بيروت - عمر حبنجر ووكالات
وضعت تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي المسيئة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ولبنان في حالة حرج شديد تجاه المملكة العربية السعودية والامارات وتحالف دعم الشرعية في اليمن ودول الخليج عموما، مكررا بذلك فعلة وزير الخارجية السابق شربل وهبة والتي كلفته وجوده في الحكومة.
فقد أعربت وزارة الخارجية في بيان لها أمس عن استنكار ورفض الكويت الشديد للتصريحات الإعلامية الصادرة عن وزير الإعلام اللبناني تجاه المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة الشقيقتين والتي اتهم فيها البلدين الشقيقين باتهامات باطلة تناقض الدور الكبير والمقدر الذي تقومان به في دعم اليمن وشعبه، والتي لم تعكس الواقع الحقيقي للأوضاع الحالية في اليمن وتعتبر خروجا عن الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية وتغافلا عن الدور المحوري المهم للمملكة والامارات والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن. وقد استدعت وزارة الخارجية القائم بالأعمال اللبناني هادي هاشم وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تتضمن رفض الكويت التام لهذه التصريحات التي تتنافى مع الواقع ولا تمت للحقيقة بصلة وتتعارض مع أبسط قواعد التعامل بين الدول.
من جهته، عبر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية د.نايف الحجرف عن رفضه التام جملة وتفصيلا لتصريحات قرداحي التي تعكس فهما قاصرا وقراءة سطحية للأحداث في اليمن.
واستنكر الحجرف في بيان تعرض الوزير اللبناني لكل من السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية والإمارات خلال حديثه متهما إياهما بالاعتداء على اليمن، في الوقت الذي يعمل التحالف العربي لدعم الشرعية على إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية في سبتمبر 2014. وطالب الحجرف وزير الإعلام اللبناني بالرجوع إلى الحقائق التاريخية وقراءة تسلسلها ليتضح له حجم الدعم الكبير الذي تقدمه دول التحالف لدعم الشرعية للشعب اليمني بهدف الوصول إلى حل شامل للأزمة اليمنية وفقا للمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار اليمني وقرار مجلس الأمن رقم 2216. وأعرب عن استنكاره لدفاع قرداحي عن جماعة الحوثي الانقلابية في الوقت الذي يتجاهل تعنت الحوثي ضد كل الجهود الدولية الرامية لإنهاء الأزمة، وفي الوقت الذي تستهدف جماعة الحوثي السعودية بالصواريخ والمسيرات، كما تستهدف الجماعة أبناء الشعب اليمني الأعزل وتمنع وصول المساعدات الإغاثية للمناطق المنكوبة.
كذلك استدعت وزارتا الخارجية البحرينية والإماراتية سفيري لبنان لديهما وسلمتاهما مذكرتي احتجاج عبرتا فيهما عن استنكارهما الشديد للتصريحات.
وأعربت وزارة الخارجية البحرينية في بيان صحافي، عن استنكارها الشديد لتصريحات قرداحي «وما ساقه تجاه مجريات الحرب في اليمن من ادعاءات باطلة تنفيها الحقائق الموثقة والبراهين المثبتة دوليا».
وقالت ان «الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي الإرهابية بحق الجمهورية اليمنية وشعبها الشقيق واعتداءاتها المستمرة على المملكة العربية السعودية منذ انقلابها غير الشرعي على الحكومة تدحض هذه التصريحات غير المسؤولة التي خالفت الأعراف الديبلوماسية ومثلت إساءة مقصودة لدول تحالف دعم الشرعية في اليمن وتجاهلت المبادئ والقيم التي تحكم العلاقات الأخوية بين الدول العربية».
واعتبرت وزارة الخارجية الاماراتية هذه التصريحات «مهاترات تتنافى مع الأعراف الديبلوماسية وتاريخ علاقات لبنان مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن، وتنم عن الابتعاد المتزايد للبنان عن أشقائه العرب».
وفي السياق، زار السفير السعودي في لبنان وليد البخاري سفير اليمن عبدالله الدعيس الذي قال بعد اللقاء: «سأتوجه إلى وزارة الخارجية اللبنانية لتقديم احتجاجنا على ما صدر عن وزير الإعلام ونحن نستنكر هذا الكلام». واعتبر ان توضيح قرداحي تعليقا على الفيديو الذي وردت فيه الاساءة، أمس الأول «زاد الطين بلة إذ لم يقدم أي اعتذار بل أكد على ما أدلى به». بدوره، كرر البخاري دعم بلاده «للشرعية في اليمن لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي، وفقا للمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216». كما ادان «مواصلة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران للأعمال العدائية والعمليات الإرهابية بإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية» في السعودية، واستخدام السكان المدنيين دروعا بشرية، وإطلاق القوارب المفخخة والمسيرة عن بعد، يمثل تهديدا خطيرا للأمن الإقليمي والدولي.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، سارع لمحاولة تطويق تداعيات الأزمة مؤكدا أن كلام قرداحي مرفوض، ولا يعبر عن رأي الحكومة إطلاقا، وأعلن في بيان «تمسك لبنان بروابط الأخوة مع الدول العربية». وأضاف أن موقف قرداحي ورد في مقابلة جرت قبل اسابيع من توليه منصبه و«لا يعكس موقف الحكومة إطلاقا لاسيما ما يتعلق باليمن والعلاقات اللبنانية - العربية بخاصة المملكة العربية السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي»، مؤكدا الحرص على نسج أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية رافضا أي تدخل في شؤون المملكة الداخلية.
ولاحظت مصادر متابعة مع سفير اليمن، أنه لا قرداحي ولا ميقاتي، ولا وزارة الخارجية، اعتذروا عما حصل، وهو وفق المصادر، أقل المطلوب، ما يعني انه مرشح للتفاعل السلبي.
فقد رفض قرداحي خلال اجتماعه بالمجلس الوطني للإعلام أمس، الاعتذار، وقال: لا يجوز ان يكون هناك من يملي ما يجب القيام به، وقد يكون كلامي قد احرج رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ولمن طالبني بالاستقالة له اقول: «أنا الآن جزء من الحكومة، ولا يمكن أن اتخذ القرار بمفردي..».
بدورها، جددت وزارة الخارجية اللبنانية أمس تأكيد إدانة «الهجمات الإرهابية» التي استهدفت المملكة، مشددة على الموقف اللبناني المدافع عن أمن الخليجيين وسلامتهم والرافض لأي تدخل في سياساتهم الداخلية أو الخارجية. وذكرت الوزارة في بيان أن لبنان يكن كل التقدير والاحترام للشعوب الخليجية، مبينة أن الحكومة اللبنانية متمسكة «بروابط الأخوة مع العرب». واعتبرت النائبة رولا الطبش، عضو كتلة «المستقبل»، ان حظ لبنان سيئ مع متسلقي سلطة يكنون حقدا أسود ضد العرب، فيورطونه بأزمة تلو الأخرى.