزو العراقي للكويت» وصدرت عن مركز البحوث والدراسات الكويتية بمناسبة مرور الذكرى الـ 30 للغزو العراقي وتقع في 6 مجلدات.
وأوضح الوزان أن هذا الكتاب يوثق منعطفا تاريخيا تمثل بالغزو والاحتلال العراقي وركز على الفترة الممتدة من قبيل وقوع الغزو العراقي سنة 1990 للتعريف بمقدماته وأسبابه ويستمر بالتغطية التوثيقية إلى عدة سنوات بعد التحرير، حيث ينتهي عند الاعتراف الثالث للعراق باستقلال الكويت وبحدودها في أكتوبر سنة 1994.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية د.عبدالله الغنيم إن المركز له مسيرة طويلة في توثيق فترة الغزو من خلال البحوث والدراسات وإصدار المجلدات والكتب كما يحتوي على معرض خاص للكتب التي كتبت عن الغزو ومن بينها كتب لشهود العيان.
وبين الغنيم ان المادة الثانية من المرسوم الأميري رقم 92/178 في شأن مركز البحوث والدراسات الكويتية تنص على أن يقوم المركز بجمع وحفظ مختلف الوثائق والدراسات المتعلقة بالعدوان العراقي على الكويت عام 1990 من كل المصادر وأن يتناولها بالتحليل والتقصي العلمي الدقيق وينشر ما يتعلق بذلك العدوان الغاشم توثيقا لأهدافه وآثاره وتداعياته.